السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا ومرحباً عم أبو فارس 🌷
سُلَّم الصعود إلى الهاوية
قد يُخيَّل إلينا أن السقوط فعلٌ لحظيٌّ، نتيجة زلّة قدمٍ أو خطأ عابر
لكن الحقيقة أعمق من ذلك، إنّه مسارٌ متدرّج يصعد فيه الإنسان والمجتمع على درجاتٍ وهمية
يحسبونها ترتقي بهم إلى الأعلى، لكنها في الواقع تهوي بهم نحو القاع
هذا المسار عبارة عن سُّلَّم بثلاث درجات: الجهل، الفقر، والفساد
كلها مترابطةٌ بحيث تفضي إحداها إلى الأخرى، في دوامةٍ لا نهاية لها إلا بالتحرر من قيودها.
تشبيه لفظي اكثر من رائع ، وهذا مايُسمى بالأمل الزائف الذي يرسمه الشيطان
في طريق الانسان وهو بالحقيقة يقوده الى المهالك ،
الجهل: المسار الذي يخطئ الطريق إلى المعرفة
الجهل ليس مجرد غياب المعرفة، بل هو تغييبها المتعمد أحيانًا
اتفق معكم ، فعلاً هناك جهل مُتعمد كأن العلم والتعلم هو عدو لدود !
هو القبول بالظلام بدلًا من النور، والتسليم بالأجوبة الجاهزة بدلًا من طرح الأسئلة
حين يسود الجهل، يصبح العقل عبئًا والفكر خطرًا والحقيقة عدوًّا
ينشأ الجهل حين تُحرّف القيم، فيصبح الصمت حكمةً والخضوع طاعةً والسؤال بدعةً
وهكذا، تتضاءل قدرة الإنسان على إدراك حقوقه أو مساءلة الواقع أو حتى الحلم بتغييره.
احسنتم الوصف الدقيق لهذه الآفة المجتمعية ، التي نرى اثارها في كل مكان :(
الفقر: قيدٌ يُكبِّل الإرادة
حين يُرسَّخ الجهل، يأتي الفقر كتحصيل حاصل
الفقر ليس نقصًا في الموارد فحسب، بل هو إفقارٌ مُمنهَج للعقل والروح
إنه حرمانٌ يُوَلّد العجز وخوفٌ يقتل الطموح
في مجتمعٍ يعاني الفقر، يصبح الإنسان مشغولًا بكيفية البقاء لا بكيفية التغيير
نعم ، الفقر اسوء ماقد يواجه الانسان بعد المرض ..
ويُدفع إلى قبول أبسط أشكال الحياة، فقط كي لا يفقدها تمامًا
الفقر يسلب المرء قدرته على الرفض، ويجعله أكثر قابلية للخضوع لكل من يملك الثروة
فيتحول إلى أداةٍ في يد من يتحكم في لقمة عيشه.
فبالتالي هنا الامر ليس عائد اليه ، انما فرضت بيئته عليه ذلك ،
ونشأ في وسط الحرمان المادي والثقافي ، واضيف ايضاً ان هناك انواع من الفقر تاتي بعد الغنى
فكم من صاحب منصب ومكانة دار عليه الزمن ليضعه موقف الفقراء ، هنا العاقل من سيرضى بقضاء الله ويعلم ان غناه في نفسه ، والجاهل وما ادراك ما الجاهل وماسيصنع !
الفساد: سرطانٌ يلتهم ما تبقّى من الأمل
حين يجتمع الجهل والفقر، يكون الفساد النتيجة الحتمية
الفساد ليس مجرد سرقةٍ أو محسوبية، بل هو منظومة تُشرعن الظلم، وتحوّل الانحراف إلى قانون
إنه المنطق الذي يجعل المستغِلَّ قويًّا والمظلوم متهمًا
والذي يحوّل السُلَّم الاجتماعي إلى أداة صعودٍ للأقل كفاءةً، وسقوطٍ للأكثر استحقاقًا
الفساد يجعل العدل استثناءً ويحوّل الحقوق إلى امتيازاتٍ تُمنح لمن يدفع أكثر أو يرضخ أكثر.
وهكذا، يكتمل السُّلَّم وبدل أن يكون وسيلةً للرقيّ، يصبح دربًا إلى الانحدار
لا فُض فوك 👏🏻
لكن، هل هو مصير محتوم؟ لا، لأن إدراك طبيعة السقوط هو أول خطوة نحو النهوض
مواجهة الجهل بالمعرفة والفقر بالإنتاج والفساد بالعدل، هي وحدها الوسائل القادرة على كسر هذه الحلقة الجهنمية
فالصعود الحقيقي لا يكون إلا عبر العلم والحرية والعدالة، أما غير ذلك، فليس سوى سقوطٍ متنكرٍ في هيئة صعود
تطرق مميز في وصف الحلول ، واعطاء الامل ، نعم
فبالادراك يبدأ العقل بالفهم ، فهو نقطة بداية واكتشاف الانسان لافعاله واقواله بعد ان كان
منغمساً في سلوكياته التي يظن انها صحيحه .
في رأيك :
- هل الجهل اختيار فردي، أم أنه نتاج منظومة تُكرّسه عمدًا ؟
الانسان محكوم بتربيته وتنشأته ، وبما يتم تعليمه وتلقينه ،
بعض الاسر مع الاسف ولحد الان ترى ان التعليم ممنوع على الفتيات بحجة الخوف عليهن
من الذهاب للمدرسة ! عُذر اقبح من الفعل هه
واما كمنظمات فلا حصر لها ! اصبح الاطفال سلعة بيد اشخاص عديمي الضمير
تراهم يتسولون في الطرقات ويغضبون اذا لم يتم اعطائهم المال
حتى انهم شكلوا منظمات خاصه للعمل والكسب بهذا النحو
لكن المشكلة الكبرى اذا اختار الانسان هذا الطريق بمحض إرادته ! بسبب تشتت الاسرة
واتباع اصدقاء السوء
- هل يمكن القضاء على الفساد في مجتمعٍ يعاني الجهل والفقر، أم أن محاربته تتطلب إصلاحًا شاملًا يبدأ من جذور المشكلة ؟
امر صعب جدا ً، فمن شب على شيء شاب عليه ، حتى الفقر صرنا لانعرف الفقير حقا من المخادع
- ما الدور الذي يلعبه كل فرد في تفكيك هذا السُّلَّم ؟ وهل الإرادة الفردية قادرة على كسر هذه الحلقة، أم أن التغيير يحتاج إلى حركة جماعية ؟
طريقة طرح السؤال والاجابة عليها بصيغة سؤال جعلت الموضوع سلسا وبدون تكلف ،
رائع جداً عم ابو فارس ، بالتاكيد يحتاج حركة جماعية وبناء من الاساس
ربما ينفع في انشاء المجمعات السكنية واختيار من يسكنها ، لكن بنفس الوقت ستبقى المشكله قائمة لدى الاغلبية ، حتى ان تم جمع هؤلاء الاشخاص ورعايتهم سيبقى الجهل متاصل فيهم لانهم جُبلوا عليه ، مثل هناك فتاة صغيره تعودت على السرقه ، وتم اخذها لمكان لرعايتها وتوفير كل شيء لها ولكنها استمرت تسرق ، الامر فقط اصبح عاديا وطبيعيا
- هل نحن مدركون فعلًا لموضعنا على هذا السُّلَّم ؟ أم أننا نصعد بثقة نحو الهاوية دون أن نعي ذلك ؟
بعض الاحيان نمر بهكذا مرحلة ولو مرة واحدة في حياتنا ، ومن ثم ينقذنا لطف والله وكرمه ..
آمل أن يرقى أول موضوع لي هنا إلى المستوى الفكري الرفيع لمنتدى النقاش الجاد
وشكرا لكل من منحني بعضا من وقته لقراءة طرحي المتواضع
وكلي شغف وفضول لمتابعة ردودكم القيمة.
أبو فارس
🌷
سعيدة جداً بهذا النقاش الوفير ، لقد ربحنا قلما جديدا مميزاً بفكر فذ ،
اهلا بكَ معنا ، تحياتي 🌷