إقتباس لمشاركة: @سلمى07 21:13 - 2024/06/14
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تحية طيبة لرواد الجاد ⚘
++ ولك مني التحية والاحترام، ولفكرك الراقي
ما أبشع الحياة، وما أبأس وجهها حين تعيش نصف إنسان لا تمارس كامل إنسانيتك في الحياة.
حين تعمل نصف وظيفة لا ترقى لمستوى طموحاتك..
أو حين لا تترك كوامنك الداخلية تمارس وظيفتها مع الآخرين كما يجب، فتعيش مبتور النفس..
++ اعتزل الوظيفة ببساطة؛ اعتزل مايؤذيك، هذا رأيي وهذا ظني، والله أعلم، فكثير من الوظائف اليوم أصبحت تفتقد مفهوم “ الرسالة” وأصبحت لا تحمل غير المفهوم المادي ( الدخل المادي) وهذا راجع إلى عوامل عديدة، كثير منها ليس لنا فيه حيلة ولا يد، فالكل في الندوات يتحدث عن رسالة التعليم مثلا، بينما الواقع شيء آخر، وهو واقع أملته الظروف المحيطة بالتعليم، كالمناهج التي تحد من دور المربي فتجعله مجرد مشرف يخاف أن يربي أو ينصح… يخاف أن يسأل أو يحاسب، ولنا في الأساتذة الذين عرضوا على القنوات خير دليل وخير عبرة .. هذا التعليم مثال للذكر لا الحصر. ولكن ذلك لا ينفي عن المخلصين إخلاصهم ولا ينفي الإنسانية عن الإنسان، فهناك من ينصح ويستعد للمساءلة، وهناك من يخرج عن خطوات الدرس أحيانا لأنه يرى أن الفهم لا يحصل… طبعا هذا في حد ذاته صراع وحرب نفسية داخلية بين الإنسان والموظف في الشخص عينه.
فإن رأى الإنسان ( لا الموظف) أن الوظيفة ترهق إنسانيته وتخالف مبادئه وتمتهن كرامته فلابأس أن يستقيل منها، ومن كان سرزقه قبلها سيرزقه بعدها وأنا عن نفسي أفكر جدياةفي الاستقالة، وما يمنعني ليس الخوف من الرزق - معاذ الله- ولكنه الأمل في أنني يمكن أن أكون سببا في تغير شخص واحد إلى الأفضل، وهذا ما حصل، وأذكر أن تلميذة درستها كانت تخاف من الرسوب فذكرتها بأن الرسوب قد يكون انطلاقة جديدة صحيحة خير من نجاح يعمي عين صاحبه، وبالفعل رسبت وأقبلت هذه السنة المنقضية بروح جديدة وعزيمة مضاء وكأنها أديبة أو شاعرة أو ناقدة، والحمد لله أنني كنت من درسها هذه السنة أيضا وهي تكن لي احتراما وتقديرا أذهب الله به ما وجدته من تعب وصراع ، وفارقتني في آخر حصة بالدموع والأحضان وهي تقول ( لقد كنت العنصر المؤثر في حياتي يا أستاذ) وسط دهشة ممن يرون التلميذ رقما واسما في قائمة نداء أو دفتر تقويم!
أنا - عن نفسي- أرى أن الإنسان قد يغير في وظيفته بالرغم من كل العوامل، وأن الطموحات التي يصبو إليها من وظيفته أكبر من أن تطوحها الوظيفة، بل إنها أمر يمكن أن يغير حيثيات المعركة التي تنشا من معارضة الوظيفة للطموحات . فابن منظور مثلا رفض أن يجعل من إعراض الناس عن اللغة العربية في عصره سببا يدفعه للتراجع عن جمع “ لسان العرب” وتصنيف مواده، والنتيجة كانت أعظم مرسوعة لغوية عربية اسمها “ لسان العرب”
بل إن قارئ مقدمة المعجم سيعرف أن تلك الظروف الصعبة كانت دافعا أقوى لابن منظور ليضطلع بتلك المسؤولية ويحمل على عاتقه المضي في أمر عظيم كجمع ما تفرق من مواد هذه اللغة العظيمة ( كما بين في مقدمته) دون جزاء أو شكور من بشر في تلك الحقبة، أخلص لله فأحيا الله ذكره.
"“تقتات ببضع مشاعر، وتمنح بضعها.. تتعاطى ببضع أحاسيس، وتمنح بضعها.. وربما ما نلت شيئا وما منحت شيئا، وعشت مبتورا طيلة حياتك وأنت لا تدري..”"
++ نعم قد لا يجد المرء ( في كثير من الأحيان) من الطرف الآخر ( زوج، صديق ، أخ …..) ما يتوافق مع مفهومه للعلاقات، هذا اختلاف ثقافي بالدرجة الأولى، ولكن ذلك في الحقيقة أمر طبيعي جدا لمن يفهم الدور المنوط به في العلاقة. أما تلك الخيبة التي ربما يشعر بها المرء فقد تكون دافعا أكبر للعطاء يجعله هو الطرف الأقوى في المحافظة على العلاقات، وهي تضحيات ألم بها الأب وألمت بها الأم والزوج والزوجة …. فقبلوا بالتضحية في سبيل المحافظة على أمر أقوى وسالة أعظم من الأشخاص، رأيت الزوج الذي يحتوي جهل زوجته وجفاءها في سبيل المحافظة على العائلة، بل إنه يشفق عليها ويحنو، وهذا لم يزده إلا عظمة في عيني، لا تعتقدي يا أخت سلمى أن العلاقات المتينة لا تأتي بدون تضحيات مهما كانت تلك العلاقات، فإما أن تكون جديرة بالتضحية فيضحي الأعلم بحجمها وإما أن تكون خسارة يجب الحد منها .
“”قد لا يدرك المرء تمام الأشياء وكمالها، حتى يكتشف ضدها، وربما ناطحه الندم وبدد عليه سعادته..""
اعذري قصر فهمي فلم أقف على المقصود هنا .
“”ذات صدفة حين تكتشف الكمال الذي لم تمارسه، سيقف عقلك غير مدرك هل يتحسر، أم يندم، أم يرضى؟""
أنا أرى أن الكمال ليس شيئا يمارسه الإنسان، إنما هو صفة لا تتحقق لمخلوق أبدا، مهما كان سعيه، ويبقى التفاوت في السعي نحو الكمال هو ما يصنع الكمال النسبي لدى الإنسان، لذلك قد يكون ذلك الكمال الذي تقفين عليه في غيرك ربما أو في موقف معين، تعتريه نقائص وتضحيات لم تبد لك من زاوية نظرك، فالرائي سلطان كما يقال
“”لتعيش سعيدا عليك أن تعطي لكل حق حقه، وقدره.""
+++“” أكيد! …. يجب أن نعطي لكل ذي حق حقه وألا نعطي لشخص فوق قدره الذي ارتضاه لنفسه، فحينها سيتجرأ على الانتقاص منا "
“”كأن تمارس الوظيفة التي تحبها، فتبدع فيها وتنجح فيها، وتعتلي قمتها، دون أن تدرك أن غيرك قرأ قانون العمل ولم يصل لما وصلت له، وأنك لم تصل لما وصلت له إلا بحبك للعمل. وأن كل تلك القوانين المسطرة كنت تعمل بها دون كلل أو ملل، وأن أحدا لم يملي عليك ما يجب وما لا يجب، لأنك تحب عملك فأتقنته واقتربت من الكمال.""
++++ أحسنت حب العمل يتفوق على كل قراءة لقانون أو لوح أو تعليمة، فذلك كله نسبي قد يتغير، أما حب العمل فدرجة لا يصل إلها كل الممتهنين، ودافع أسمى من كل دافع، وإلا ما رأينا العالم يبذل نفسه ويذوب في سبيل رسالته ثم يتعرض للإهانة والمطاردة والنفي ممن وضعوا القوانين واللوائح أنفسهم، ثم يخلد التاريخ ذكرهم ويدفن جلاديهم
“”وكذلك في بقية زوايا حياتنا، لو لم نحب ما نعمل لما أتقناه. لو لم تحب أصدقائك ما استمتعت برفقتهم وما بذلت او بذلوا جهودهم للوفاء لهذه الصداقة، ولو لم تحب أسرتك ما منحتهم اهتمامك وعطفك وكل حاجاتهم.
ولو لم تحب عملك ما أتقنته.""
++ +++ ذلك يدعم ما تكلمت عنه وما عرضته من أمثلة سابقة.
تساؤلاتي:
إن أسوء ما نعانيه في مجتمعاتنا العربية للأسف، عدم وصولنا أو سعينا أو رغبتنا بالكمال، لطالما رضينا بنصف وظيفة، ونصف صديق، ونصف حب، ونصف حياة.
لماذا لا يربى الفرد العربي على بذل كل ما عنده للعطاء؟ ولماذا لا يربى على إتقان ما يعطيه؟
الجواب:
- هذا سببه الساسة الذين يضعون القوانين والأعراف، والذين يحددون المكانة الاجتماعية للعامل أو الموظف، فمع الموقت سيدرك العامل أن عطاءه سيقابل بالجحود وأن إلمامه سيتساوى مع الحد الأدنى من المعرفة لدى أقرانه، وبهذا سيتكون ذلك الفهم ( اخدم على ڨد صواردك) ولكن هذا لاينفي وجود حالات من الذين أبوا أن يوافقوا العرف والمعهود، فوجب على الله أجرهم.
نحن نتلقى الحد الادنى من حاجياتنا، فنمنح الحد الأدنى مما نملك، لهذا بقينا نصف مجتمع، ونصف أمة، تسير إلى الضعف راضية.
هل برأيك تكمن القوة في العطاء والأخذ الكامل غير المبتور؟
الجواب:
- لا أقول أنه مكمن القوة، ولكن أقول أنه ما يحدد كون الإنسان إنسانا أو آلة.
شكرا لكل من قرأ وتواجد.
- ولك الشكر على هذا الموضوع الرائع، الذي وضع الملح على الجرح