السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة وبعد،
***
بداية أحب أن أشكر سلمى المشرفة،
على تخليها عن طاقية الإشراف لبعض الوقت،
حتى تسمح لسلمى الكاتبة بأن تأخذ قلمها المميز
وتخط لمتابعيها وهم كثر هذا الإبداع المتجدد.
طرق واقعنا العربي أغلبها معوجة للأسف الشديد،
حتى صار الاعوجاج هو الأصل والاستقامة استثناء..
ماذا نفعل عندما نكون أمام واقع مخالف لما يجب أن يكون؟
ولنضرب مثالا حتى لا يبقى الكلام على المستوى النظري فقط :
ذهبتَ الى مصلحة حكومية لاستخراج وثيقة ما
ووجدتَ أن العرف في تلك المصلحة ان تعطي رشوة وإلا فلن تقضى مصلحتك..
هذا طبعا موقف ينتابك فيه إحساس بالظلم لانك لا تطلب سوى وثيقة إدارية من حقك
ورغم ذلك يتم مماطلتك بمختلف الاعذار لدفعك للاستسلام لواقع الحال..
هذا الإحساس بالظلم يمتزج مع إحساس آخر بمحاولة مكشوفة ل"سرقة" مالك
من طرف موظف يُفترَض أنه في خدمتك وأنه يأخذ مقابلا ماديا من الدولة على وظيفته.
فماذا أنت فاعل في هذه الحالة ؟
هل ستعمل بمبادئك وتفضح هذا الواقع المعوج،
أم أنك ستتنازل عن مبادئك ثمنا لقضاء مصلحتك ؟
هناك آية قرآنية كريمة تشكل سنة إلاهية لأهل الإيمان وهي قول الله تعالى :
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
إذا استسلمتُ للواقع المعوج بدعوى أن الأمر مستفحل والتيار أقوى مني
ولستُ أنا من سيصلح العالم، فعندها أكون قد تصرفتُ بسلبية مقيتة..
نعم إذا ما فعلت كل ما بوسعي لتغيير هذا الواقع، وبقي الحال رغم ذلك على ما هو عليه،
عندها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وفوق طاقتك لا تلام..
لكن إذا رضيت بواقعي المعوج، ولم أستنكره ولم أقم بأي شيء لتغييره في حدود استطاعتي بالطبع،
فعندها لن أكون مجرد مستسلما له بل خاضعا وخانعا وذليلا ويصدُق في الأثر الشهير :
"كما تكونوا يُوَلَّى عليكم"
تحياتي.