السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة لجميع رواد الجاد ⚘
الله يحييك ويبارك فيك
مشكلة الإنسان الأولى والأخيرة تبدأ بمجرد لقائه مع الآخر!
منذ نعومة أظافره، ومع أول لقاء بأمه، يبدأ صراعه مع الآخر،
فهو ومع أول اتصال بينه وأمه يظنها ملكه، أو جزء منه، فمن رائحتها يستمد الأمان،
ومن حليبها يشبع غريزة الجوع، ومن صوتها يعرف الحياة.
يبدأ صراعه حين تبتعد عنه، وغالبا ما نلاحظ أن أغلب الرضع يبكون بمجرد وضعهم في السرير،
أو استيقاظهم بعد نوم عميق فلا يجدون أمهم بجانبهم.
هنا يحدث الفزع، والحنق على الواقع، وغالبا ما يعبَّر عنه، بصراخ وبكاء.
أحسنت في التعبير،
نستطيع أن نتحدث في هذه المرحلة العمرية عن صراع إثبات الذات
فالرضيع يأتي إلى هذه الدنيا مسلّحا فقط بسلاح الصراخ
وهو لا يتورَّع عن استخدام هذا السلاح الصوتي كلما شعر بأن اهتمام محيطه بذاته قد قل
فيقوم عندها بإرسال قاذفات صوتية من نوع آر بي جي هههه ليذكر جميع من يحيط به
بأنه هنا وأنه أول الأولويات في المكان.
. . .
حين يكبر الأطفال يلتقون بأقرانهم، ويكون اللقاء مع الأخوة هو أول لقاء،
وغالبا ما نجد أن الآباء يجدون صعوبة كبيرة في إيجاد حل يرضي جميع الأطراف،
فالأولياء بالتحديد هم الذين يعرفون معنى الالتقاء مع الآخر، وصعوبة العيش معه!
إنهم يحسسونهم غالبا بالضعف، وبأنهم لا يعرفون مكامن التربية
حين لا يستطيعون إيجاد طرق للانسجام وإرضاء الجميع.
في هذه المرحلة العمرية نستطيع الحديث عن صراع إثبات الحق
فالطفل بعد أن يعي محيطه ويستوعب أنه فرد في مجموعة الأسرة يصبح
صراعه كله في أن يُهضَم حقُّه داخل المجموعة الأسرية.
. . .
يتلوها خروج الطفل للعالم الخارجي،
وتعد المدرسة أول فضاء اجتماعي يتعلم فيه الطفل القيم والقوانين الاجتماعية،
وغالبا ما يرتطم: بلا.. واسكت.. واجلس.. وابتعد..
وكثيرا ما يلاقي المعلمون مشاكل في تأقلم التلاميذ الجدد بالخصوص، مع أقرانهم.
ينتقل بعد ذلك الجميع إلى فضاءات مختلفة في الحياة،
فيعيشون كل أنواع المشاعر والصفات: يتذوقون من الظلم والقهر،
والخيانة والتعالي والتكبر، وكذا الصداقة والحب والتعاون والاتحاد..
مستحيل أن يتعلم المرء شيئا من الحياة، وهو يعيش لوحده في عالم خاص،
لابد وأن يختلط بالآخرين، ويتعايش معهم، فبهم ومعهم تستمر الحياة.
هنا تبدأ مرحلة صراع إثبات الوجود في دنيا مليئة بالذئاب والوحوش
إن أول وآخر عدو للإنسان هو (الآخر) هذا الذي قد يأخذ بيده للجنة أو الجحيم.
لجنة الدنيا أو الآخرة، وجحيم الدنيا أو الآخرة والعياذ بالله.
. . .
في كل مرحلة عمرية ستجد لنفسك أصدقاء جدد، وأقارب جدد، ووجوه جديدة ستحيطك من كل الجهات..
الآخر هو من يسلبك راحتك، من يلقنك الطعنات، من يدخلك في دوامات، من يسكنك الكوابيس..
الآخر فخ، فخك الكبير في الحياة
الآخر صفة تطلق على كل من يحيط بك، كلٌّ يترك بصمته العميقة فيك، ويذيقك من كل ما لا تريده.
الآخر فخك الكبير الذي أنت مضطر لتحبه وتتعامل معه وتعيش معه.
وما قيمة الحياة بدون الآخر ؟
وجود الآخر في حياتنا هو من يعطي لها طعم ومذاق،
خلقنا الله وأودع فينا طاقة للحب، فأين سنصرف هذه الطاقة إذا لم يكن في حياتنا الآخر ؟
صحيح قد نصطدم مع الآخر وقد نختلف معه وقد تتطور الأمور إلى أن نتشاجر معه لكننا لا نستطيع العيش من دونه،
واسألي من حكمت عليه الظروف أن يعيش وحيدا
قد يكون الآخر فخاً وشَرَكاً لنا
لكن بالمحبة والمودة نستطيع أن نجعل منه أجمل الشِّراك.
أحييك سلمى على هذا الإبداع
وأتمنى لك أطيب المنى🌺