السـلام عليـكم و رحمة الله و بركاته

اليوم سأتقاسم معكم أعزائي ، عزيزاتي واحدة من ذكرياتي الأشد ألما و حزنا ...

 يوم ممطر ، بالكاد تلمح أطياف المارة ممن أجبرته ظروف العمل على الخروج والترجل على جنبات الطريق، وجوه متجهمة ساخطة كأنما تلعن موسم المطر وتستجدي لهيب شمس تنساب خيوطها على سحناتهم، في حين، كنت أنا هناك مع أخي جمال، نلعب الكرة تحت المطر كعادتنا، نغمر أنفسنا بالوحل ونغوص في برك مياه الامطار المتسخة بأحديتنا المطاطية، بالكاد نستوعب ما يحدث في منزلنا، فقد كنت في السادسة من عمري بينما كان أخي في الخامسة من عمره، حركة دؤوبة هنا وهناك، أختي فاطمة التي تمر من أمامنا مهرولة باتجاه منزل جارتنا الحاجة فطومة " رحمها الله " لم نستوعب ما يحدث من حولنا، بل استغللنا فرصة انشغال الجميع وظللنا نلعب بالطين ونتمادى في تلطيخ ملابسنا بالوحل و نقدف الكرة هنا و هناك بلا هوادة ، فأبي مسافر الى العاصمة للعمل، وأمي التي اعتادت توبيخنا ومعاقبتنا لم تظهر اليوم، ولم تطل علينا كعادتها من النافذة..

هاهي ذي أختي فاطمة قادمة من بعيد رفقة الحاجة فطومة، وعلى غير عادتها لم تلقي علينا التحية ولم تقدم لنا الحلوى و السكاكر، استغربت من موقفها ومن وجهها المتجهم المغمور بشحنات الخوف والجزع، أسرعت ولحقت بها الى الردهة، أمسكت بساقها وسألتها : ماذا يحصل يا خالة فطومة ؟؟؟... وأين هي السكاكر ؟؟؟ " بالكاد تمتمت بصوت مختنق : " ليس الان يا ابني ... ليس الان " قبل ان تندفع الى غرفة امي وتقفل الباب وراءها، لحقني أخي جمال وهو يلح علي ويصر أن نعود للعب بعد أن صنع حلوى الطين المزينة بالحجر، فقد كان يعلم أنها لعبتي المفضلة ولربما تغويني فكرته للعب معه، لكنني رفضت وظللت متسمرا أمام باب الغرفة، فجأة تخرج أختي مهرولة الى الشارع، لحقت بها وأنا لا أنفك أسألها عن الذي يحصل، لكنها لم تجبني بل ظلت تجوب بناظرها في الشارع بوجهها المتجهم ، الى ان لمحت سيارة أجرة، تشير اليه بالتوقف وتنعت له المنزل، في حين عدت أنا الى المنزل علي أجد الاجابات لدى أمي، أسرعت الى غرفتها، طرقت الباب وأنا اصرخ وأبكي، فجأة تخرج الحاجة فطومة من الغرفة وفي يدها سلة كبيرة، رمقتني بنظرات مغمورة وربتت على كتفي راسمة ابتسامة حزينة، سألتها عن أمي ولماذا لا يسمح لنا برأيتها .. فأجابتني أنها بخير وأنها نائمة، فجأة يقع بصري على السلة، فأسألها مجددا عن فحواها، ولكم كانت أحاسيسي متضاربة عندما نظرت الى محتواها، فتاة صغيرة بجمالها الملائكي وعينيها الصغيرتين المغمضتين كحبتي قمح، كانت في شهرها السابع أو الثامن، لفت في ملائة زرقاء، فأدركت أن أمي قد انجبت لي أختا صغيرة ألاعبها كما وعدتني سلفا، سألتها والسعادة تغمرني :" هل هي نائمة ؟؟؟ ... الى اين انت ذاهبة بها ؟؟؟ " اجابتني والحسرة تغمر لكناتها :" لا هي ليست نائمة يا ابنتي، لن أتأخر سأعود في الحال " بالكاد استوعبت كلامها، سيل جارف من الافكار يجتاح مخيلتي الصغيرة، للحظات اعتقدت بأنها تحاول الهرب باختي الصغيرة، كونها بلا أطفال، ظللت أمسك بساقها وأحاول ردعها، لكنها ظلت تجر خطاها الى ان بلغت سيارة الاجرة وصعدت على متنها لتختفي بين زحمة الطريق، ومع مضي الوقت أدركت أنها لم تكن نائمة، بل كانت متوفاة ... أدركت أيضا ان الحاجة فطومة لم تكن تحاول أن تسرقها بل أخدتها الى المقبرة لتواري الثرى، لربما يقول البعض انني قد كنت صغيرا على تذكر كل ذلك، لكنها محطة من محطات حياتي التي وكلما نزلت بها أجد ملامح أختي الصغيرة متناثرة بين جنباتها، لربما لم ألاعبها ولم أجالسها، لربما لم نلعب الغميضة، ربما لم أرافقها الى المدرسة، ولربما لم أسمع صوتها، لكنني قد رأيت وجهها وأحسست بها تتغلغل في كياني الصغير أنذاك، لو عاشت لكان عمرها الان ثلاتة عشر سنة ...
لكنها مشيئة الله سبحانه وتعالى ...والله ارحم جميع أمواتنا

بـقــلــــم
ب.أيمن

خاتمة : -وجهة نظر خاصة-

أجمل ما لمست في المجتمع الأمريكي وأنا أتابع سابقا تحضيراتهم لإستقبال إعصار ساندي هو تلك الروح الجماعية في العمل وما أثار إعجابي وجود عجائز يعملون بجانب الشباب على تعبئة أكياس الرمل
كأنهم يقولون نحن لسنا عالة على أحد نحن أقوياء فكما توفر لنا هذه البلاد متطلباتنا من سكن وتطبيب وعمل وتدريس جيد لأبنائنا وأحفادنا فنحن نرد لها جميل ما لقيناه منها

عكس ما نجده في مجتمعنا المغربي
الذي يصرح دائما " تفوتني غير أنا وتجي فين ما بغات " من هنا يتضح ضحالة الوعي في أبسط تجلياته.

ملاحظة أخيرة :القصة من وحي خيالي المحظ و لا تمت للحقيقة في شيء

 

الحلقة الأولى :

¤¦¤ قصص من وحي الماضي(1): سير أولدي تلعب حدا باب داركم ،،، متصدعناش الله يرضي عليك ¤¦¤

1

2

الحلقة الثانية :

 

¤¦¤ قصص من وحي الماضي(2) : حــكــايــــة الـســيمـــو و الــهــريــســة "نوستالجيا" D: ¤¦¤   الحلقة الثالتة : |¤¦¤| واحــــد الإنـقــــلاب فـــشــــكـــــااااال !! لعفو الله |¤¦¤| 1 2 3