

يحدث أن تتقطع بنا كل سبل محاولات تحرير النبض
من الغصات الموجعة ،
وتزداد الرغبة في المحاولة والمقاومة
وكسر قيود القدر التي لا ترحم
حتى لو حاول القلب قضم أطرافها
بوحشية التمرد....
وحين يتمكن الوجع من النبض
نبحث عن متنفس وآذان صاغية
كان يحكي لرفيق عمره أنه أحبها بصدق ولا زال يحبها ولكن الحواجز التي بينهما تحول بينه وبين قلبها
أخبره أنها جميلة ، وتفكيرها راقٍ وفائق وأنها تجيد دوما الإجابات الصحيحة بعيدا عن التهور والتسرع
مهما كانت طبيعة الاسئلة
وكلما شكا من حولها مشكلا تساعدهم على اتخاذ القرارات المناسبة
وأيٌ كان حين يطيل الكلام معها يشعر وكأنه مولود من جديد لأنه يستمد منها القوة والأمل
ولكن حين يتمعن في نظراتها يجد الشرود والعذاب....
وكلما حاولتً معرفة سر ذلك أقابلً بالغموض ،سألتها مرارا وتكرارا ويبقى الجواب كالمعتاد :
- لا شيء ....وكل شيء على ما يرام
تهمني كثيرا وتقلقني في نفس الوقت ولكن بات من المستحيل كسر حاجز الصمت،
وكل يوم أراها فيه أتأملها وعيناها فتزداد حيرتي ، أعيد السؤال ودائما نفس الجواب..
مرت أيام وشهور وتلك النظرات لم تتغير، كانت هي الأمل ،هي كل شيء ،وهي السعادة....
فسأله صديقه:
- ألم تفكر بمصارحتها بمشاعرك أولا ثم تحاول كسر حواجز الصمت ؟
- حاولت كثيرا وفشلت ولكن في آخر مرة خرجنا معا على الكورنيش ...تركتني وأخذت تتأمل أمواج البحر المتمايلة ....
راحت وراح تفكيرها ولم يبق معي سوى جسدها الجامد، فجلست بالقرب وتأملتها مطولا ، ثم ناديتها فلم تسمع ندائي..
أعدت النداء مرتين فالتفتت إليّ بنظرة كلها حزن... وبريق في مقلتيها يعبر عن مدى الوجع والعذاب الذي تعيشه ،
ثم جلست بالقرب مني ونظرت إلي طويلا ثم طلبت مني علبة كبريت !
قدمت لها العلبة فأخذت عودا منها وأشعلته ...التهب كله ثم انطفأ بعد لحظات وقالت:
- انظر إليه فأنا ونبضي مثله تماما ....
- كنت أظن أن هذه الكلمات البسيطة والعبارة الصغيرة ترمز إلى فكرة ما ، فأخبرتها بما كان يختلج فكري ....
وإذا بي أتفاجأ بقهقهة لم أكن أنتظرها أبدا !!!
ففكرت مجددا علني أجد احتمالات وخييارات أخرى ثم قلت لها
- أنتِ لا تثقين بي ، بل لا تثقين بكل من حولك فأجابت :
- للأسف لم ولن تفهمني ، وليس من عادتي أن أفسر كلامي ولكنني سأوضح لك
- لم تعد لي رغبة في الحياة فكل آمالي وأحلامي ضاعت في مهب الريح ،وضاع حبي وإحساسي معها وتاه نبضي
فهل فهمتني ؟
- أجبتها بنعم ، فهمت قصدك وسر عود الكبريت وتلك النظرات ...الأمل والألم ممزوجان !!
لقد عشتِ لحظات أليمة وأخرى بنسمات أمل ولكن لِمَ اختفى الأمل ؟
- أي أمل هذا ؟ فات الأوان فقد يئست من الحياة وبت أمقتها ولم أعد أهواها كما كنت في السابق ..
أحببت بإخلاص ولكن هذا الاخلاص لم يكن متبادلا ...أحببت يوما وانتهيت اليوم إلى أن الحياة أفضل وأجمل بدون شريك
هل تدرك كم هو موجع أن تبصرَ عيناك من وهبتهم جزء من حياتك وهم يتغيرون كما تتغير جلود الحيات ؟؟
- قلت أقدر مشاعرك ولكن حاولي مجددا
- قالت: لا لن أحاول لأنني سأفشل ..فذلك هو عشقي الأول والأخير إلتهب وإلتهبت معه وانطفأت
تلك هي قصتي ، قصة نبض وعود كبريت
نبض إلتهب وإلتهب معه الوريد
واحترقت كل المشاعر والذكريات الجميلة معه
فكيف لي أن أفكر بالمحاولة مجددا ؟؟
هل للرماد حياة أخرى
وفرصة للعيش مجددا ؟؟!!!
