
أحب أن أراه....
أعشق الذهاب إلى مختبر الحاسوب فقط لأتأمل وجهه الملائكي....
كنت أشعر بوحدة غريبة
وبضيق شديد
يأخذني إلى الهاوية
ودنيا الشقاء....
ولكن....
حين أفتح باب المختبر
وأراه جالساً خلف جهاز الحاسوب يكتب وهو سعيد...
أشعر بفرح كبير...
كنت أتخذ لنفسي مكاناً قريباً منه لأرى ماذا يكتب؟؟
وما الذي يجعله سعيداً بكتاباته لهذه الدرجة....؟؟
ولكني مللت التهرب من حبي له وارتياحي الشديد لرؤيته...
فتقدمت منه بكل جرأة...
وقلت له:
هل تأذن لي بمجالستك؟؟؟
فأجاب الشاب الخلوق:
على الرحب والسعة...
فلست مالكاً لمقاعد المختبر ولا يحق أن أمنعك من الجلوس في أي مكان ترغبينه....
قلت له:
أراقبك منذ زمن....
ماذا تكتب؟؟؟
أنا استخدم هذا الحاسوب فقط للتسلية...
فلا يوجد شيءٌ أقوم به هنا...
وكنت كلما دخلت
رأيتك موجوداً
لا تتحرك عن المقعد
وكأنك أسير لحروفك التي تخطها...
فقال لي:
أكتب عن الحياة....
عن الأمل....
عن الطيور التي تحتضنها السماء
بكل رأفة وحنان...
أكتب عن عالمي الفتّان....
أكتب وأكتب فلا أمّل ولا اتذمّر..
فقلت له:
هل تريد ان تقنعني
أني كلما كنت أدخل المختبر
وأراك تكتب..
كنت تكتب فقط
عن الأمل والحياة؟؟
فقال لي:
الحياة والأمل....
لا تنفد كتابات الشعراء عنها...
فالأمل كلمة ليست سهلة
في قاموس اللغة...
تحتاج لخبير وفصيح..
ليتحدث عنها للعالم أجمع...
فابتسمت لكلامه...
وأخذني بهمساته....
فسعدت بمجالسته....
وأطلقت ضحكة تعجّب هو منها..
فقال لي:
ما الذي يضحككِ؟؟
فقلت له:
كلامك يا صديقي
تسلّل إلى شراييني..
وأعاد الحياة
إلى قلبي الميت منذ زمن...
حياتي كلها بلا معنى ولا قيمة...
أعيش هائمة في هذه الدنيا دونما هدف...
أتابع صرعات العصر..
وأرتدي كل يوم رداءاً أجمل من سابقه..
أتناول أفضل الطعام...
عائلتي عريقة وفاحشة الغنى...
ولكني لم أذق طعم السعادة يوماً...
وما أن تحدثت إليك..
حتى بدأت أشعر اني إنسانة
في داخلها روح تضحك وتغني...
هل يمكن ان تقبل دعوتي
لشرب فنجان قهوة في المطعم المجاور؟؟
فقال لي:
بالطبع آنستي...
وشكراً على هذه الدعوة الرقيقة...
يا لهول المفاجأة!!!
سبحان الله العظيم!!
إنه شاب يسير على عكازتين!!
نعم.....
هو كذلك..
بعدما انتهى من إغلاق الحاسوب...
تناول عكازتيه من أسفل الطاولة...
كم كنت حمقاء!!
لم ألاحظ وجود العكازتين...
وقف مستنداً عليهما...
وقال لي:
أرأيت؟؟
أني لا أسير إلا بمعونة عكازتيّ...
ولكني سعيد...
والابتسامة ما فارقت يوماً شفاهي...
لأني اعلم أن الله خلقني فأحسن تكويني...
وأبتلاني ببلاء ولكنه بقربي ويحميني...
وأنه تعالى مغيثي ومعيني...
وأني إن طرق الحزن بابي..
فكتابه القرآن يواسيني...
وأني إن سألته أمراً...
فيلبّي ندائي ويعطيني...
فكيف أحزن
ورب الكون يكفيني ويغنيني؟؟!!
فبكيت بكاءاً يشبه بكاء الطفل الضائع...
وقلت له:
أنت يا صديقي
الوحيد في هذا العالم
الذي أضحكني وأبكاني!!!
بقلـــــمي