
لحظة،كيف سأبدأ قصتي؟؟
إنها أول مرة أفكّر فيها ان اتحدث عن حبي الأول والأخير
بكل شفافية ووضوح.....
قصتي ليست كباقي قصص الحب..
قصتي تنفرد بخصوصية عجيبة...
**************
جاء مع أسرته من الكويت عندما وقعت حرب الخليج..
كنا قد سبقناهم في القدوم إلى الأردن من الإمارات....
ووالدي معلم في الخليج ووضعه جيد فبنى لنا بيتاً مستقل....
وبنى سوراً حول البيت إلا واجهة واحدة لم يوافق صاحبها على بناء سور لها..
كانت هذه الواجهة تطلّ على بيت الجيران المستجدين في حينا...
إنه بيت حبيبي...
حيث سكن مع أسرته في بيت للإيجار
لكنه مستقل المدخل وأرضي وكان على سواء مع منزلنا..
ونوافذه تطل على نوافذنا...
أطلت عليكم؟؟
أردتكم معي لتغوصوا في مدينة الأحلام
التي بدأت فيها قصة حب إشراقة!!
كنت فتاة شقية....لم يحرمني والديّ من شيء..
ألعب كل يوم بعد إتمام دراستي مع اخي وأختي وأبناء الجيران في الشارع...
نلعب كرة القدم ونقود الدراجات ونمرح حتى منتصف الليل...
كان كل الشباب أيضاً يخروجون للعب الكرة..
إلا هو.....إلا محمد....
لم يكن يختلط كثيراً مع أبناء حينا....
رغم أن أخاه تأقلم بسرعة معنا وأصبحنا أصدقاءاً...
كنت صغيرة حينها..عمري عشرة سنين...
لكنني كنت أكترث لأمر محمد....فهو الشاب الأكثر وسامة في حيّنا!!
كان لون عينيه بلون العشب الأخضر في فصل الربيع.
وشعره بني يميل إلى الشقرة والصفاء..
ووجهه كالبدر تماماً..بشرته بيضاء ناصعة.....
وعندما يسير في الشارع يجذب إليه العيون بسرعة..
فقامته جميلة..ليس بنحيل ولا بممتلأ...
وطوله رائع.....لكن ليس لحدٍ مزعج....
لكنني مع ذلك..
كنت أشعر أن ما يدفعني إلى النظر إليه شيء مخفي..
لا علاقة له بجمال مظهره...
مضت الأيام سريعاً..وأصبحت عائلتنا وعائلة محمد صديقتين حميمتين..
كانت والدة محمد تتحدث عنه أمام أمي وأمامي طبعاً قتقول:
إن محمد أكثر أبنائي هدوءاً....ليس من السهل ن يختلط مع الناس..
فهو يعطي ثقته فقط للذي يستحقها..رومنسي جداً..
وحنون عليّ وعلى إخوته وأبيه....
يبحث عن إنسان واحد فقط ليمنحه حبه العظيم..ويقدّم له قلبه على طبقٍ من ذهب!!
كلامها جعلني أحب محمد أكثر فأكثر..فأنا فتاة رومنسية شاعرية..
أبحث عن شريك يبادلني نظرات كلها محبة ومودة....
كانت أسرته تحبني كثيراً...وتعجبهم شخصيتي المليئة بالحيوية والنشاط...
كنت حريصة على أن أجعل أسرة محمد تحبني..
لأني كنت أرمي من ذلك إلى إكتشاف محمد والدخول إلى عالم أسراره الذي تنطق به عيناه!!
شاركت مع أخته الكبرى في دورة الحاسوب التي كانت تشرف عليها...
كان عمري وقتها خمسة عشرة سنة....
حرصت في أثنائها أن أبرز مواهبي في الغناء وكتابة الأشعار والخواطر..
حتى تتحدث أخت محمد عني امامه..
فيطوق حينها إلى التعرف إليّ أكثر!!
ويبدو أنني نجحت...فمحمد بدأ يطاردني بنظراته الرومنسية الهادئة!!
لقد نسيت أن أخبركم..
محمد يكبرني بسبعِ سنين!!
كان في جامعته حائزاً على إعجاب الفتيات والسبب في ذلك ليس وسامته فحسب..
بل أخلاقه وأدبه وتربيته الرائعة..
حيث كان يرفض الحديث مع الفتيات في جامعته!!
بعدما تخرّج محمد بشهادة البكلوريا في المحاسبة.....
عمل مؤقتاً بمحلٍ تجاري ضخم في حينا....
كنت اتعمد الذهاب إلى هناك لأبتاع بعض التسالي حتى أراه....
لكنني كنت أخفي حبي له...فلا اجعله يلاحظه أبداً....
كنت أقول لنفسي:
ما زلت صغيرة..لن يفكر بي أنا..فهو قد رآى في جامعته فتيات ناضجات أنهين تعليمهنّ الجامعي..فلماذا يفكر بصغيرة مثلي؟؟!
بدأ حلمي في أن أجعله يحبني يكبر أكثر فأكثر.....
أنهيت امتحان الشهادة الثانوية بتفوق
وألتحقت بكلية الهندسة بتخصص الهندسة الكهربائية....
كان ما يشغلني في جامعتي أمر واحد..
أن لا أسمح لأي شاب أن يحادثني حتى لو كانت محادثة متعلقة بالدراسة..
لأنني أردت أن أخلص لمحمد حتى وهو بعيد عني ولم يفكّر بي جدياً..!!
وفعلاً....بقيت كذلك حتى الآن..
وبعد مرور سنة ونصف وأنا في جامعتي...
جاء اليوم الحزين..
يوم 12/4/2007
يوم رحيل محمد مع أسرته إلى بيتهم المستقل الجديد....
لم يكن بيتهم يبعد عن بيتنا مسافة كبيرة..
ولكن يكفي أنني إن فتحت نافذتي لن أراه أمامي جالساً على شرفة منزلهم يتأمل العصافير في الصباح الباكر....
بكيت بكاءاً مراً..
كيف سيرحل حبيبي دون أن أقول له أني أحبه؟؟
جاءت الحافلة التي ستقله لمنزلهم الجديد..
وقفت عن نافذتي أبكي وأنظر إليهم....
لكن المفاجاة العظيمة هي دموع محمد التي رأيتها!!
نظر محمد إلى منزلنا..فوجدني عند النافذة أنظر إليه بحزن كبير..
فابستم لي.....وهمس بصوتٍ رقيق:
إني عائد....فأنتظريني.....
فابتسمت إبتسامة كلها سعادة..وكفكفت دموعي.....
رحل محمد.....وما حدث بعد رحيله بأيام..
جعلني أسعد العمر كله....
جاء محمد إلى والدتي حيث أن أبي مسافر
وأخبرها أنه يريدني زوجة له..
وإنه مستعد لأن يحضر أسرته لتخطبني..
فابتسمت أمي..وقالت له:
تمهل يا بني..فهي لا زالت تدرس وأمامها مشوار طويل.....
لو كان لك نصيب بها..فهي لك بإذن الله....
أنتظر حتى تتخرج من الجامعة..
وحينها سأقول لكما: مبارك...مبارك...
بلغني الحوار الذي دار بين محمد وأمي..
فقفزت من الفرح..وأردت أن أطير.....
وها انا الأن....لا زلت أنتظره...
وكلي يقين بإنه سيعود ليأخذني معه...
حبي لمحمد جعلني عازمة على إنهاء دراستي باكراً..
وها أنا بإذن الله سأنهي دراسة الهندسة بأربع سنين ونصف
بدلاً من خمسة سنين....
وسابقى انتظر محمد......
فهو ملاكٌ هبط من السماء ليملأ قلبي حباً..
لن نكن مثل روميو وجولييت ونقتل أنفسنا لأجل الحب..
بل أنا وحبيبي سنقتل الحب لو فكّر يوماً أن يهجر قلبينا!!!

بقـــــــلبي الصــــادق.......
|