!!!... الفجر البعيد ...!!!
آخر
الصفحة
الشرقاوي محمد

  • المشاركات: 23355
    نقاط التميز: 8453
مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
حكم بمسابقة قلعة التحدي بمنتدى القصة القصيرة
الشرقاوي محمد

مشرف سابق
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
حكم بمسابقة قلعة التحدي بمنتدى القصة القصيرة
المشاركات: 23355
نقاط التميز: 8453
معدل المشاركات يوميا: 3.2
الأيام منذ الإنضمام: 7265
  • 15:34 - 2007/07/03

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

تحية عطرة تفوح منها أزكى نفحات الورود ،

بعد النجاح التي لاقته قصتي السابقة (بسمة حزن) أحببت أن أضيف لكم قصتي الجديدية .

بسم الله الرحمن الرحيم



الفـجـر الـبـعـيـد


في البداية لم أستطع حمل القلم ، و لكن أما إلحاحه الكبير نزلت عند رغبته فالتقطته بكبرياء و بدأت أخط ما جل في ذاكرتي تلك اللحظة .
حكايات كثيرة اختلطت في ذاكرتي حينها ، و لكنني لم أتوقف إلى حين وصلت ذاكرة إلى حكاية الفتى عثمان ، الذي سطرت حياته بمسطرة المر و التعاسة و الكفاح بل الصمود في وجه زمن غادر.
إنه طفل في العاشرة من عمره، يتيم الأبوين، لا يملك من الدنيا سوى عقله و ذكائه الحاد.
اشتغل عثمان ببيع الصحف أولا، و لكنه طرد من العمل بحجة تقاعسه فيه ، ثم اشتغل نجارا و لكنه ترك العمل بعد إصابة عنيفة في كاحله. إذاك أدرك أن غلطة الشاطر بألف، حتى و إن لم يكن شاطرا، فيكفيه الغلط ليطبق عليه المثل بكل قسوة.
بعد ذلك اشتغل عثمان ببيع المخدرات و الكيف ليتجه إلى عالم اخر يحمل بين طياته غابة من الشراسة و العنف تخبأه علبة سجائر يحملها بين أنامله الصغيرتين ، و اللتين لا تقويان على مواجهة هذا المجتمع الذي سحق الكثيرين قبل أن يسحق عثمان. 
إنه صراع عنيف بين عثمان والزمن، الطفل يرمي بكل بطاقاته أملا في الحياة و إثبات الذات، و لكن الزمن يقسوا عليه في كل مرة فيدخله في دوامة مزج فيها الفقر باليتم ليظهر في قالب مأساوي محزن عنوانه عثمان و أمثاله. 
 رأيت القلم يبكي فتركته لوهلة، حتى القلم بكـى ؟؟ أليس هو من أمرني بالكتابة ؟؟؟ أليس لقلب الإنسان عين تبكي ؟؟؟ على العموم أترك لكم الإجابة.
مرة أخرى أمسكت القلم و بدأت...
كان عثمان هذه المرة مرتاحا في عمله، فالربح مضمون و الإقبال شديد. أحب رئيسه عمل عثمان المتقن فبدا يرسله لأداء المهمات الصعبة كتخطي الجمرك مثلا... و هكذا و للمرة الأولى أحس عثمان أنه بدأ يخرج من بوتقة الفقر، و بدأ يتخلص من أشلاء شبح الظلم و التعاسة.
أحببت عزيمته الكبيرة، إنه طفل مبدع ابتكر حياته بيده و بنى نفسه بنفسه، نسى ماضيه العنيف و تخلص منه، بفضل عزيمة قوية و إرادة أقوى أثبت عثمان نفسه في ذاكرتي قبل ان يثبتها في مجتمعه أحببت ثقته في نفسه و فكان أروع إنسان ارتمت عليه عيناي.
هذه المرة أنا من بدأ بالبكاء فتركت القلم عن اقتناع... القلم بكى، أليس من حقي أن أبكي ... أخذت وقتي بالبكاء حتى انتهيت فالتقطت القلم و استأنفت...
الحكاية لم تنتهي هنا... ففي يوم من الأيام، وبينما عثمان يزاول عمله في منتصف الليل إذ به ينام بعد أن أثقل التعب جفنيه فأسم إلى النوم لبرهة قبل أن يكمل عمله... و في أثناء يومه غافله شخص و سرق ما كان يحمله من مخدرات... وهكذا و بعد أن أفاق عثمان من نومه ادرك أنه وقع ضحية لعبة ماكرة من شخص مجهول...و هكذا لم يجد بدا من الرجوع إلى رئيسه لإخبار بالأمر.
صدم الزعيم بعد ألقى عثمان النبأ الخطير، و قال في غضب جم :<< لقد هدمت كل ما بنيت ، و لن أدعك تنجوا بفعلتك هاته >>
حملق فيه الصبي و قد ارتسمت على شفتاه ابتسامة بلهاء، و لكن الرئيس لم يدع له الفرصة حتى ليدافع عن نفسه فأخرج مسدسه و صوب رصاصة غادرة نحو صدر عثمان.
ارتبك الفتى فخارت قواه. كانت تلك الرصاصة كافية لوضع حد لحياته الكئيبة.
و بسرعة فائقة، و قبل أن يلفظ اخر نفس له، تذكر لبرهة شريط حياته فلم يجد ما يسعد فيه، تذكر أنه تمنى الموت أكثر من مرة و لكنها كانت بمثابة فجر بعيد بالنسبة له، تمنى الموت ليتخلص من أشلاء التعاسة و ها قد اتت عنده دون أن يتمناها، ابتسم عن رضا، فأسلم روحه إلى باريها.
و هكذا جف قلمي، فعجزت اناملي عن الكتابة. و لكن يبقى سؤال واحد يفرض نفسه :<< إلى متى سنضل ضحايا مجتمع لا يرحم. >>

                                                                                         بقلــ الشرقاوي ،، ـــي
                                                                                                                                     محمد الشرقاوي

 !!!... الفجر البعيد ...!!!
بداية
الصفحة