
بعد تخرّجه من الجامعة عام 2015، حصل غورمر تشوبرا، البالغ من العمر 32 عاماً، على أول وظيفة له في إحدى الشركات الأربعة الكبرى في مجال المحاسبة. لكن أقل من عام بعد التحاقه بالوظيفة، قرّر الاستقالة.
وقال تشوبرا لموقع CNBC Make It: «بعد أربعة أشهر فقط، قلت لنفسي: "أنا أكره هذا المكان بحق". كان العمل مملاً إلى حد لا يُطاق، وشعرت بأنني لا أُحدث أي فرق في هذا العالم».
وأضاف: «في وقتٍ ما، بدأت التحضير لامتحان المحاسب القانوني المعتمد.. فتحت الكتاب، وأتذكر أنني قرأت الصفحة الأولى، وهنا أدركت أنني لا يمكن أن أعيش حياتي بهذه الطريقة. سأكون شخصاً تعيساً ببساطة»
في تلك الفترة، كان غورمر يعمل أيضاً على مشروع جانبي في التجارة الإلكترونية مع شقيقه الأكبر داشميت تشوبرا. وفي أوقات فراغهما، كانا يتوجهان إلى وسط مدينة لوس أنغلوس لشراء بضائع مثل القمصان والجينز والأحذية بالجملة، ويعيدان بيعها على منصة eBay.
هذا المشروع الجانبي البسيط تطوّر لاحقاً إلى علامة YoungLA، وهي علامة تجارية في مجال الملابس العصرية حقّقت مبيعات تجاوزت 167 مليون دولار في عام 2024.
من الهدايا التذكارية إلى الملابس
ينحدر تشوبرا من الهند، وهاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة عام 2002، حيث أمضوا أول أربع سنوات لهم في نيوجيرسي، قبل أن يستقروا في كاليفورنيا. ويقول غورمر إنه اكتسب حسه الريادي من والده، الذي عمل في متجر للهدايا التذكارية بعد وصوله إلى أميركا.
وقد أسّس والده لاحقاً شركة جملة للهدايا التذكارية وأدار بعض متاجر الهدايا في لوس أنغلوس، وكان الأخوان غورمر وداشميت يشاركان في إدارة أعمال والدهما منذ سن مبكرة.
قال غورمر تشوبرا: «في الحقيقة، كانت تلك اللحظة بداية تحولي إلى رائد أعمال مع أخي، لأنني كنت في الثانية عشرة من عمري، وأساعد والدي في إدارة عمله التجاري».
وبعد سنوات من إدارة متاجر فعلية، أدرك والد تشوبرا أن بيع المنتجات عبر الإنترنت كان أكثر نجاحاً. واستلهم الأخوان هذه التجربة، فقررا خوض غمار التجارة الإلكترونية بأنفسهما.
يقول غورمر: «أنا وأخي جمعنا 5000 دولار، وهذا كل ما استثمرناه في الشركة على الإطلاق. ومنذ ذلك الحين، كنا نعيد استثمار كل العوائد».
وكان ذلك في مارس آذار 2014، حين كان غورمر يدرس الاقتصاد والمحاسبة في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا، عندما أنشأ مع شقيقه أول حساب لهما على eBay.
بدأ الأخوان بشراء جينزات وأحذية Converse وVans، وقمصان تحمل صور توباك وبيغي من وسط مدينة لوس أنغلوس، ثم عرضوا تلك المنتجات على الموقع، وجربوا ما يمكن أن يحقق رواجاً.
وأضاف تشوبرا: «كنا نضع كل ما نشتريه على الموقع، وكل منتج يبدأ بتحقيق مبيعات كنا نخصص له وقتاً وجهداً أكبر».
وسع الأخوان نشاطهما ليشمل البيع على أمازون ومنصة Shopify، واختارا لاسم موقعهما الإلكتروني اسم YoungLA.com، المستوحى من اسم دي جي على إذاعة محلية تُدعى «Young California».
بناء علامة تجارية
ومن هناك، تحوّل التركيز من مجرد إعادة بيع المنتجات إلى بناء علامة YoungLA كعلامة تجارية متكاملة. وبدأ الأخوان في تصنيع منتجاتهم الخاصة وإضافة اسم الموقع على البطاقات المرفقة بالملابس لتعزيز الوعي بالعلامة التجارية.
ووفقاً لغورمر، فقد حققت الشركة أول مليون دولار من الإيرادات عام 2017، لكن القفزة الحقيقية جاءت لاحقاً بفضل عاملين أساسيين: ثقافة الإطلاقات المحدودة والتسويق عبر المؤثرين، وهما عنصران لا يزالان جوهريين في استراتيجية الشركة حتى اليوم.
وتُعد "Drop Culture" استراتيجية تسويقية تُطلق من خلالها العلامة التجارية منتجات بكميات محدودة وفي أوقات محددة، بهدف خلق إحساس بالندرة والتميز، وزيادة التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال تشوبرا: «في عام 2018، بدأنا نركّز على موقعنا الإلكتروني، وأردنا إنشاء نوع من ثقافة الـ"Drop"... كنا نروّج لأي منتج جديد قبل طرحه، ثم نُطلقه في توقيت محدد على الموقع».
وفي عام 2019، وقّعت YoungLA أول عقد رئيسي مع مؤثر على مواقع التواصل، وبحلول عام 2020 تجاوزت إيرادات الشركة 6 ملايين دولار، وفقاً لتشوبرا. أما في العام الماضي، فقد أصبحت إيرادات الشركة الشهرية تفوق هذا الرقم بمقدار الضعف في المتوسط.
وعندما سُئل غورمر تشوبرا عما إذا كان سعيداً بقراره ترك وظيفة المحاسبة، قال: «لا أعتقد أنني كان بإمكاني أن أكون أكثر سعادة. أنا راضٍ جداً جداً عن المكان الذي وصلنا إليه... لكن الأمر لا يخلو من الضغوط بالتأكيد».
وأضاف: «بعد مرور بضع سنوات على إدارة المشروع، تدرك أنه لم يكن بوسع أحد أن يُعدك لما ستواجهه... أعتقد أن من أصعب الأمور في البداية كان اتخاذ قرار فصل موظف، أو التعامل مع مواقف معقدة وضاغطة، أو التعرض لدعاوى قضائية، وأمور من هذا القبيل».
وتابع تشوبرا: «تتعلّم الكثير حين تكون داخل التجربة فعلاً... لكنني أعتقد أن محاولة فهم تلك الأمور تعلّمك الكثير عن العالم، ولكن أيضاً الكثير عن نفسك».
source