عقد المشرع الفلسطيني للنيابة للعامة دون غيرها، الحق بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها وألا تقام من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون، فلا يجوز وقفها أو التنازل عنها أو تركها أو تعطيل سيرها أو التصالح عليها، إلا في الحالات الواردة في قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة2001م دون غيره.
كما جعل حق مباشرة الدعوى الجزائية مقتصر على النائب العام بنفسه، أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة.
إضافة إلى ما سبق من أحكام، فعلى النيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية إذا أقام المتضرر نفسه مدعياً بالحق المدني وفقاً للقواعد المعينة في قانون الإجراءات المذكور.
في الفقرات التالية، سنتناول الحق بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها، عبر الفصول الخمسة التالية:
الفصل الأول : موقف الشريعة الإسلامية من حق المتضرر(نظام الإجراءات الجزائية السعودي نموذجا).
الفصل الثاني : تحريك الدعوى الجزائية ورفعها ومباشرتها في القانون اليمني نموذجا.
الفصل الثالث : قيود تحريك الدعوى الجزائية في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة2001م.
الفصل الرابع: أحكام المواد المقارنة في قانون الإجراءات الجزائية العربي/الاسترشادي.
الفصل الخامس : وظيفة النيابة العامة الفلسطينية واختصاصاتها كما وردت في التعليمات القضائية للنائب العام رقم(1) لسنة2006م (القسم الجزائي) .
الفصل السادس : وظيفة النيابة العامة المصرية واختصاصاتها كما وردت في التعليمات القضائية للنائب العام المصري.
الفصل السابع: المبادئ القضائية المتعلقة بالحق بإقامة الدعوى الجزائية الواردة في قرارات محكمة التمييز الأردنية ومحكمة النقض المصرية.
الفصل الأول
موقف الشريعة الإسلامية من حق المتضرر
(نظام الإجراءات الجزائية السعودي نموذجا)
أعارت الشريعة الإسلامية السمحاء حقوق الأفراد في الجرائم التي تقع اعتداءً أو عدواناً على حق خاص، اهتماما بالغا، وذلك بتوقيع العقاب على مرتكب تلك الجرائم الذي يظل معلقاً حتى صدور حكم نهائي بات ليصبح بعدها واجب الاقتضاء، وهي بذلك لم تعط لصاحب الحق الخاص استيفاء العقاب بشخصه ممن اعتدى على حقه، حتى ولو رضي المعتدي بتنفيذ تلك العقوبة بعد اعترافه بارتكاب ذلك الجرم، بل رسمت له طريقا يسعى من خلاله لاستصدار حكم قضائي يكفل له هذا الحق ويؤكده، وبهذا يتحول حق الفرد في عقاب مرتكب الجريمة من حق مجرد، إلى حق محسوس، مما يترتب عليه صيانة المصلحة العامة التي تتمثل في حماية مرتكب الجريمة من أن يعتدي على شخصه أو على أمواله.
بذلك، فان ما يميز حق الفرد في العقاب، هو أنه حق قضائي، لا يمكن أن يستوفى إلا بحكم قضائي، حيث يعد مبدأ " قضائية العقوبة" من المبادئ الأساسية المقررة في الشريعة الإسلامية الغرّاء، أي أنه لا عقوبة بدون حكم قضائي.
بما أن لكل جريمة عقوبة، فإن الجريمة التي تقع على حق العبد لا سبيل إلى توقيع العقاب المقرر شرعاً أو نظاماً على مرتكبها إلا عن طريق رفع الدعوى الجزائية الخاصة أمام القضاء، الذي لا يتحرك من تلقاء نفسه، وإنما تحركه إقامة تلك الدعوى وصولاً إلى حكم قضائي يثبت الحق أو ينفيه.
هذا ولا تبرز مشكلة خيار المدعي بالحق الخاص وفقا للتنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية، بأن يسلك أحد الطريقين الجزائي أو المدني في القضايا الجنائية التي يستتبعها تحقق الضرر؛ لأن هذا التنظيم، يقوم على أساس توحيد القضاء في يد القضاء الشرعي المكلف بسلطة الفصل في الدعاوي الجنائية ودعاوي الحق الخاص، سواء كانت تمثل دعوى بذاتها، أو ما يستتبع جريمة معينة، وهذا مضمون تعميم رئيس مجلس القضاة الذي ينص على أن : " قاضي الحق الخاص يحكم في دعوى الحق العام " .
كما أن المادة (26) من نظام القضاء تنص على أن " المحاكم الشرعية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات والخصومات والجرائم عامة كانت أم خاصة، إلا ما استثني منها بنظام " كاختصاصات ديوان المظالم، وغيره من اللجان الكثيرة ذات الاختصاص شبه القضائي .
عالج نظام الإجراءات الجزائية السعودي الصادر بالمرسوم رقم م / 39 بتاريخ 28/7/1422هـ موضوع مَن لحق به ضرر من جراء الجريمة في الدعوى الجزائية، حيث نص على أنه : ( لمن لحقه ضرر من الجريمة ولوارثه من بعده، أن يطالب بحقه الخاص، مهما بلغ مقداره أمام المحكمة المنظور أمامها الدعوى الجزائية في أي حالٍ كانت عليها الدعوى، حتى لو لم يُقبل طلبه أثناء التحقيق).
مع ملاحظة أن المضرور في الدعوى الجزائية قد يكون هو ذات المجني عليه أو غيره، كأن تحدث محاولة سرقة لمنزلٍ مستأجر ويرافق ذلك تكسير للأبواب أو الجدران، ففي هذه الحالة يكون المضرور هو مالك الدار، وقد يكون المجني عليه غير مضرور.
تأسيسا على ما سبق، يكون لرفع دعوى الحق الخاص أمام المحكمة الجزائية شرطان هما:
1.أن يكون أمام محكمة مختصة .
2.أن يكون لطلب تعويض ناشئ عن جريمة، وأن يكون هذا التعويض ناتج عن ذلك الضرر .
هذا وتتفق الدعوى الجزائية والإدعاء بالحق الخاص في أصل واحد، وهو الجريمة، وتختلفان في السبب، والأطراف، والموضوع ؛ إذ إن سبب الدعوى الجزائية هو الاضطراب الذي وقع في المجتمع نتيجة مخالفة الشرع أو النظام، أما السبب في الإدعاء بالحق الخاص فهو الضرر الناتج عن هذه المخالفة .
أما أطراف الدعوى الجزائية، فهما الإدعاء العام، الذي يمثل المجتمع والمتهم، في حين أن أطراف الإدعاء بالحق الخاص هم المضرور من الجريمة، والمتهم، والمسئول عن الحقوق المدنية .
أما موضوع الدعوى الجزائية فهو الطالبة بإيقاع العقوبة كرد فعل اجتماعي على الاضطراب الذي سببته الجريمة، أما الإدعاء بالحق الخاص فموضوعه تعويض مَن لحقه ضرر من تلك الجريمة .
إن النص على كون العقوبة للحق للخاص يحقق حصول التشفي، وتطمئن به نفس المجني عليه، وأيضاً ليس لأحد التدخل في إسقاط العقاب على الجاني إذا كان حقاً خاصاً، بخلاف إذا لم يحكم القاضي بان تلك العقوبة للحق الخاص، أو للحق الخاص والعام معاً ؛ فقد يشمله العفو من ولي الأمر؛ حيث أن لولي الأمر العفو على العقوبات التعزيرية التي تكون للحق العام، بخلاف العقوبات التي للحق الخاص، فليس لأحد كائناً من كان التنازل عنها أو إسقاطها إلا برضا المدعي بالحق الخاص، فيكون تنازله عن حقه طوعا واختيارا.
الفصل الثاني
تحريك الدعوى الجزائية ورفعها ومباشرتها في القانون اليمني نموذجا
بموجب الأحكام الواردة في القرار الجمهوري بالقانون رقم (13) لسنة 1994م بشأن الإجراءات الجزائية اليمني
أولا:في من له رفع الدعوى الجزائية:
كرست المواد من (21-24) من القرار الجمهوري بالقانون رقم (13) لسنة 1994م بشأن الإجراءات الجزائية اليمني النيابة العامة كصاحبة الولاية في تحريك الدعوى الجزائية ورفعها ومباشرتها أمام المحاكم، ولا ترفع من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون، ولا يجوز لها وقف الدعوى الجزائية أو تركها أو تعطيل سيرها أو التنازل عنها أو عن الحكم الصادر فيها أو وقف تنفيذها إلا في الأحوال المبينة في القانون، على أن يقوم النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة بمباشرة الدعوى الجزائية، وان يعتبر المجني عليه أو المدعي بالحق الشخصي أو المدعي بالحق المدني خصماً منضماً للنيابة العامة في الدعوى الجزائية ومدعياً في الدعوى المدنية المرتبطة بها، إذا كانت له طلبات ما.
كما يعتبر المسئول عن الحقوق المدنية خصماً منضماً للمتهم في الدعوى الجزائية والدعوى المدنية المرتبطة بها إذا أدخل أو تدخل فيها ولو لم توجه إليه طلبات ما.
ثانيا: في قيود رفع الدعوى الجزائية:
كما عالجت المواد من (25-31) ضمنا من ذات القانون، قيود رفع الدعوى الجزائية، بحيث لم يجز المشرع رفع الدعوى الجزائية على القضاة أو أعضاء النيابة العامة إلا بإذن من مجلس القضاء الأعلى بناءً على طلب النائب العام، مع إخطار وزير العدل، ويعين المجلس المحكمة التي تتولى محاكمة القضاة وأعضاء النيابة العامة.
إضافة إلى ذلك، فلا يجوز رفع الدعوى الجزائية على أحد رجال الضبط القضائي أو موظف عام لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها إلا بإذن من النائب العام أو من يفوض بذلك من المحامين العامين أو رؤساء النيابة ويجب صدور الإذن في أحوال القصاص والدية والأرش وفي أحوال القذف إذا تقدم المجني عليه بالشكوى وأصر عليها.
أما الأحوال التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجزائية أمام المحكمة في غير ما تقدم، فهو أن يكون بناءً على شكوى المجني عليه، أو من يقوم مقامه قانوناً في الأحوال الحصرية الآتية:-
1. في جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار الخاصة والإهانة والتهديد بالقول أو بالفعل أو الإيذاء الجسماني البسيط.. ما لم تكن الجرائم وقعت على مكلف بخدمة عامة أثناء قيامه بواجبه أو بسببه.
2. في الجرائم التي تقع على الأموال فيما بين الأصول والفروع والزوجين والإخوة والأخوات.
3. في جرائم الشيكات.
4. في جرائم التخريب والتعييب وإتلاف الأموال الخاصة وقتل الحيوانات بدون مقتضى أو الحريق غير العمدى وانتهاك حرمة ملك الغير وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون.
أما إذا تعدد المجني عليهم، فيكفي أن تقدم الشكوى من أحدهم، وإذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم، تعتبر أنها مقدمة ضد الباقين في تسويغ التحقيق للنيابة معهم.
هذا وينقضي الحق في الشكوى فيما هو منصوص عليه في المادة (27) بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة أو بارتكابها أو زوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى ويسقط الحق في الشكوى بموت المجني عليه.
أما المادة (30) من ذات القانون، فقد نصت على أنه في جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها رفع الدعوى الجزائية تقديم شكوى لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق فيها إلا بعد تقديم هذه الشكوى.
أخيرا، فانه يجوز لمن له الحق في الشكوى في الحالات المنصوص عليها في المادة (27) أن يتنازل عنها في أي وقت.
ثالثا: في إقامة الدعوى الجزائية من المحكمة:
نظمت المواد من (32-35) من القرار الجمهوري بالقانون رقم (13) لسنة 1994م بشأن الإجراءات الجزائية اليمني موضوع إقامة الدعوى الجزائية من قبل المحكمة، بحيث أجازت للمحكمة الابتدائية في دعوى مرفوعة أمامها إذا اقتنعت أن هناك متهمين غير من أقيمت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى غير المسندة فيها إليهم أو أن هناك جريمة مرتبطة بالتهمة المعروضة أمامها فعليها أن تحيلها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها طبقاً للباب الثالث من الكتاب الثاني من هذا القانون، وإذا صدر قرار بإحالة الدعوى إلى محكمة جاز للمحكمة إحالتها إلى محكمة أخرى وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية وكانت مرتبطة مع الدعوى الجديدة ارتباطاً لا يقبل التجزئة جاز إحالة القضية كلها إلى محكمة أخرى.
كما أن لمحكمة الطعن الاستئنافية عند نظر الاستئناف نفس الصلاحيات المقررة في المادة السابقة ويجوز في هذه الحالة أن تكون الإحالة إلى محكمة ابتدائية أخرى غير التي أصدرت الحكم المستأنف ويكون النقل في جميع الأحوال بقرار من رئيس المحكمة طبقاً للقانون.
هذا ويكون للدائرة التي تنظر الموضوع بناءً على الطعن في المرة الثانية في المحكمة العليا نفس الصلاحيات المقررة في المادتين السابقتين.
أخيرا، فقد رخص المشرع اليمني لمحكمة الموضوع في حالة نظر الدعوى، إذا وقعت أفعال من شأنها الإخلال بأوامرها أو الاحترام الواجب لها والتأثير في قضائها أو في الشهود وكان ذلك في صدد دعوى منظورة أمامها أن تقيم الدعوى الجزائية على المتهم طبقاً للمادتين (32 ، 33) وتقضي فيها.
رابعا: انقضاء الدعوى الجزائية وعدم سماعها:
تناولت المواد من (36-42) من ذات القانون، حالات انقضاء الدعوى الجزائية وعدم سماعها، فنصت على أن الدعوى الجزائية تنقضي بوفاة المتهم عدا حالات الدية والأرش ورد الشرف إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوى ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة إذا كانت الأشياء المضبوطة التي ظهرت بسبب الجريمة من التي يعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاتها ولو لم تكن الأشياء ملكاً للمتهم، كما ينقضي الحق في سماع الدعوى الجزائية بمضي المدة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
أما في الجرائم الجسيمة، فينقضي الحق في سماع الدعوى الجزائية بمضي عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة فيما عدا الجرائم المعاقب عليها بالقصاص، أو تكون الدية أو الأرش إحدى العقوبات المقررة لها وفي الجرائم غير الجسيمة بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة كل ذلك ما لم ينقطع التقادم وفقاً للمادة (40)، على ان يراعى عدم سريان الإيقاف على التقادم في الدعوى الجزائية، بل تقام، وإذا مضت المدة سقطت.
كما أن المدة بإجراءات التحقيق الجدية أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجزائي أو بإجراءات الاستدلالات الجدية إذا اتخذت في مواجهة المتهم تنقطع، وتسرى المدة من جديد ابتداءً من انتهاء الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فان سريانها يبدأ من تاريخ آخر إجراء.
أما المادة (41) فقد نظمت حالات تعدد المتهمون، وهو ما يملي أن يكون انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يرتب كذلك انقطاعها بالنسبة للباقين.
أخيرا، فلا يجوز تحريك الدعوى الجزائية، ويتعين إنهاء إجراءاتها إذا كانت قد بدأت في إحدى الأحوال الآتية:
أ- عند عدم وجود جريمة.
ب- إذا لم تتوافر عناصر الجريمة.
ج- عدم بلوغ سن المسائلة الجزائية.
د- لسبق صدور حكم في القضية غير قابل للطعن.
هـ- لسبق صدور قرار بالأوجه لإقامة الدعوى واستنفاذ طرق طعنه.
و- صدور عفو عام أو خاص.
ز- وفاة المتهم.
ح- بانقضاء الدعوى بالتقادم.
خامسا: في الادعاء بالحقوق المدنية
خصص المشرع اليمني المواد من (43-63) لموضوع الادعاء بالحقوق المدنية، بحيث أجاز لكل من لحقه ضرر من الجريمة رفع الدعوى المدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجزائية لنظرها مع الدعوى الجزائية.
كما أجاز أيضا مباشرة الدعوى المدنية بصفة مستقلة عن الدعوى الجزائية وفي هذه الحالة يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجزائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها وللمحكمة أن تقرر ما تراه من الإجراءات الاحتياطية المستعجلة المناسبة لحماية المضرور، على أنه إذا أوقف الفصل في الدعوى الجزائية لإصابة المتهم بعاهة عقلية يفصل في الدعوى المدنية.
أما إذا رأت المحكمة أن تدخل المدعى بالحقوق المدنية يؤخر الفصل في الدعوى الجزائية جاز لها أن تقرر تأجيل نظر الدعوى المدنية إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجزائية أو النظر فيها على حده.
هذا ويحصل الادعاء مدنياً إما في الشكوى التي تقدم إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي وإما بإعلان المتهم وفقاً لأحكام قانون المرافعات.
كما يجوز أن يتم في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إن كان المتهم حاضراً وإلا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعى بإعلان المتهم بطلباته.
فإذا كان قد سبق قبوله في التحقيق بهذه الصفة فإحالة الدعوى الجزائية إلى المحكمة تشمل الدعوى المدنية.
كما يجوز للنيابة العامة أو المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى الجزائية إذا كان من لحقه ضرر من الجريمة فاقد الأهلية، ولم يكن له من يقوم مقامه قانوناً أن تعين له وكيلاً ليدعى بالحقوق المدنية نيابة عنه. ولا يترتب على ذلك في أية حالة إلزامه بالمصاريف القضائية.
وترفع الدعوى المدنية بتعويض الضرر على المتهم بالجريمة إذا كان بالغاً وعلى من يمثله إن كان ناقص الأهلية فإن لم يكن له من يمثله جاز للمحكمة أن تعين له من يمثله أو أن تكتفي بتمثيل النيابة العامة له.
كما يجوز رفع الدعوى المدنية أيضاً على المسئولين عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم وللنيابة العامة أن تدخل المسئولين عن الحقوق المدنية ولو لم يكن في الدعوى مدع بحقوق مدنية للحكم عليهم بالمصاريف المستحقة للحكومة.
هذا ولم يسمح المشرع اليمني برفع دعوى الضمان أمام المحاكم في الدعاوي الجزائية، ولا أن يدخل في الدعوى غير المدعى بالحقوق الجزائية، ولا أن يدخل في الدعوى غير المدعى عليهم بالحقوق المدنية والمسئولين عنها والمؤمن لديهم.
كما أن للمسئول عن الحقوق المدنية أن يتدخل من تلقاء نفسه في الدعوى الجزائية في أية حالة كانت عليها وللنيابة العامة والمدعى بالحقوق المدنية المعارضة في قبول تدخله.
أما المادة (50) من ذات القانون، فقد أوجبت على المدعى بالحقوق المدنية أن يعين له موطناً في البلدة الكائن فيها مقر المحكمة ما لم يكن مقيماً فيها ويكون ذلك بتقرير في دائرة الكتاب والأصح تسليم الأوراق إليه بتسليمها إلى هذه الدائرة.
وعلى المدعى بالحقوق المدنية أن يدفع الرسوم القضائية وعليه أن يودع مقدماً الأمانة التي تقدرها النيابة العامة أو المحكمة لمواجهة أتعاب ومصاريف الخبراء والشهود وغيرهم وعليه أيضاً إيداع الأمانة التكميلية التي قد تلزم أثناء سير الإجراءات.
ولكل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية والنيابة العامة أن يعارض في الجلسة في قبول المدعى بالحقوق المدنية إذا كانت الدعوى المدنية غير جائزة أو غير مقبولة وتفصل المحكمة في المعارضة بعد سماع أقوال الخصوم.
هذا، ولا يمنع القرار الصادر من النيابة العامة في مرحلة التحقيق بعدم قبول المدعى بالحقوق المدنية من الادعاء مدنياً بعد ذلك أمام المحكمة.
كما لا يترتب على القرار الصادر من المحكمة بقبول الدعوى المدنية بطلان الإجراءات التي لم يشترك فيها لمدعى بالحقوق المدنية قبل ذلك.
أما القرار الصادر من النيابة العامة بقبول المدعى بالحقوق المدنية، فلا يلزم المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى.
ويجوز رفع الدعوى المدنية على المؤمن لديه لتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية وتسرى على المؤمن لديه جميع الأحكام الخاصة بالمسئول عن الحقوق المدنية المنصوص عليها في هذا القانون.
وتنقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني لعدم سماع الدعوى.. ومع ذلك لا تنقضي الدعوى المدنية الناشئة عن الإخلال بأحكام الباب الثاني من هذا القانون فيما يتعلق بحماية حريات المواطنين.
وإذا انقضت الدعوى الجزائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها.
هذا وأجازت المادة (56) من القانون المذكور للمدعى بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى ويلزم بدفع المصاريف السابقة على ذلك مع عدم الإخلال بحق المتهم في التعويضات إن كان لها وجه.
وبغير الأحوال المنصوص عليها قانوناً، فانه لا يترتب على ترك الدعوى المدنية تعطيل الدعوى الجزائية أو وقف سيرها.
ويعتبر تركاً للدعوى عدم حضور المدعى أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلان لشخصه أو عدم إرساله وكيلاً عنه، أما إذا ترك المدعى بالحقوق المدنية دعواه أثناء نظر الدعوى الجزائية، فيجوز له أن يرفعها على استقلال، ما لم يكن قد صرح بالتنازل عن الحق موضوع الدعوى.
هذا ويترتب على ترك المدعى بالحقوق المدنية دعواه أو عدم قبوله مدعياً بحقوق مدنية استبعاد المسئول عن الحقوق المدنية من الدعوى إذا كان دخوله فيها بناء على طلب المدعى بالحق المدني.
أما إذا رفع من لحقه ضرر من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة ثم رفعت الدعوى الجزائية بعد ذلك جاز له إذا ترك دعواه الأولى أن يدعى مدنياً أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية وليس له في هذه الحالة تجديد دعواه أمام المحكمة المدنية ما لم تقرر المحكمة الجزائية ذلك.
أخيرا، فقد أوجب المشرع على محكمة الموضوع ان تتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي تنظر تبعاً للدعوى الجزائية الإجراءات المقررة في القانون رقم (13) لسنة 1994م بشأن الإجراءات الجزائية، على أن يكون للمتهم أن يطالب المدعى بالحقوق المدنية أمام المحكمة بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب رفع الدعوى المدنية إذا كان لذلك وجه.
الفصل الثالث
قيود تحريك الدعوى الجزائية
في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة2001م
أوردت المادة (4) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة2001م ، ثلاثة قيود إلزامية يتوجب مراعاتها تحت طائلة البطلان، وهي:
1. لا يجوز للنيابة العامة إجراء التحقيق أو إقامة الدعوى الجزائية التي علق القانون مباشرتها على شكوى أو ادعاء مدني أو طلب أو إذن إلا بناءً على شكوى كتابية أو شفهية من المجني عليه أو وكيله الخاص أو ادعاء مدني منه أو من وكيله الخاص أو إذن أو طلب من الجهة المختصة.
2. يجوز في الدعاوى التي قيد القانون مباشرتها على شكوى أو ادعاء بالحق المدني من المجني عليه التنازل عنها حتى يصدر في الدعوى حكم نهائي، وإذا تعدد المجني عليهم لا يعتد بالتنازل إلا إذا صدر من جميعهم، والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعتبر تنازلاً بحق الآخرين.
3. إذا تعدد المجني عليهم يكفي الشكوى من أحدهم وإذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم، تعتبر مقدمة ضد الباقين.
وحيث أن الشكوى تعتبر قيدا على سلطة النيابة في تحريك الدعوى الجزائية، بوصفها تعبير غير مقيد يصدر من المجني عليه أو ممن يمثله يوجه إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي ويكشف بوضوح عن إرادة المجني عليه في تحريك الدعوى الجنائية ضد المتهم، فانه يلزم توضيح كل ما يتعلق بموضوع الشكوى، وذلك وفق التقسيم التالي:
1. أحوال الشكوى.
2. العلة من وراء تقرير قيد الشكوى.
3. ممن تقدم الشكوى.
4. ضد من تقدم الشكوى.
5. إلى من تقدم الشكوى.
6. متى تقدم الشكوى.
7. شكل الشكوى.
8. الشكوى والارتباط بين الجرائم.
9. الشكوى وحالة التلبس.
10. الآثار المترتبة على تقديم الشكوى.
11. سقوط الحق في الشكوى.
12. انقضاء الحق في الشكوى.
13. التنازل عن الشكوى.
أولا: أحوال الشكوى:
نصت المادة الرابعة من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة2001م على قيود تحريك الدعوى الجزائية، بحيث لم تجز للنيابة العامة إجراء التحقيق أو إقامة الدعوى الجزائية التي علق القانون مباشرتها على شكوى أو ادعاء مدني أو طلب أو إذن إلا بناءً على شكوى كتابية أو شفهية من المجني عليه أو وكيله الخاص أو ادعاء مدني منه أو من وكيله الخاص أو إذن أو طلب من الجهة المختصة، لكنها أجازت في البند الثاني منها، وتحديدا في الدعاوى التي قيد القانون مباشرتها على شكوى أو ادعاء بالحق المدني من المجني عليه، التنازل عنها حتى يصدر في الدعوى حكم نهائي، وإذا تعدد المجني عليهم لا يعتد بالتنازل إلا إذا صدر من جميعهم، والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعتبر تنازلاً بحق الآخرين.
وإذا تعدد المجني عليهم، فيكفي الشكوى من أحدهم، وإذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم، تعتبر مقدمة ضد الباقين.
أما قانون الإجراءات الجنائية المصري، فقد حصر الجرائم التي لا يجوز أن ترفع الدعوى عنها إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه، وهي:
1. جريمة زنا الزوجة أو زنا الزوج.
2. جريمة ارتكاب أمر مخل بالحياء مع امرأة ولو في غير علانية.
3. جريمة امتناع الوالدين أو الجدين عن تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه بناء على قرار من جهة القضاء صادر بشأن حضانته أو خطفه.
4. جريمة الامتناع عن دفع النفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاعة أو السكن الصادر بها حكم قضائي واجب النفاذ.
5. جرائم السب والقذف.
6. جريمة السرقة إضرار بالزوج أو الأصول أو الفروع.
7. جريمة مروق الحدث من سلطة ولى الأمر
ثانيا : العلة من تقرير قيد الشكوى:
تنبه مشرع قانون الإجراءات الجزائية الجديد إلى حقيقة أن العدالة الجزائية لا بد لها أن تغض الطرف في حالات معينة عن ملاحقة بعض الجرائم من قبل النيابة العامة، بوصفها قيودا واقعة على حرية النيابة العامة لدى تحريكها لدعاوى الحق العام، فهي إذا نوع من العقبات الإجرائية، من شأنها أن تغل يد النيابة العامة، وتحد من حريتها في تحريك دعوى الحق العام، وتشمل: تقديم شكوى كتابية أو شفهية من قبل المجني عليه أو ادعاء مدني، أو طلب أو إذن بناءً على شكوى من المجني عليه أو وكيله الخاص، أو ادعاء مدني منه أو من وكيله الخاص، أو إذن أو طلب من الجهة المختصة.
هذا وتجيز الفقرة الثانية من المادة الرابعة من ذات القانون، في الدعاوى التي قيد القانون مباشرتها على شكوى أو ادعاء بالحق المدني من المجني عليه التنازل عنها حتى يصدر في الدعوى حكم نهائي، وإذا تعدد المجني عليهم لا يعتد بالتنازل إلا إذا صدر من جميعهم، والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعتبر تنازلاً بحق الآخرين، فإذا تعدد المجني عليهم، يكفي الشكوى من أحدهم، وإذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم، تعتبر مقدمة ضد الباقين.
كما قد يرى المجني عليه أن الأضرار التي قد تقع عليه من جراء محاكمة الجاني أشد ضررا من الضرر الناشئ عن ارتكاب الجريمة ذاتها، لما في إجراءات المحاكمة من العلانية التي قد لا تصيب الجاني وحده، بل قد يمتد أثرها إلى المجني عليه نفسه.
ثالثا : ممن تقدم الشكوى:
تقدم الشكوى من المجني عليه المتضرر مدعياً بالحق المدني وفقاً للقواعد المعينة في القانون أو وكيله الخاص أو ادعاء مدني منه أو من وكيله الخاص أو إذن أو طلب من الجهة المختصة.
هذا ويكون تقديم الشكوى من الولي أو الوصي أو القيم مقصورا على الحالات التالية:
1. إذا كان المجني عليه في الأحوال المشار إليها في المادة (5) من هذا القانون لم يبلغ خمس عشرة سنة كاملة أو كان مصاباً بعاهة في عقله تقدم الشكوى من وليه أو وصيه أو القيم عليه. 2.إذا تعارضت مصلحة المجني عليه مع مصلحة من يمثله أو لم يكن له من يمثله تقوم النيابة العامة مقامه. (مادة 6ق.إ.ج)
وهو ما سار عليه مشرع قانون الإجراءات الجنائية المصري، بحصره الحق في تقديم الشكوى من المجني عليه بشخصه أو ممن يمثله مثل:
1. الولي : إذا كان المجني عليه دون الخامسة عشر من عمره.
2. الوصي أو القيم : إذا كانت الجريمة واقعة على المال.
3. النيابة العامة : إذا تعارضت مصلحة المجني عليه مع مصلحة من يمثله وإذا كانت النيابة اتفاقية فيشترط أن يكون التوكيل خاصا وصريحا وصادرا وإذا تعدد المجني عليهم أن تقدم الشكوى من أحدهم و ينقضي الحق في الشكوى من أحدهم وينقضي الحق في الشكوى بوفاة المجني عليه ويجب أن يكون الشاكي متمتعا بأهلية الشكوى وهو يكون كذلك إذا بلغ من العمر خمسة عشر عاما
خامسا : ضد من تقدم الشكوى
تقدم الشكوى ضد المسئول جزائيا عن الجريمة، فاعلا كان أم شريكا أم متدخلا أم محرضا، اضطلع بدور ما في ارتكاب الجريمة، مما يوجب تعيينه تعيينا كافيا، فلا عبرة بالشكوى إذا قدمت ضد مجهول.
أما إذا تعدد المتهمون، فيكفى أن تقدم الشكوى ضد أحدهم، وللنيابة العامة الحرية في تحريك الدعوى ضد الباقين باستثناء جريمة الزنا.
سادسا : إلى من تقدم الشكوى
تقدم الشكوى إلى النيابة العامة أو إلى مأموري الضبط القضائي أو على من يكون حاضرا من رجال السلطة العامة في حالة التلبس بارتكاب الجريمة، أو إلى المحكمة الصلحية الجزائية، ويعتبر تحريك الدعوى الجنائية بطريق الادعاء المباشر بمثابة شكوى.
سابعا: المدة التي ينبغي ان تقدم الشكوى خلالها
في جميع الأحوال التي يشترط فيها القانون لإقامة الدعوى الجزائية وجود الشكوى أو ادعاء بالحق المدني من المجني عليه أو غيره، فلا تقبل الشكوى بعد مرور ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بها وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. (المادة 5 ق.إ.ج)
وعلة النص على شرط تحديد المدة، يجد سنده في قرار محكمة النقض المصرية رقم (60) لسنة 1974م، والذي جاء فيه" إن مضي هذه المدة هو قرينة لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره الشارع من أن سكوت المجني عليه طوال هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى حتى لا يتخذ من حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحا للتهديد أو الابتزاز أو النكاية"
ثامنا : شكل الشكوى
لم يشترط القانون في الشكوى شكلا معينا فقد أجاز أن تقدم شفاهه أو كتابة مثل الإخبار، وغير معلقة على شرط، وتعتبر شكوى استغاثة المجني عليه من الجاني لمن يكون حاضرا من رجال السلطة العامة.
تاسعا: الشكوى والارتباط بين الجرائم :
1. حالة التعدد المعنوي أو الصوري أو الظاهري :
إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بها دون غيرها فإذا ارتكبت الزوجة جريمة الزنا في مكان عام فيكون لهذا الفعل وصفان جريمة الزنا وجريمة الفعل الفاضح ولما كانت جريمة الزنا هي الجريمة التي عقوبتها أشد وحيث أن القانون استلزم الشكوى في جريمة الزنا لذل فإنه يمتنع على النيابة تحريك الدعوى عن الفعل الإجرامي سواء بالوصف الأشد أو بالوصف الأخف.
2. حالة التعدد المادي أو الحقيقي أو الفعلي :
في هذه الحالة نكون أمام أفعال إجرامية متعددة بحيث يشكل كل فعل منها جريمة مستقلة فلو قام شخص بضرب وسب أخر في هذه الحالة يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية عن جريمة الضرب وتمتنع عن تحريك الدعوى بالنسبة لجريمة السب التي تلزم فيها الشكوى
عاشرا : الشكوى وحالة التلبس
إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف على إقامة الدعوى العمومية عنها على شكوى، فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز في هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاضرا من رجال السلطة العامة باستثناء جريمة الزنا
حادي عشر : الآثار التي تترتب على تقديم الشكوى
بعد تقديم الشكوى ممن يملكها فإن للنيابة العامة كامل حريتها في القيام بكافة إجراءات التحقيق ولها كامل صلاحيتها في تقدير مدى ملائمة تحريك الدعوى الجنائية ضد المتهم من عدمه، وذلك نتيجة زوال العقبة الإجرائية، واستعادة النيابة العامة حريتها في مباشرتها أيضا، سواء بالاتهام أو التحقيق أو المحاكمة، مع مراعاة تطبيق مبدأ الملائمة الذي لا يلزمها بتحريك الدعوى الجزائية بصورة مطلقة، فقد ترى أن الأدلة غير كافية فتأمر بمنع المحاكمة، وقد تأمر بحفظ الشكوى إداريا، دون أن يملك الشاكي الحق في توجيه الإجراءات.
ثاني عشر : سقوط الحق في الشكوى
الحالة الأولى : سبق ارتكاب الزوج جريمة الزنا.
إذا كان قد سبق للزوج المجني عليه أن ارتكب جريمة الزنا في المسكن المقيم فيه مع زوجته فلا تسمع دعواه عليها والعكس غير صحيح
الحالة الثانية : رضاء الزوج مقدما بارتكاب زوجته جريمة الزنا.
إن رضاء الزوج مقدما لزوجته ارتكاب جريمة الزنا لا يسقط حقه في الشكوى فإذا ثبت أن الزوج كان يسمح لزوجته بالزنا بل وأنه قد اتخذ الزواج حرفه يبغي من ورائها العيش مما تكسبه زوجته من البغاء فإن مثل هذا الزوج لا يصح أن يعتبر زوجا حقيقة وليس له أن يطلب محاكمة زوجته
ثالث عشر : انقضاء الحق في الشكوى
1. مضي المدة : ينقضي الحق في الشكوى بمضي ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها.
2. وفاة المجني عليه : الحق في الشكوى من الحقوق اللصيقة بشخصية المجني عليه فإذا توفي المجني عليه دون تقديمها فلا ينتقل هذا الحق إلى ورثته ولا يحق لأي منهم تقديمها.
أما في ق.إ.ج فقد جاء في نص المادة (5) منه أن "مدة سقوط الحق بتقديم الشكوى في جميع الأحوال التي يشترط فيها القانون لإقامة الدعوى الجزائية وجود الشكوى أو ادعاء بالحق المدني من المجني عليه أو غيره لا تقبل الشكوى بعد مرور ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بها وبمرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
رابع عشر : التنازل عن الشكوى
تعريف التنازل :
التنازل عن الشكوى هو تعبير يصدر من المجني عليه يكشف عن إرادته في عدم اتخاذ الإجراءات أو عدم استمرارها
ممن يقدم التنازل:
يقدم التنازل من المجني عليه صاحب الحق في الشكوى ويشترط أن تتوافر لديه أهلية الشكوى وإذا تطلب القانون صفة خاصة في الشاكي فيجب أن تتوافر هذه الصفة عند تقديم التنازل ولا يستثني من ذلك إلا حالة الزنا حيث اشترط القانون توافر صفة الزوج لقيام رابطة الزوجية عند تقديم الشكوى ولم يشترط توافر هذه الصفة عند التنازل عنها وإذا توفي الشاكي فلا ينتقل حقه في التنازل إلى ورثته إلا في دعوا الزنا
شكل التنازل :
لم يشترط القانون شكلا معينا للتنازل فيستوي أن يقرر به الشاكي كتابة أم شفاهه أو أن يكون صريحا أم ضمنيا وقد يستفاد من تصرف معين كأن يعود الزوج إلى معاشرة زوجته الزانية.
لمن يقدم التنازل :
لم يشترط القانون تقديم التنازل لجهة معينة فيصح تقديمه إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي كما يصح تقديمه إلى المحكمة.
وقت التنازل :
أجاز القانون التنازل عن الشكوى في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي فتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل وقد استثني المشرع حالتين أجاز فيهما للمجني عليه أن يوقف تنفيذ الحكم الواجب النفاذ وهما:
الحالة الأولى :
لزوج المرأة الزانية أن يوقف تنفيذ الحكم عليها برضائه معاشرتها له كما كانت.
الحالة الثانية :
للمجني عليه في السرقة بين الأزواج والأصول والفروع أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء.
أثر التنازل :
يترتب على التنازل انقضاء الدعوى الجنائية وللمتهم أن يتمسك بالتنازل في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لأن انقضاء الدعوى الجنائية من النظام العام ولا يؤثر ذلك على الدعوى المدنية التبعية ولكن يستثني من ذلك جريمة الزنا إذ ينصرف تنازل الزوج المجني عليه عن شكواه إلى الدعوى الجنائية إلي الدعوى المدنية أيضا.
أما المادة السابعة من الفصل الأول، فقد تناولت انقضاء الحق بالشكوى بالوفاة، بحيث ينقضي الحق في الشكوى بموت المجني عليه، وإذا حدثت الوفاة بعد تقديم الشكوى فلا يؤثر ذلك في سير الدعوى وينتقل حقه في التنازل إلى ورثته إلا في دعوى الزنا، فلأي واحد من أولاد الزوج الشاكي من الزوج المشكو منه أن يتنازل عن الشكوى وتنقضي الدعوى.
وحسما من جانب المشرع للغط الذي شهدته ساحات القضاء الفلسطيني في استخدام وتوحيد الأوصاف والمصطلحات الإجرائية القانونية، وبما يتعلق بالشخص الذي تقام عليه الدعوى الجزائية، بعد أن كان يسمى في النظام القضائي البائد (ظنينا) تارة، ومتهما تارة أخرى، فقد أورد في المادة الثامنة من الفصل الأول المذكور، أن " كل شخص تقام عليه دعوى جزائية يسمى متهماً"، قيل أن يصدر القرار بقانون رقم (8) لسنة 2006م بشأن قانون معدل لقانون الإجراءات الجزائية، والذي أورد في المادة الثانية منه أنه "يلغى نص المادة (8) من القانون الأصلي ويستعاض عنه بالنص التالي: " كل شخص تقام عليه دعوى الحق العام فهو مشتكى عليه، ويسمى ظنيناً إذا ظن عليه بجنحة، ومتهماً إذا اتهم بجناية ".
الفصل الرابع
أحكام المواد المقارنة في
قانون الإجراءات الجزائية العربي/الاسترشادي
خصص مشرع قانون الإجراءات الجزائية العربي/الاسترشادي المواد الأربعة عشر الأولى منه لبيان أحكام الحق في إقامة الدعوى، وذلك وفقا للترتيب التالي:
*تطبق أحكام هذا القانون في شأن الإجراءات المتعلقة بالجرائم التعزيرية، كما تطبق في شأن الإجراءات المتعلقة بجرائم الحدود والقصاص والدية فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
*يترتب على كل جريمة الحق في إقامة دعوى عامة لتطبيق العقوبات والتدابير الوقائية ودعوى مدنية لتعويض ما قد ينجم عن هذه الجريمة من ضرر.
*تقام الدعوى العامة على مرتكب الجريمة وكل من شارك أو ساهم فيها.
*تختص النيابة العامة بإقامة الدعوى العامة ومباشرتها ولا تقام من غيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون.
*لا يجوز التنازل عن الدعوى العامة أو وقف أو تعطيل سيرها إلا في الأحوال المبينة في القانون.
*يقوم النائب العام بنفسه أو بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة برفع الدعوى العامة ومباشرتها على الوجه المبين في القانون.
*تقدم الشكوى إلى النيابة العامة أو إلى أحد مساعديها.
*لا يجوز أن تقام الدعوى العامة إلا بناء على شكوى من المجني عليه، أو ممن ينوب عنه قانونا وذلك بالنسبة إلى الجرائم التي يستلزم فيها القانون الجزائي لمساءلة الجاني شكوى المتضرر، ولا تقبل الشكوى بعد انقضاء ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
*إذا تعدد المجني عليهم في الجرائم المشار إليها في المادة ( (8)، فيكفي أن تقدم الشكوى من أحدهم أو ممن ينوب عنه قانونا. وإذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم فتعتبر مقدمة ضد الباقين.
*إذا كان المجني عليه في جريمة من الجرائم المشار إليها في المادة ( (8) لم يتم خمسة عشر سنة أو كان مصابا بعاهة في عقله، تقدم الشكوى ممن له الولاية عليه.
فإذا كانت الجريمة واقعة على المال، فتقبل الشكوى كذلك من الوصي أو القيم.
وتسري في هاتين الحالتين جميع الأحكام المتقدمة الخاصة بالشكوى.
*إذا تعارضت مصلحة المجني عليه مع مصلحة من يمثله أو لم يكن له من يمثله، تقوم النيابة العامة مقامه.
*ينقضي الحق في الشكوى في الجرائم المشار إليها في المادة ( (8) بموت المجني عليه.
*لمن قدم الشكوى في الجرائم المشار إليها في المادة ( (8) أن يتنازل عن الشكوى في أي وقت قبل أن يصدر في الدعوى حكم بات.
وتنقضي الدعوى العامة بالتنازل.
وفي حالة تعدد المجني عليهم، لا ينتج التنازل أثرا إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى.
وفي حالة تعدد المتهمين، فإن التنازل عن الشكوى بالنسبة لأحدهم يحدث أثره بالنسبة إلى الباقين.
* أخيرا، إذا تبين للمحكمة الجزائية أن هناك متهمين آخرين لم ترفع عليهم الدعوى العامة كان لها أن تحيل أوراق الدعوى إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها وإذا تبين للمحكمة أن هناك وقائع أخرى لم تكن قد أسندت إلى المتهمين فيها، أو إذا تبين لها وقوع جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها، وجب عليها أن تحيل أوراق الدعوى إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها.
وحتى يتعرف القارئ على ماهية النيابة العامة، وتشكيلها، والوظائف التي تؤديها أمام المحاكم المختلفة، والصلاحيات المسندة إليها، وعلاقتها بالسلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل، سوف نخصص الفصول التالية لبيان ذلك تفصيلا، مقارنة بما هو مطبق في النظم العربية المقارنة.
الفصل الخامس
وظيفة النيابة العامة الفلسطينية واختصاصاتها
كما وردت في التعليمات القضائية للنائب العام رقم(1) لسنة2006م (القسم الجزائي)
في خطوة توحيدية لا سابق لها على الساحة القضائية الفلسطينية، أصدر الأستاذ النائب العام تعليمات قضائية تنفيذية ملزمة، حملت الرقم (1) لسنة2006م (القسم الجزائي) تتعلق بوظيفة النيابة العامة، جاء في المادة الأولى منها: أن النيابة العامة تعتبر شعبة من شعب السلطة القضائية وهي النائبة عن المجتمع والمكلفة بتمثيل المصالح العامة وتسعى في تحقيق موجبات القانون.
وفي المادة الثانية من التعليمات المذكورة، أنها تختص دون غيرها بتحريك الدعوى الجزائية وذلك بإجراء التحقيق فيها بنفسها أو بمن تفوضه من مأموري الضبط القضائي وفقاً لإحكام القانون .
أما الوظائف الأخرى، فقد نظمتها المواد من(3-31) وذلك على النحو التالي:
*تباشر النيابة العامة الدعوى الجزائية بمتابعة سيرها أمام المحاكم حتى يصدر فيها حكم قطعي
*تنهض النيابة العامة بكافة الاختصاصات الأخرى التي تنص عليها القوانين أو تقتضيها وظائفها وأهمها ما يلي : ـ
أ. تمثيل وزارات ومؤسسات السلطة الوطنية الحكومية أمام كافة المحاكم في الدعاوى والطلبات التي تقام منها أو عليها وفقاً للقانون .
ب. الإشراف على مراكز الإصلاح والتأهيل ( السجون ) وذلك بزيارتها والإطلاع على سجلاتها والاتصال بأي نزيل أو موقوف فيها والتحقيق في شكواه .
ج. تنفيذ الأحكام الواجبة التنفيذ في الدعاوى الجزائية .
د. إقامة الدعوى التأديبية على القضاة وأعضاء النيابة العامة ومباشرتها .
*يقوم بأداء وظيفة النيابة العامة لدى المحاكم النائب العام ومساعدوه ورؤساء النيابة ووكلاؤها ومعاونوها .
*لا يجوز أن يمثل النيابة العامة أمام المحكمة العليا من تقل درجته عن رئيس نيابة.
*النائب العام هو الممثل عن الهيئة الاجتماعية في مباشرة وتحريك الدعوى الجزائية ومتابعة سيرها حتى يصدر فيها حكم قطعي ، وولايته في ذلك عامة تشتمل على سلطتي التحقيق والاتهام وتنبسط على كافة ربوع الوطن .
*يتولى النائب العام كافة الاختصاصات القضائية والإدارية على جميع أعضاء النيابة العامة ، وله أن يباشرها بنفسه ـ وله في غير الاختصاصات المنوطة به على سبيل الانفراد ـ أن يعهد إلى أي من أعضاء النيابة المعهود إليهم قانوناً معاونته أو مباشرتها بالنيابة عنه .
*يباشر مساعدو النائب العام ورؤساؤها ووكلاؤها ومعاونوها الاختصاصات المقررة لهم في القانون بموجب التعليمات التي يصدرها النائب........