نلحظ تزايدًا كبيرًا، لدى شريحة عظمى من فتياتنا اليوم تدخل إلى النت، سواءً في تصفح المواقع، أو المنتديات، أو البالتوك، أو الغرف الصوتية، أو غيرها، ولقد أصبح تواجدُ الفتيات في الشبكة العنكبوتية أكثرَ من تواجد الرجال، وَلِوُلُوجِ الفتيات إلى (النت) أسباب، وإيجابيات وسلبيات.
بدايةً، تتحدث الأخت ريوف بنت عبدالله، فتقول، موضحةً أسباب إقبال الفتيات على النت:
"أما بالنسبة لإقبال الفتيات على النت، فهذا - والله اعلم - لأمرين أساسين:
أولهما: أن الفتياتِ أكثرُ من الشباب عددًا.
ثانيهما: أن الفتيات يدخلن (النت)؛ لأمرين:
أ- شعورهن بفراغ عاطفي؛ وهذا مرجعه للأهل، والأهل هم المسؤولون عن ذلك؛ فإذا كان الوالدان لا يَعِيَان المسؤولية، التي عليهما تجاه الفتاة، فلا يَرفُضانِ أيَّ طلَب للفتاة، فهذا أمر خطير؛ فالفتاة بهذا تستخدم (النت)؛ لتبحث عن الفراغ العاطفي، وهذا الفراغ إن لم يكن مِلْؤُه من الأم والأب - بشكل خاص - فكيف يكون من الغير؟!
ب- إذا افترضنا أن تلك الفتيات يُمْنَعنَ من الخروج من المنزل، وهذا أمر غير معقول في هذا الوقت خاصة، فكيف لهن أن يتكلمن مع غيرهن من الفتيات الأخريات؟!
لا جدوى من العيش وحيدة.
لا أعرف صديقة!
ولا أعرف أختًا!
ولا أعرف عدوَّة!
فكيف لي أن أعيش؟!"
ثم تُضيف ريوف، قائلةً:
"وهنا لا أحصر الأسباب في هذين السببين، إنما قد جعلت من الواقع كتابة، ومن الحاصل في المجتمع كلمات، ربما أعبر فيها عن حال معشر الإناث، وأرى أن السبب الثاني - وهو الفراغ العاطفي - يؤثر أكثر من الأول، والإقبال بشكل غير طبيعي - والحمد لله - على الغرف الإسلامية بصورة خاصة، إن كانت محادَثات، وإن كانت منتديات، فهي كذلك نسبة كبيرة.
لكن الإقبال على الدين يجعلني أكثرَ تفاؤلاً؛ لأن الفتيات يجعلن من (النت) مكانَ تلقِّي عِلْمٍ بنسبة 50%، ولله الحمد، وبخاصة عندما نسمع: أن الفتاة الفلانية، في محادثة البالتوك أعلَنَتْ إسلامَها، فهذا يجعلني أتذكَّر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لأَنْ يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من حمر النَّعَم)).
فالإقبال على التعلم والدعوة، وهمَّة الفتيات في هذا المجال - وخاصة (النت) - أصبحت أمرًا لا بد منه، وقد استدرك الأمرَ مشايخُ المسلمين وعلماؤهم، فجعلوا نقولاً مباشرةً لمحاضرات هؤلاء العلماء، وكثيرًا ما نرى الجهود متواصلة في سماع، وكتابة، ومتابعة هذه الدروس من الفتيات".
النت متعة الفتيات
ومن ناحية أخرى تقول إيناس بنت عبدالله:
"إقبال الفتيات على (النت) إقبالٌ غيرُ مسبوق، أقبلت الفتيات على (النت) كإقبالهن على السوق - متعتهن التاريخية - وأكثر.
ومن الإيجابيات: انفتحت الفتيات، وأصبحن أكثرَ ثقافة، وتعلمن بعضًا من مهارات الاتصال، وكذلك اكتسبن العديد من خبرات وتجارب الآخرين، واستفدن من وقتهن.
أمَّا السلبيات: فمنهن من انقطعت عن العالم الخارجي؛ لأجل الغوص في بحر النت، وبالتالي قلَّ تواصلها مع الواقع، وكذلك انفتحت بعض الفتيات على الثقافة الإباحية، والتواصل بشكل غير شرعي مع الجنس الآخر، وانغلقت عن فوائد (النت) الأخرى، وقد أصبح البعض أكثرَ جرأةً، بل وقاحة في طرح المسائل التي تعدت الخطوط الحمراء، منها السياسية، والثقافة الإباحية طبعًا، وازداد عدد المصابين بالسمنة؛ لأنه لا حركة وقتًا طويلا على النت".
نحتاج توجيهًا وإرشادًا
أما ميمونةُ، فقد أوجزت رأيها في كلمات؛ فقالت: "بكثرةٍ ألاحظ إقبالَ الفتيات على النت، وهذا مما يحتاج إلى توجيه وإرشاد، واستغلال لطاقاتهن فيما ينفعهن".
المتنفس الوحيد
ومن جهةٍ أخرى توضح الأستاذة ريم أبو عيد، الكاتبة والأديبة المصرية، والمقيمة حاليًّا بالرياض، ومسؤولة حملة: (أنا بشر):
"في تصوُّري: أن الإنترنت أصبح النافذة الرئيسة للإطلال على العالم، وعلى ما يجري به من أحداث، والفتياتُ في رأيي مثلهم في استخدام (النت) مثل الشباب، وربما تَكثُر أعداد الفتيات على الشبكة العنكبوتية؛ بسبب أنها قد تكون المتنفَّس الوحيد أمامَهُنَّ؛ للتواصل مع الآخرين، وللمشاركة بالرأي في المنتديات، وما شابه من مواقع تفاعليه".
ثم تُضيف أ. ريم أبو عيد:
كيف نُرشد الفتيات عند الولوج للنت؟ بقولها: "الوسطية مطلوبة في كل الأمور؛ حتى لا يختل ميزان حياة الإنسان، ففي رأيي: أنه يجب تخصيص عدد ساعات محددة في اليوم لاستخدام الإنترنت؛ حتى لا يؤثر الاستخدام المفرط لها على صحة الإنسان النفسية والعصبية؛ فكما أكدت الدراسات: أن الاستخدام المفرط للإنترنت يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للإنسان، كما أنه قد يؤثر على حياة الفرد الاجتماعية كذلك، ويجعله بمعزل عنها؛ إذا أفرط في استخدامها".
إدمان (النت) خلل
وتستطرد أ. أبو عيد، موضحة الإيجابيات والسلبيات للإنترنت، فتقول:
"كلمة الإدمان - في حد ذاتها، وفي كل الأمور - سلبية، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تكون إيجابية، وإدمان الفتيات للنت: هو مؤشر على وجود خلل ما في المنظومة الاجتماعية، بمعنى: أننا يمكن أن نطلق عليه "صافرة إنذار"، بأن هناك مشكلة، لا بد من العمل على حلها سريعًا؛ فالفتيات في بعض المجتمعات لا يجدن مساحة كافية؛ للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، والعمل، والترفيه؛ لذا يلجأن إلى الإنترنت، كحل للهروب من واقع تَمَّ فَرْضه عليهن من المجتمع.
وتؤكد أ. أبو عيد: أن هناك أخطارًا على الفتيات؛ من جراء استخدام النت؛ فتقول: "إذا أسيء استخدامها فإن هناك - بالطبع - خطرًا كبيرًا، ولكنني لست مع الرأي الذي ينادي بمنع الفتيات من استخدام (النت) على الإطلاق؛ لأن المنع من استخدام تقنية ما ليس حلاًّ لإساءة استخدامها من البعض، ولكن يجب تعليم الفتيات كيفية استخدامها؛ بحيث يحققن أقصى إفادة ممكنة منها، دون أن يتعرضن لتلك الأخطار".
من ضرورات العصر
ومن ناحية أخرى تتحدث معنا د.حنان فاروق، المستشارة النفسية؛ فتقول:
"إدمانُ (النت)، بصفة عامة، وليس للفتيات فحسب - مؤشرٌ سلبي؛ لأنه إن لم يكن ذا فائدة، فسوف يعود بالسلب على الشخص نفسه، وعائلته، وعلاقاته، وربما أخلاقياته أيضًا، فالخطر على كل من يدخل النت، وليس الفتيات فحسب، وربما نخص بالذكر فئة الشباب، الذي ليس له هدف بعينه في الدخول للنت؛ إلا إضاعة الوقت، والتعارف غير المقنَّن، وما شابه؛ لذا أرى أن تُعْقَد دورات للفتيات والفتيان؛ لتوجيههم ناحيةَ الاستفادة من (النت) في كل المجالات: الحياتية، والعلمية، والثقافية، وكيفية تفادي مشاكل (النت) المقصودة وغير المقصودة، والتعامل معها بما يصون الحرمات، ولا يخرج عن الأطر الشرعية".
