الوظائف الدلالية:
1. إحداث الترابط والتماسك بين عناصر الجملة، فلا يمكن الاستغناء عنها؛
لأنه لو حذفنا حرف الجر يتغير المعنى العام للجملة.
2. يضفي على السياق معاني متناهية في التمايز.
3. الربط بين أجزاء الكلمة؛ كي تتضح تفاصيل المعنى ومقاصده، وليس لها دلالات.
معاني حروف الجــــــرّ:
( مِنْ ) لها سبعةُ مَعَانٍ هي:
1- ابتداءُ الغَايَةِ المكانية باتفاقٍ، وهو المعنى الرئيس، نحو:
(مِنَ المَسْجِد الْحَرَام )
والزمانية خلافاً لأكثر البصريين، ولنا قولُه تعالى:
( مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ) وقوله: (فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إلىَ الْجُمُعَةِ).
2- بيان الجنس، نحو:
( مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ )، و(اجتنبوا الرجس من الأوثان)، و(ما يفتحِ اللهُ مِن رحمة).
3- التبعيض، نحو:
( حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تحُبُّونَ )، ونحو(مِنهم مَنْ كلَّمَ اللهُ).
4- التنصيص على العموم، أو تأكيده عليه وهي الزائدة، ولها ثلاثة شروط:
- أن يسبقها نَفْىٌ أو نَهْىٌ أو استفهامٍ بِهَلْ وأن يكون مجرورُها نكرة،
وأن يكون إمّا فاعلاً، نحو: ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرِ )،
أو مفعولاً، نحو(هَلْ تحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ )
أو مبتدأ،، نحو(هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرِ اللهِ).
و(ما فرطنا في الكتاب من شيء)، و(ما اتخذ اللهُ من ولدٍ سبحانه).
5- معنى البَدَل،، نحو:
(أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ ). و(لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم مِن الله )
6- الظرفية، نحو:
(مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ )، ( إذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمعَةِ ).
7- التعليلُ؛ كقوله تعالى:
( مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا )، وقال الفرزدق: ( يُغْضِي حَيَاءً وَيُغْضَى مِنْ مَهابَتِهِ... ).
(اللاَّمِ) لها اثنا عَشَرَ مَعْنىً:
(المعنى الرئيس لللام هو الملك والاختصاص)
1. المُلك، نحو(للهِ مَا فىِ السَّموَاتِ ).
2. الاختصاص (شِبْهُ الملك،)، نحو(السَّرْجُ للدَّابّةِ ). و الجنة للمؤمنين.
3. التّعدية، نحو(مَا أضْرَبَ زَيْداً لِعَمْرٍو ).
و(ما أحَبَّ العُقلاءَ للصَّمتِ المَحمودِ، وما أبغضهم للثرْثرَة)،
ومنه قوله تعالى:{فهَبْ لي مِن لَدُنْكَ وَلِيًّا}،
ومنه قولهم: جَلبَ الخيرَ لأهلِه، وجنى الثمرةَ له، ورقَّ له قلبُه، وشكر لله، وعمَدَ للشَّيء (قصَدَه)،
ومن الفعل اللازم أصلا: وتلطَّفوا للأمرِ، وأنصَتَ له.
وهذا المعنى غير متفق عليه عند النحاة. [انظر شرح التصريح لخالد الأزهري، 1/ 642].
4. التعليلُ؛ كقوله: ( وَإنِّى لَتَعْرُونىِ لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ كما انتفضَ العُصفورُ بلّلَهُ القطرُ )
5. التّوكيد، وهي الزائدة، نحو قوله( مُلْكاً أَجَارَ لمُسْلِمٍ وَمَعُاهَدِ... )
6. تقوية العامل الذى ضَعُفَ: إما بكونه فَرْعًا في العمل، نحو(مُصَدِّقاً لِماَ مَعَهُمْ)، و( فَعَّالٌ لمِاَ يُرِيدُ )،
وَإمَّا بِتَأَخُّرِهِ عَنِ المَعْمُولِ، نحو(إنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ )،
وليست المقويةُ زائدةً محضة ولا مُعَدِّيةً محضة، بل هي بينهما.
7. انتهاءُ الغاية، نحو(كُلٌّ يَجْرِى لأجَلٍ مُسَمًّى )، و قرأت الكتاب لخاتمته.
8. القَسَم، وتختصُّ بالله تعالى، نحو(للهِ لاَ يُؤَخَّرُ الأجَلُ ).
9. التَّعَجُّبُ، نحو(للهِ دَرُّكَ ! ) و يا لك من ليل طويل. و(ويا لكِ طالبةً مجتهدةً! )
10. الصَّيْرُورَة، نحو( لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ... ).
وقوله تعالى {فالتقطه آل فرعون ليصير لهم عدوا وحزنا}
11. بمعنى (بعد) البَعْدِية، نحو(أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدلُوكِ الشَّمْسِ )،
وقوله - صلى الله عليه وسلم-:"صوموا لرؤيته".
12. بمعنى (على) الاستعلاءُ، نحو(وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ)، (وتَلَّهُ للجَبين)، و(دعانا لجنبه).
(الباء) لها اثنا عشر معنًى:
1- الإلْصَاقُ، وهو المعنى الرئيس للباء، نحو(أمْسَكْتُ بِزَيْدٍ ).
(وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) لمن أراد مسح كل الرأس.
2- الأستعانة، نحو(كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ ). و(بسْمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم).
3- التَعويض، نحو( بِعْتُكَ هذَا بِهذَا ).و(وشَرَوْهُ بثَمَنٍ بخْسٍ).
4- التَّعْدِية، نحو(ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ) أي: أذْهَبَهُ، وأذن بالشَّيءِ (علمَ به)،
وأهلَّ به (قال له: أهلاً)، وبَصُرَ به (صار مبصرا)، وحفل به (اهتمّ)،
وحاقَ بهم الأمرُ (لزمهم)، وخصّه بالشَّيء (فضّله)، وتربّص بفلان (انتظر به خيراً أو شرّاً)، وطاف بالكعبة...
5- التبعيض، نحو(عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ ) أي: منها.
(وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) لمن أراد مسح بعض الرأس كالشافعية في الوضوء.
6- المُصَاحَبَة، نحو(وَقَدْ دَخَلُوا بِالكُفْرِ ) أي: معه. و(قد جاءَكم الرّسوُل بالحَقِّ).
7- المُجَاوَزَة، نحو(فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيِرا ): أي عنه. و(سأل سائل بعذاب واقع).
8- الظَّرْفية، نحو(وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الغَرْبِىِّ )، أي: فيه، ونحو( نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ ).
9- البَـدَلُ، نحو( مَا يَسُرُّنِى أَنِّى شَهِدْتُ بَدْرَا بِالعَقَبَةِ )، أي بَدَلهَا، ونحو: خُذِ الكتاب بالدفتر.
10- الاستعلاء، نحو(مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ )، أي على قنطار.
11- السببية، نحو(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ ). و(أخذته العزة بالإثم).
12- التأكيد وهي الزائدة، نحو(وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً )، ونحو:
( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ )، ونحو(جاء القائد بنفسه)، وبعد إذا الفجائية، نحو (خرجت فإذا بالأستاذ قادم).
( في ) لها ستةُ مَعَانٍ:
1- الظرفية حقيقيةً مكانيَّةً أو زمانيةً، وهو المعنى الرئيس لها، نحو:
(فِي أَدْنَى الأرْضِ )، ونحو: ( في بِضْعِ سِنِينَ ).
أو مجازية، نحو: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ ).
2- السّبية، نحو: (لَمَسَّكُمْ فيِمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ).
3- المُصاحبة، نحو: (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ ).
4- الاستعلاءُ، نحو: (لأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ).
5- المُقَايَسَة، نحو: (فَمَا مَتَاعُ الْحَياَةِ الدُّنْيَا فيِ الآخِرَةِ إلاّ قَليِلٌ ).
6- بمعنى الباء نحو: ( بَصِيرُونَ فِي طَعْنِ الأبَاهِرِ وَالكُلَى ).
( على ) لها أربعةُ مَعَانٍ:
1- الاستعلاء، نحو(وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفُلْكِ تُحْمَلُونَ ).
2- الظَّرْفِية، نحو(عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ ): في حين غفلة.
3- الْمُجاوَزَة؛ كقوله( إذَا رَضِيَتْ عَلَىَّ بَنُو قُشَيْرٍ)؛ أي: عني.
4- المُصاحبة، نحو(وَإِنَّ رَبّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ)، و(وآتى المال على حبه)،
( عَنْ ) لها أربعةُ معانٍ:
1- المُجاوزة، وهو المعنى الرئيس لها، نحو(سِرْتُ عَنِ البَلَدِ ).
2- البَعْديِة، نحو: (طَبَقَاً عَنْ طَبَقٍ)؛ أي: حالا بعد حال.
3- الاسْتِعْلاَء؛ كقوله تعالى: ( وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ )؛ أي: عَلَى نفسه.
4- التعليل، نحو: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكى آلِهتِنَا عَنْ قَوْلِكَ )؛ أي: لأجْلِهِ.
(الكاف) لها أربعةُ مَعَانٍ:
1- التّشْبِيه، وهو المعنى الرئيس لها، نحو(وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ).
2- التّعليل، نحو(وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ )؛ أي: لهدايته إياكم.
3- التّوكيد وهي الزّائدة، نحو(لَيْسَ كمِثلِهِ شَيْءٌ )؛ أي: ليس شيء مثله.
(إلى وحتى) تفيد معنى:
1- انتهاءُ الغايةِ مكانيةً أو زمانيةً: نحو(مِنَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الَمسْجِدِ الأقْصَى )، ونحو(أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلىَ الّليْلِ )،
ويجرُّ بحتى آخر؛ نحو( أَكَلْتُ السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسِهَا)،
أو متصل بآخر؛ نحو(سَلاَمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ).
معنى الواو وتاء القَسَم،
نحو: والله و تالله.
(مُذْ ومُنْذُ) تفيد معنى:
1- ابتداءُ الغاية إنْ كان الزمان ماضياً؛ كقول زهيرٍ(أَقْوَيْنَ مُذْ حِجَجٍ وَمُذْ دَهْرِ...)،
وقول امرئ: ( وَرَبْعٍ عَفَتْ آثَارُهُ مُنْذُ أَزْمَانِ... ).
2- الظرفيةُ إنْ كان حاضراً، نحو(مُنْذُ يَوْمِنَا ).
3- بمعنى (مِنْ وإلَى معاً) إنْ كان معدوداً، ويدلان على ابتداء الغاية وانتهائها معاً؛ نحو(مُذْ يَوْمَيْنِ).
(رُبَّ) تفيد معنى:
1- التكثيرُ كثيرًا: فالأولُ؛ كقوله- عليه الصلاة والسلام: ( يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقَيِامَةِ )
وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان: ( يَا رُبَّ صَائِمِه لَنْ يَصُومَهُ وَقَائِمِه لَنْ يَقُومَهُ )
2- التقليل قليلاً؛ كقول الأزدي: ( أَلاَ رُبَّ مَوْلُودٍ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ... وَذِى وَلدٍ لَمْ يَلْدَهُ أَبَوَانِ )،
يريد بذلك آدم وعيسى- عليهما الصّلاة والسّلام.
حروف الجرِّ التي لَفْظُها مُشْتَرِكٌ بين الحرفية والاسمية خمسة هي:
1- الكاف(اسميتها مخصوصة بالشعر)؛ كقوله: ( يَضْحَكْنَ عَنْ كَالبَرَدِ الْمُنْهَمِّ )؛ بمعنى (عن مثل البرد)
2- (عَنْ وَعَلَى) وذلك إذا دخلت عليهما ( مِنْ )كقوله:
( مَنْ عَنْ يَمِينِى مَرَّةً وَأَمَامِى)، وقوله( غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَا).
3- (مُذْ ومُنْذُ ) وذلك في موضعين:
أ) أن يَدْخُلاَ على اسمٍ مرفوعٍ، نحو(مَا رَأَيْتُهُ مُذْ يَوْمَانِ )أو ( مُنْذُ يَوْمُ الْجُمُعَة )،
وهما حينئِذٍ مبتدآن، وما بعدهما خبر، وقيل بالعكس وقيل: ظَرْفَان، وما بعدهما فاعلٌ بكان تامّة محذوفة.
ب) أن يَدْخُلاَ على الجملة فعليةً كانت وهو الغالب؛ كقوله:
( مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إِزَارَهُ )، أو أسْمِيَّةً؛ كقوله: ( وَمَا زِلْتُ أَبْغِى المَالَ مُذْ أَنَا يَافِعٌ)، وهما حِينئذٍ ظرفان باتفاق.