عُدي الدباغ حارس مرمى حارات القدس الذي أصبح بطلاً لكأس اسكتلندا

قاد المهاجم الفلسطيني عُدي الدباغ (26 عاماً) فريق إبردين للتتويج بلقب بطولة كأس اسكتلندا لكرة القدم، محتّلاً الترتيب الثاني على مستوى هدّافي البطولة برصيد ثلاثة أهداف، بعد مدّة من الزمن تحوّل فيها من مجرّد حارس مرمى هاوٍ في حارات البلدة القديمة في مدينة القدس، إلى أهم محترف في تاريخ فلسطين. 

وُلد المهاجم الفلسطيني عُدي الدباغ (26 عاماً) في الثالث من شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1998 في حارة السعديّة بالبلدة القديمة لمدينة القدس، ولم يتأخر كثيراً في إظهار موهبته وحبّه للعبة كرة القدم، فمارسها حارسَ مرمى، أو "جوكراً" متنقّلاً بين رفاقه، إلى أن وقعت أعين كشّافي هلال القدس على موهبته، فاختاروه للانضمام إلى الفريق في سنّ 12 عاماً، ثم أصبح لاعباً للفريق الأول في سنّ 16 عاماً، وحينها ساعد الفريق على البقاء في دوري المحترفين موسم 2015/ 2016 بتسجيله 5 أهداف على الرغم من لعبه في مركز الظهير الأيسر. 

قدرات عدي الدباغ الهجومية أقنعت مدربه خضر عبيد، لاعب الوحدات الأردني السابق، على تغيير مركزه، فاستخدمه في مركز الجناح الأيسر، أو المهاجم الصريح، ما ساعد الدبّاغ على أن يكون قريباً للمرمى أكثر، فقاد فريق هلال القدس إلى التتويج بلقب دوري المحترفين الفلسطيني لكرة القدم لثلاثة مواسم متتالية في سابقة تاريخية، إلى جانب التتويج ببطولة كأس فلسطين، وتضمّن ذلك حصوله على لقب هدّاف الدوري (2019/2018)، واستدعاءه لقائمة منتخب فلسطين الأول لكرة القدم. 

خاض الدباغ مباراته الدولية الأولى مع منتخب فلسطين في السابع والعشرين من شهر مارس/آذار عام 2018 أمام مُضيفه منتخب سلطنة عُمان، ضمن تصفيات كأس آسيا لكرة القدم عام 2019، واستطاع تسجيل هدفه الدولي الأول في السادس من شهر سبتمبر/أيلول من العام ذاته في مباراة ودية أمام منتخب قرغيزستان (1-1)، والآن يصنّف الدبّاغ أفضل هدّاف في تاريخ منتخب فلسطين بتسجيله 17 هدفاً خلال 38 مباراة دولية، من ضمنها أهدافه الثلاثة في بطولة كأس آسيا قطر 2024 الأخيرة. 

مسيرة ابن العاصمة الفلسطينية مع الاحتراف بدأت بانضمامه إلى فريق السالمية الكويتي في يوليو/تموز عام 2019، ومنه إلى فريق القادسية، لكن مهاجم "أسود العاصمة" لم يتمكّن من إثبات قدراته كثيراً بألوان "الزعيم" بعد معاناته من الإصابات المتكرّرة، فانضم على سبيل الإعارة إلى نادي اليرموك، الذي سجّل معه ستة أهداف في تسع مباريات. 

تجربة "أفعى فلسطين" الناجحة الأولى أتت مطلع عام 2021 عندما انضم لنادي العربي الكويتي، فصنع معه التاريخ عندما قاده للفوز ببطولة الدوري بعد غياب دام 19 عاماً، إلى جانب خطفه لقب هداف البطولة (13 هدفاً)، ومساعدته الفريق على التتويج بلقب بطولة كأس السوبر، فأصبح مطمعاً للعديد من الأندية العربية والأوروبية. 

وفي صيف عام 2021 أصبح عديّ الدباغ أول فلسطيني يحترف في أحد الدوريات الأوروبية الخمسة الكُبرى، بعد انتقاله إلى نادي أروكا البرتغالي بعقد امتد لعامَين مقابل مبلغ 200 ألف يورو، فسجّل معه 15 هدفاً خلال 45 مباراة، ثم انتقل إلى نادي شارلروا البلجيكي، لكن هذه المحطّة لم يُكتب لها النجاح لعدد من العوامل، أبرزها تأثرها بظروف حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، إذ انتقل اللاعب إلى الفريق البلجيكي في الأول من شهر يوليو/تمّوز 2023، فسجّل مع الفريق 7 أهداف فحسب في 42 مباراة بدأ معظمها على دكّة البدلاء. 

وفي قرار متوقّع، خرج الدباغ معاراً إلى فريق أبردين الاسكتلندي في الثالث من شهر فبراير/شباط الماضي، وتمكّن خلال رحلته القصيرة مع الفريق من كتابة التاريخ، عندما وقّع على هدف تأهل الفريق إلى المباراة النهائية من بطولة كأس اسكتلندا أمام هارتس في الشوط الإضافي الثاني (د118)، إلى جانب تنفيذه ركلة ترجيحية ناجحة في المباراة النهائية أمام سيلتيك، مختتماً البطولة في الترتيب الثاني للهدافين (ثلاثة أهداف)، ومتأهلاً مع فريقه إلى بطولة الدوري الأوروبي لكرة القدم. 

تتويج الدباغ بلقب بطولة كأس اسكتلندا جعله أول لاعب فلسطيني يصعد إلى منصّات التتويج في بطولة أوروبية كبيرة، وأضاف الكثير من الإثارة لحكاية اللاعب الذي تحدّى الاحتلال "الإسرائيلي" باختياره قميص منتخب فلسطين، رغم مولده في منطقة تسيطر عليها سلطات الاحتلال، وتقدّم للاعبيها الكثير من الإغراءات من أجل اختيار قميص "آخر" على قميص "الفدائي". 

تنتهي إعارة نجم فلسطين مع فريق أبردين في الثلاثين من الشهر الجاري، وليس مفهوماً إلى الآن إن كان ما فعله كافياً من أجل أن يصبح واحداً من لاعبين فلسطينيين قلائل لعبوا في بطولة الدوري الأوروبي، مثل حسام عايش مع فريق أوسترسوند السويدي، وأحمد قاسم مع فريق إلفسبورغ السويدي كذلك، أم سيعود لفريق شارلروا من أجل خوض تجربة قديمة-جديدة.

المصدر: العربي الجديد