وتوالت الأحداث عاصفة… عندما جعل "البرادعي" الشوارع خالية!
في الثمانينيات، عُرض على التلفزيون المصري أحد أكثر المسلسلات تشويقًا وغموضًا في تاريخ الدراما البوليسية:
"وتوالت الأحداث عاصفة" – مسلسل لم يكن مجرد حكاية عن الخير والشر، بل كان حالة جماهيرية استثنائية. وقت عرضه، كانت الشوارع المصرية تكاد تخلو من المارة، والمقاهي تغلق أبوابها، والبيوت تتحول إلى قاعات متابعة جماعية، ترقبًا لحلقة جديدة من لغز اسمه "البرادعي"!
البرادعي... المجرم الذي لا وجه له
الشخصية المحورية في المسلسل كانت المجرم العبقري الغامض البرادعي، الذي حيَّر الشرطة والجمهور معًا. رجل يتخفى في وجوه متعددة، يستخدم أسماء مستعارة، ويُجري مكالمات غامضة مليئة بالتحدي والسخرية مع رجال الشرطة، وبالتحديد مع الضابط المسؤول عن القضية: العميد رشدي.
البرادعي لم يكن مجرمًا عاديًا، بل عبقري في التمويه، يستخدم علم النفس والتكنولوجيا البدائية وقتها للإفلات من المراقبة، ويسيطر على المشهد وكأنه شبح لا يُمكن الإمساك به.
العميد رشدي... عبدالله غيث يتألق
النجم القدير عبدالله غيث جسّد شخصية العميد رشدي، ضابط المباحث الصلب الذي كُلف بمهمة القبض على البرادعي. شخصية محنكة، تعتمد على الذكاء والتحليل النفسي، بعيدًا عن الأساليب البوليسية التقليدية.
العلاقة بين رشدي والبرادعي كانت أشبه بـ"صراع عقول". لم يلتقيا وجهًا لوجه إلا في نهاية المسلسل، لكن المكالمات الغامضة التي كان يجريها البرادعي مع رشدي كانت مشحونة بالإثارة، وتُشعل خيال الجمهور في كل حلقة.
وجوه كثيرة.. من هو البرادعي؟
من أكثر ما زاد من غموض المسلسل هو أن شخصية البرادعي لم تُجسَّد بوجهٍ واحد. بل ظهر بعدة ملامح مختلفة، لعبها أكثر من ممثل، في خدعة درامية ذكية كانت جديدة تمامًا على المشاهد العربي وقتها.
كلما ظن الجمهور أن البرادعي انكشف، تظهر شخصية جديدة تُثير الشك، وتفتح أبوابًا جديدة في التحقيق. حتى جاء الكشف النهائي، واللحظة التي أُزيح فيها القناع عن وجه البرادعي الحقيقي، وسط ذهول الملايين.
أداء متقن وكتابة من ذهب
كتب المسلسل الكاتب إبراهيم مسعود بالاشتراك مع مخرج العمل حسام الدين مصطفي، الذي مزج بين الدراما البوليسية والتحليل النفسي، في نص عبقري سبق عصره.
أخرجه حسام الدين مصطفي، الذي قدم توليفة بصرية مشوقة، خاصة في مشاهد التحقيق والمطاردات.
وشارك في البطولة مجموعة من الممثلين البارعين مثل:
سهير البابلي وحسن مصطفي وصلاح رشوان وليلي علوي أحمد لوكسر وإبراهيم خان وأحمد بدير
كل ممثل أضاف لمساته الخاصة، لكن يظل عبدالله غيث هو "عمود المسلسل" الحقيقي.
أثر لا يُنسى... وجمهور لا يُخدع
"وتوالت الأحداث عاصفة" لم يكن مجرد مسلسل، بل مدرسة في كتابة الغموض والإثارة. وفتح الطريق لأعمال درامية لاحقة تحاول محاكاة هذا المستوى من التشويق.
ورغم مرور أكثر من 30 عامًا على عرضه، ما زال البرادعي يُضرب به المثل في الشر الذكي، وما زال الناس يتذكرون تلك الليالي التي كانوا يتركون فيها كل شيء... من أجل متابعة حلقة جديدة.
الى اللقاء مع الحلقة الثانية