أنواع النساء من حيث الخِلقة والأخلاق:
النساء أنواع أيضًا في أصل الخلقة، وأنواع في الأخلاق، والنبي صلى الله عليه وسلم لما أخبرنا: «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر ذلك، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود، وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن، وبين ذلك»(14).
فكانت تلك قبضة قبضها الله سبحانه وتعالى، والقبضة من صفات الله عز وجل، كما أن من صفاته الكف والأصابع واليد، ولله سبحانه الصفات الجليلة العظيمة التي تليق به سبحانه وتعالى، من غير أن تشبه صفات المخلوقين، فهي صفات تليق به عز وجل، قبض قبضة من جميع الأماكن في الأرض، كانت في تلك القبضة منها نصيب، فجاء بنو آدم على قدر الأرض.
الأرض كما أن فيها تربة بيضاء، وتربة حمراء، وتربة سوداء، وتربة صفراء، جاءت ألوان العباد على قدر ذلك.
الأرض كذلك فيها بقع طيبة تنبت الكلأ وتمسك الماء، وبقع خبيثة فيها لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً؛ بل هي أرض بور، وأرض أيضًا بلقع، وأرض صلدة لا تنبت شيئًا، وإنما هي قاسية.
ومن الأراضي ما هي أرض وعرة، ومنها ما هي أرض سهلة، وكذلك نفوس العباد، ومن ذلك النساء أيضًا على هذا، فبعض النساء نفسها طيبة عاملة بالخير، إذا دعيت إلى مناسبة طيبة أو طاعة سارعت، ومن النساء من نفسها خبيثة تهوى الخبائث والمحرمات، ومجالس الشر، ورفيقات السوء، وإذا دعيت إلى خير صدت، وإذا دعيت إلى شر سارعت.
من النساء من أخلاقها سهلة لينة هينة، فهي إذا قيدت انقادت، وإذا أنيخت استناخت بالخير، لا يمكن أن ترد طلبًا في الخير، وهي حيية.
ومن النساء من هي صعبة الطبع، سيئة المزاج، سيئة الأخلاق، لا تُؤْلف ولا تألف، ولا تستطيع أن تعاشر غيرها، ولا تصبر مع صديقة ولا زميلة، فكثيرة المقاطعة والهجر، لا تستطيع أن تداوم على علاقة من العلاقات؛ سرعان ما تتبدل وتتغير، لعل طينتها من أرض صعبة حزنة شديدة الوعورة صلبة؛ ولذلك كانت نفسها بهذه المثابة، وينبغي علينا، سواء كانت طينتنا من أرض طيبة أو أرض أخرى، أن نسعى في تغيير الطباع.
ومن النساء من عندها خلق واحد سيئ، ومنهن من عندها مائة خلق سيئ، ومنها من تكون في الخلق السيئ في أسوأ المنازل، ومنها من تكون متوسطة في ذلك الخلق السيئ، ومنها من عندها منه شيء قليل، والمطلوب هو المجاهدة، وأن تسعى في تحسين حالها، وتحسين أخلاقها، وكبت الثوران والفورة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب»(15)، أن تُعَود نفسها أن تضبط أعصابها، وأن ترق في الكلام، وإذا أثيرت لا تستثار بسرعة، وأن تهدأ، وإذا كانت قائمة تقعد، وإذا كانت قاعدة تضطجع، وتستعيذ بالله من الشيطان.
ثم إن معرفة أجر بعض الأعمال في هذا الجانب في مجاهدة النفس يساعد المرأة على ضبط أعصابها، وترك هذه الأخلاق السيئة؛ مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه «من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه»(16)، لو شاءت أن ترد لها الصاع صاعين لردت، لو شاءت أن تعطيها بدل الكلمة عشرة لأعطتها وانهدت عليها بالكلام، ولكنها تتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك ما قاله ابن عمر لما رأى معاوية صعد على المنبر وقال: «من رأى أنه أحق منا بهذا الأمر فليطلع لنا قرنه؟»، فَهَمَّ ابن عمر بالرد لكن ماذا قال؟ قال: «فذكرت الجنان»(17)، ذكر ما أعده الله في الجنة فترك الرد، وهكذا المرأة المسلمة ممكن أن تستفز بكلمات وتصرفات، خصوصًا عندما يكون هناك مجتمع نسائي، والمجتمعات النسائية الاحتكاك فيها يولد الحرارة، ووجود بعض المصادمات، والشيء الدافع إلى الغضب، أو الدافع إلى الرد، وتقول: قهرتني فلانة، كيف لا أرد عليها؟
فنقول: إذًا تذكري ما أعد الله في الجنان، ولعلك بذلك تنالين أجرًا عظيمًا بدلًا من تفريغ هذه الشحنة في أختك المسلمة.
منقول / صيد الفوائد