أنواع النساء من حيث الصلاح والاستقامة:
المرأة المهتدية الطائعة لله سبحانه وتعالى أعلى هذه الأنواع، وهو النوع المطلوب المرغوب، والمرأة القدوة الداعية إلى الله عز وجل رأس هذا النوع.
ومن النساء من تكون متدينة في نفسها لكن ليس لها أثر على من حولها.
والمرأة القدوة خطؤها مضاعف؛ ولذلك فإن الشعور بالاصطفاء ينبغي أن يرافقه شعور بالخوف من الوقوع في المحذور، وقال الله عز وجل: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا} [الأحزاب:30]، وكان ابن عباس رضي الله عنه يفسر الفاحشة المبينة بالنشوز وسوء الخلق.
وقد ذكر الله لنا أنواعًا من النساء في قوله تعالى في الأعمال الصالحة: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35]، وكذلك قال عز وجل: {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} يعني صائمات {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم:5].
فهؤلاء أنواع من النسوة ذكرهن الله عز وجل في كتابه العزيز، تنوعن بحسب الأعمال الصالحة التي تكثر كل واحدة منهن فيها، وتضرب بسهم وافر في ذلك الوادي، وادي الإسلام، ووادي الإيمان، ووادي القنوت، والصدقة والصبر والخشوع والصيام، وذكر الله عز وجل، وكذلك القنوت والتوبة والعبادة.
إنها أنواع من الأعمال الصالحة تتنوع فيها حظوظ النساء المسلمات، فمنهن من يفتح لها في هذا الجانب، ومنهن من يفتح لها في هذا الجانب، مع اشتراكهن جميعًا في الإسلام وأصل الإيمان بطبيعة الحال.
والله عز وجل قد ذكر لنا أن الناس أنواع: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَادًا} [البقرة:165]، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة:204]، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة:8].
وفي الجانب الآخر: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة:207].
وهناك بعض النساء يمكن أن تعبد الله في حين، وتنتكس في حين آخر، فإذا جاءتها نعمة رأيتها مستقيمة، وإذا جاءتها بلية انحرفت وانتكست ولم تصبر: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحـج:11].
من النساء من إذا تعرضت للفتنة؛ أي: لنوع من الاضطهاد، سواء كان من زوج أو أهل أب أو أخ فاسق فاجر يضطهدها، ونحو ذلك، منهن من تثبت، كما ثبتت سمية رضي الله عنها.
ومن النساء من إذا تعرضت لبلية أو مصيبة أو اضطهاد فإنها تنتكس، وتترك الدين والتدين، والتمسك بالإسلام، وبعض الأحكام الشرعية، فبعضهن قد تضطهد في الحجاب أو غيره فتترك ذلك: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ} [العنكبوت:10]، أين فتنة الناس من عذاب الله؟ عذاب الله أشد، {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة:81]، ولكن ربما لا تثبت إذا حصل لها اضطهاد فتنتكس وتتراجع.
أنواع النساء من حيث العبادة والطاعة:
والنساء في أبواب الطاعة يختلفن أيضًا؛ فمنهن من طاعتها كاملة، وتدينها عظيم، فهي قائمة بالمستحبات، تاركة للمكروهات والمشتبهات، مع قيامها بالواجبات، وتركها للمحرمات، فهذه أعلى المستويات، ومنهن من تكون مقتصرة على القيام بالواجبات، وترك المحرمات، لكن لا يكاد يوجد لها نصيب في المستحبات ولا في ترك المكروهات، وربما تقع في بعض المشتبهات.
ومن النساء منهن مفرطات عاصيات، تاركات لواجبات، واقعات في محرمات، دل على هذا قول الله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر:32].
«إن المرأة إذا أطاعت زوجها، وصلت خمسها، وحصنت فرجها، وصامت شهرها، قيل لها: ادخلي من أبواب الجنة أيها شئت»(13).
إن الذي يروم الأجر العظيم لا يمكن أن يقف عند هذا الحد؛ بل إنه يسعى في الزيادة، والله عز وجل أمر بالمسابقة في الخيرات: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [آل عمران:133]، {وَسَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [الحديد:21]، وقال: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26]، فنحن لا نريد امرأة عادية كما يقولون، نريد من نساءنا أن يكن نساء صالحات، أن يكن بالمستوى العالي، أن يحرصن على طلب المعالي.
منقول / صيد الفوائد