موقف جمهورية ألمانيا الاتحادية بش أن منح اللاندرات الاختصاص في إبرام الاتفاقيات الدولية، فنجد إن دستور فايمر لسنة 1919 (الملغي) ، قد سمح لتلك اللاند رات بممارسة هذا الاختصاص، ولكن ضمن اختصاصها التشريعي ، وبعد الحصول على موافقة الرايخ الألماني (1). وبشأن موقف القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية لعام 1949 المعدل ، واستنادا إلى الفقرة الأولى من المادة (32) وكذلك الفقرة الأولى من المادة (59) والمادة (73) من القانون ذاته ، نجد أن السلطة المضطلعة بالشؤون الخارجية تقع ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية الألمانية ، إذ يمثل رئيس الجمهورية الاتحاد ضمن مفهوم القانون الدولي، الذي له الصلاحية في عقد الاتفاقيات الدولية ، ولكن يقع هذا ضمن الأصل العام لألمانيا الاتحادية. إلا ان الفقرة الثالثة من المادة (32) من القانون ذات قد اعطت الولايات أهلية عقد الاتفاقيات الدولية ولكن ضمن اختصاصها التشريعي ، اذ نصت على أن ضمن الحدود التي تكون الولايات الاتحادية مسؤولة عن سن القوانين فيها ، يمكن للولايات بموافقة الحكومة الاتحادية، ان تقوم بعقد اتفاقيات مع دول أجنبية خارجية ). والحدود التي تكون الوحدات مسؤولة عن سن القوانين ضمن اختصاصها التشريعي تتضمن كل ما لم يدخله الدستور ضمن الإختصاص الحصري للاتحاد ، أو في الميدان المشترك ، اقتصرت من الناحية العملية على التعليم والثقافة (2). ولا تقتصر الشؤون التي يحق للولايات بعقد الاتفاقيات فيها أن تقتصر في ميدان الاختصاصات التشريعية ، بل تشمل فضلاً عن ذلك الشؤون التي تتوفر فيها الصلاحية المتلازمة بين الاتحاد ووحداته إذا ما أحجم الاتحاد نفسه عن التشريع بشأنها (3) ، أما إذا كان العكس، أي كان هناك تنافس بين اللاندر والحكومة الاتحادية في الميدان التشريعي (4) ، ولم تحجم الأخيرة عن اختصاصها ، فان الأمر يؤول إلى الحكومة الاتحادية بعقد الاتفاقيات ويستبعد اللاندر من هذا الاختصاص (5). وإن الاتفاقيات التي يعقدها اللاندر الألماني تستوجب الحصول على الموافقة الاتحادية عليها ويتعين الحصول على تلك الموافقة قبل إبرام الاتفاقية الدولية ، مع إن الموافقة اللاحقة قد تمنح الإجازة التشريعية للاتفاقية، وتستطيع اللاندرات بنفسها عقد الاتفاقيات ، وليس هناك ثمة إلزام قانوني بضرورة عقدها عن طريق الأجهزة الاتحادية (6) ، وهذا ما يستفاد من دستور ولاية برلين في المانيا الاتحادية ، الذي نص على ان ( مجلس الشيوخ يجب ان يعلم في وقت مناسب مجلس النواب عن المشروعات قيد المناقشة ، وهذا يشمل الشؤون المتعلقة بالاتحاد الاوربي التي تتعلق بولاية برلين، ومعاهدات الولاية يجب ان تحضر الى مجلس النواب قبل التوقيع عليها من قبل مجلس الشيوخ . وإبرام اي معاهدة يتطلب موافقة مجلس النواب) (7)، كذلك أوجب دستور برلين على مجلس الشيوخ في الولاية ابلاغ مجلس النواب بالتشريعات الاتحادية المقترحة ، والمسائل المتعلقة بالاتحاد الاوربي (8) ، وكذلك يشير دستور ولاية بافاريا لسنة 1946 المعدل وهي اكبر الولايات في المانيا الاتحادية الى حق ولاية بافاريا وفي اطار اختصاصها ب إبرام الاتفاقيات الدولية (9) ، وبيَّن الدستور ذاته الجهة التي تبرم الاتفاقيات الدولية إذْ نص في الفقرة الثانية من المادة (72) على ان (المعاهدات تبرم من قبل رئيس الوزراء بعد موافقة مسبقة لمجلس الولاية ) . جدير بنا أن نذكر بأن القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية منح اللاندرات الحق في المشاركة في الاتحاد الأوربي ، إذا كان الموضوع من المواضيع التي تؤثر على الصلاحيات المنوطة حصرها بالولايات وبالتنسيق مع الحكومة الاتحادية (10). من تحليل النصوص المتقدمة يتضح الآتي :- 1- المبدأ العام في إبرام الاتفاقيات الدولية في جمهورية ألمانيا الاتحادية انيط بالاتحاد. 2- أورد دستور جمهورية ألمانيا الاتحادية استثناء على المبدأ العام ، الذي يمنح فيه اللاند رات الاختصاص في إبرام اتفاقيات دولية ولكن فرض علي قيدين ، الأول، موضوعي، يتمثل بأن تكون الاتفاقيات المبرمة واقعة في ضمن الاختصاص التشريعي للاندرات ، والثاني شكلي يستلزم اخذ موافقة الحكومة الاتحادية قبل الإقدام على عقد الاتفاقيات الدولية مع الدول الأجنبية . 3- منح المشرع الدستوري الألماني (اللاندرات) الحق في الدخول في الاتحاد الأوربي نيابة عن الاتحاد بخصوص المسائل التي تخصه وبالتنسيق مع الحكومة الاتحادية . لذلك ان منح اللاند رات اختصاص إبرام الاتفاقيات الدولية يعده البعض دليلاً على روح التعاون والتنسيق بين السلطة الاتحادية والوحدات ، وهو بحد ذاته تجسيد لفكرة الفيدرالية التعاونية (11) ، ونتيجة لذلك عقدت اللاند رات الألمانية بعض الاتفاقيات الدولية ،إذ عقد لاندر (باس ساكس) اتفاقية مع الفاتيكان سنة 1965 كذلك عقد لاندر (بافاريا) اتفاقيات ذات طبيعة إدارية مع النمسا ، وأيضاً عقدت لاندررات أخرى في المانيا اتفاقيات مع بلجيكيا عام 1971 تضمنت إنشاء متنزه طبيعي (12). ولعل من الأسباب التي ساعدت اللاندرات على التمتع بعقد اتفاقيات دولية ، فضلا عن العامل الدستوري ، هي العوامل الجغرافية ، إذ إن موقع ألمانيا في وسط أوربا تجعلها تحيط بدول أجنبية على حدودها الدولية ، كان وراء التوسع في العلاقات الدولية عبر الحدود بين تلك اللاند رات الألمانية والدول المجاورة لها .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلومات رائعة وموضوع مميز وابداع التي قدمتها لنا
وتسلم الايادي التي ابدعت في هذا المشاركة
اتمنى لك التوفيق ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل