يعد الشحن اللاسلكي أحد أحدث طرق شحن أجهزة المحمولة وأكثرها جاذبية. حيث إنها طريقة لا تعتمد على الأسلاك ولا توافق المخارج وغيرها. غير أن هذه الطريقة قد تكون منقذة للحياة في بعض الأوقات في الأجهزة المزروعة في داخل الجسد البشري أو تحت الماء.

البطاريات وأحدث طرق شحن الأجهزة المحمولة

تمثل البطاريات وخاصة بطاريات أيونات الليثيوم مصدرًا جيدًا جدًا لأجهزة المحمولة كالهواتف واللابتوب وغيرها. حيث يمكن أن تكون مصدرًا كثيفًا للطاقة، ولكنها تنضب سريعًا مع الاستخدام وتستلزم اعادة الشحن.

عادة ما تستلزم تلك البطاريات طرق شحن خاصة ومنظمات شحن للحد من التدهور السريع للبطاريات. غير أن بعض التطبيقات يكون ذلك صعبًا للغاية، إن لم يكن مستحيلًا، مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب وغيرها من الأجهزة المزروعة في الجسد.

الموجات الفوق صوتية

يتكون الصوت البشري من اهتزاز الأحبال الصوتية وينتقل عبر الهواء. حيث تنتقل الموجات عن طريق تضاغطات، مناطق يزيد فيها ضغط الهواء وتتقارب الجزيئات المكونة له، وتخلخلات وهي عكس التضاغطات. والصوت الذي نعرفه مكون من موجات ميكانيكية، أي أنها موجات تستلزم وجود وسط مادي لانتقالها.

وتهتز الأجسام المصدرة للصوت بترددات تعتمد علي المصدر. وتستطيع الأذن البشرية التقاط وسماع هذه الاهتزازات في مدي 20 إلى 20 ألف ذبذبة في الثانية، هرتز. بينما تستطيع الكلاب سماع ترددات أكبر من ذلك. وتتفاوت قدرة البشر حسب العمر وسلامة الجهاز السمعي في التقاط الترددات وسمعها غير أن البشر عادة لا يستطيعون سمع الترددات التي تتجاوز 20 كيلو هرتز.

ويطلق مصطلح الموجات فوق الصوتية على تلك الاهتزازات الميكانيكية التي يزيد ترددها عن 20 ألف هرتز. وتستخدم تلك الموجات في الطب في التشخيص وفي أجهزة السونار لمعرفة ومتابعة الأجنة. وكذلك في تحديد أعماق البحار والتهديف للغواصات وغيرها. كما يمكن للخفافيش على سبيل المثال تحديد الفرائس والطيران باستخدام الموجات فوق الصوتية.

الموجات الفوق صوتية

الموجات الصوتية ونقل الطاقة لاسلكيا

مع تزايد الطلب على الإلكترونيات الطبية القابلة للزرع والأجهزة المغمورة بالماء تنامت الحاجة الى استمرار إمداد تلك الأجهزة بالطاقة. في تلك التطبيقات تواجه طرق الشحن اللاسلكي التقليدية، مثل الحث الكهرومغناطيسي والأنظمة القائمة على الترددات الراديوية المستخدمة عادةً في الهواتف الذكية وسماعات الأذن، العديد من التحديات. حيث تعاني تلك الطرق من تحديات قصر مسافات النقل، وانخفاض كفاءة الطاقة في الأنسجة البيولوجية، والتعرض للتداخل الكهرومغناطيسي. ولمعالجة هذه المشكلات، يتجه الباحثون إلى الموجات فوق الصوتية كبديل واعد لنقل الطاقة لاسلكيًا.

تتميز الموجات فوق الصوتية بأنها أكثر ملاءمة للأنسجة وأقل امتصاصًا من قبل الجسم؛ ما يجعلها خيارًا موثوقًا به لتشغيل الأجهزة القابلة للزرع والقابلة للالتصاق بالجلد. ونتيجة لذلك، تبرز طاقة الموجات فوق الصوتية كحل من الجيل التالي للشحن اللاسلكي.

في هذا الصدد، طوّر فريق بحثي من معهد كوريا للعلوم والتكنولوجيا (KIST) وجامعة كوريا جهاز استقبال موجات فوق صوتية، وهو ما مثل حلًا مرنًا ومتوافق حيويًا ويحافظ على أداء ثابت حتى عند الانحناء.

مواد مطورة لأحدث طرق شحن الأجهزة المحمولة

ويضم الفريق المطور للجهاز فريقين بحثيين أحدهما بقيادة د. Sunghoon Hur من مركز أبحاث المواد الإلكترونية والهجينة في المعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا (KIST)، بالتعاون مع د. Hyun-Cheol Song سونغ من جامعة كوريا.

يتميز هذا الجهاز بالمرونة الميكانيكية، وفي نفس الوقت يعالج العديد من عيوب تقنيات نقل الطاقة اللاسلكية الحالية، مع تعزيز توافقه مع جسم الإنسان. كما أثبت الفريق بنجاح إمكانية شحن البطاريات لاسلكيًا باستخدام الموجات فوق الصوتية، مُمثلًا بذلك خطوةً مهمةً نحو التطبيقات العملية والتجارية لهذه التقنية.

زاد الفريق من كفاءة التصميم كهرضغطي، واستخدام الإشارات الكهربية في تغير أبعاد المادة؛ حيث حسّن الباحثون كفاءة تحويل الطاقة بشكل كبير مقارنةً بأجهزة استقبال الموجات فوق الصوتية التقليدية، وذلك باستخدام مواد كهرضغطية عالية الكفاءة وتصميم هيكلي فريد.

من خلال تصميم جهاز استقبال فوق صوتي قابل للتمدد ومتوافق حيويًا، يتوافق تمامًا مع منحنيات جسم الإنسان، مع تحقيق تحويل طاقة مستقر، تمكنوا من نقل 20 ميلي واط من الطاقة على مسافة 3 سم تحت الماء، و7 ميلي واط على عمق 3 سم من الجلد. هذه الطاقة كافية لتشغيل الأجهزة القابلة للارتداء أو الأجهزة الطبية القابلة للزرع منخفضة الطاقة باستمرار.

مخطط توضيحي للجهاز

تطبيقات واعدة جديدة

تعزيز مستقبل التكنولوجيا الطبية والبحرية من المتوقع أن تُسهم هذه النتائج في تسريع تسويق تقنية الشحن اللاسلكي بالموجات فوق الصوتية. حيث يمكن استخدامها للإلكترونيات تحت الماء والإلكترونيات الطبية القابلة للزرع. وعلى وجه الخصوص، من المتوقع أن تُقدم نموذجًا جديدًا لتوفير طاقة آمنة ومتواصلة للأجهزة الطبية منخفضة الطاقة. حيث تشمل أجهزة تنظيم ضربات القلب القابلة للزرع، وأجهزة التحفيز العصبي، وأجهزة الاستشعار القابلة للارتداء. ومن المتوقع أيضًا تطبيقها ليس فقط على الأجهزة الطبية. بل أيضًا على الطائرات بدون طيار تحت الماء وأجهزة الاستشعار البحرية التي تتطلب مصدر طاقة طويل الأمد.

ويعلق د. Sunghoon Hur من معهد كوريا للعلوم والتكنولوجيا قائلا: “أثبتنا من خلال هذا البحث إمكانية تطبيق تقنية نقل الطاقة لاسلكيًا باستخدام الموجات فوق الصوتية عمليًا. ونخطط لإجراء المزيد من الأبحاث لتصغير حجمها وتسويقها لتسريع التطبيق العملي لهذه التقنية”.