في قرية صغيرة تحيط بها الجبال الشامخة، كان يعيش يوسف، شابٌ بسيط يحلم بأن يصبح رسامًا مشهورًا. لكن ظروفه لم تكن سهلة، فقد وُلد في أسرة فقيرة، وكان عليه أن يعمل في الحقول طوال النهار ليعيل والديه وإخوته الصغار.
كان يوسف يحمل في قلبه حب الفن، ويحتفظ بعلبة ألوان قديمة ورقية رسم مبتدئة على أوراق مهترئة وجدها من هنا وهناك. كان كلما نظر إلى رسوماته البسيطة يشعر أن حلمه بعيد جدًا، وأن الحياة تقف كجبل عالٍ أمامه.
في إحدى الأمسيات، وبينما كان يرسم تحت شجرة كبيرة في حديقة القرية، هبت عاصفة قوية فجأة. التقطت الريح أوراقه المتناثرة في كل مكان، فركض يوسف يجمعها، متوجهًا إلى بيت الحكيم الذي كان معروفًا بحكمته الواسعة.
طرق الباب، وفتح الحكيم ببطء، ناظرًا إلى الشاب المتعب والقلق. قال له بابتسامة:
"ماذا تفعل، يا يوسف؟"
أجاب يوسف: "أحاول أن أرسم أحلامي، لكنني لا أملك سوى هذه الأوراق القديمة وألوان باهتة، وأشعر أنني لن أتمكن من تحقيق شيء."
جلس الحكيم بجانبه وقال: "هل تعرف ما هو الأمل؟"
تردد يوسف، ثم قال: "ربما هو شعور يجعلني أتابع حتى في وجه الصعوبات."
ابتسم الحكيم وقال: "الأمل هو ذلك الضوء الذي تضيئه أنت بنفسك، ليس بالأدوات التي تمتلكها، بل بالعزيمة التي لا تنكسر. الحياة لا تنتظر أن تكون الظروف مثالية. من يحمل الأمل في قلبه، يستطيع أن يحول الفقر إلى غنى، والضعف إلى قوة."
عاد يوسف إلى منزله، وقلبه مليء بالطاقة الجديدة، فقرر أن يرسم كل يوم مهما كانت الظروف صعبة، ليس فقط من أجل نفسه، بل من أجل أهل قريته وأحلامهم الصغيرة التي لم تتفتح بعد.
مرت السنوات، واستطاع يوسف أن يصبح رسامًا معروفًا، أضاء جدران قريته بألوان الحياة والفرح. ولم يكن ذلك لأنه امتلك أدوات فاخرة، بل لأنه امتلك الأمل الذي لا يموت، والعزيمة التي جعلته ينهض بعد كل سقوط.
وهكذا، تعلم يوسف وأهل القرية أن الظل الطويل للأمل يمكن أن يضيء حتى أحلك الأيام، وأن النجاح الحقيقي ليس بعدد الأدوات أو الحظ، بل بصدق الرغبة وإصرار القلب.
..النهاية..