تنمو سوق التجارة الإلكترونية في قطر بوتيرة متسارعة، ومعها تتزايد حالات الوقوع في فخ الإعلانات المضللة التي تستهدف المتسوقين إلكترونياً بفرص مغرية، تضيع عبرها أموالهم، بعد تحويلها إلى محتالين يقيمون في الخارج.
أخفقت محاولة الشاب القطري علي المري في شراء هاتف Iphone 14 Promax بسعر يقل 1500 ريال قطري (400 دولار أميركي) عن ثمنه الرسمي، كما خسر 300 ريال (82 دولاراً) دفعها لحجز السلعة، على أن يسدد الباقي لدى استلامه من البائع الذي توصل إليه عبر إعلان على منصة Dubizzle Qatar للتجارة الإلكترونية، وزعم أنه ممثل لشركة أميركية.
بمجرد دفع المقدم اختفى المعلن، وفشلت كل محاولات المري لاسترداد أمواله، وبعدما حذره صديق من إمكانية تعرض هاتفه للاختراق، أسرع بحذف الرسائل المتبادلة وحظر رقم هاتف المحتال، ليدخل ضمن ضحايا الإعلانات المزيفة التي تنشر في منصات للتجارة الإلكترونية كـ Qatarliving وQatarsale وDubizzle Qatar، ورصد معد التحقيق فيها ما لا يقل عن 300 نموذج مشابه نشرت بين 1 يناير/كانون الثاني 2023 و31 مارس/آذار 2025 لمنتجات متنوعة مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية ويجمعها نمط واحد، جميعها تباع بنصف أو أقل من نصف قيمتها السوقية، وكل المعلنين مسجلون بهواتف غير قطرية.
وتمثل الإعلانات الاحتيالية تحدياً كبيراً يفرضه تنامي سوق التجارة الإلكترونية في قطر والبالغ حجمه 13.86 مليار ريال (3.8 مليارات دولار) في 2024 ويتوقع وصوله إلى 36.83 مليار ريال (10.1 مليارات دولار) بحلول 2033 بحسب ما جاء في تقرير IMARC Group (مؤسسة هندية تعمل في مجال أبحاث السوق والفرص الاستثمارية في 100 دولة) الذي شدد على ضرورة تركيز الشركات العاملة في المجال على تنفيذ استراتيجيات تحسن الأداء، وتعزز ثقة المستهلكين، من خلال شهادات اعتماد تقدم للمتاجر الإلكترونية، وضمان أمان المعاملات المالية.
مواصفات النمط الاحتيالي
من بين ضحايا الإعلانات الاحتيالية المصري المقيم في قطر محمد إبراهيم الذي حوّل 500 ريال قطري (137 دولاراً أميركياً) بنكياً عربوناً لمحتال نشر إعلاناً عبر منصة Qatar living زعم فيه بيعه سيارة "نيسان" مستعملة بـ 14 ألف ريال، أي أقل بـ 15 ألف ريال من قيمتها السوقية بعدما أكد المعلن عليه دفع جزء من السعر المغري حتى لا يقابل مشترين آخرين، ليقع إبراهيم في شراكه ومن بعدها توقف البائع عن الرد على هاتفه، فأدرك تعرضه للاحتيال، ومع ذلك لم يبلغ إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية، إذ حمّل نفسه المسؤولية، لأنه وثق في بائع يعرض سلعة بنصف ثمنها وحول المال له بإرادته.
ولكشف الأنماط التي يتبعها المعلنون المزيفون عبر دعاياتهم في منصات التجارة الإلكترونية زعم معد التحقيق رغبته في شراء هاتف مستعمل، وتواصل مع خمسة منهم استخدموا أرقاماً غير قطرية للتسجيل في منصتي "دوبيزل قطر" و"قطر ليفينغ"، وتوصل إلى أنهم يزعمون بيع هواتف مستعملة بأسعار أقل من قيمتها بمبالغ تتراوح بين 1000 ريال و1500 ريال (274 - 400 دولار) مع طلب دفعات مسبقة عبر تحويل بنكي، أو بواسطة العملات الرقمية، ووعد بالتوصيل عبر الشحن الجوي خلال يومين أو ثلاثة، إلى جانب محاولة إضفاء مصداقية زائفة على عملية الاحتيال باستخدام عبارات دينية، كالذي رد على شكوك معد التحقيق قائلاً "إنه مسلم ويصلي خمس مرات يومياً".
مواجهة عبر الذكاء الاصطناعي والتدخل البشري
تختلف طرق منصات التجارة الإلكترونية في صد الإعلانات الاحتيالية، بداية من التوعية، وحتى تخصيص فريق بشري مدعم بأدوات ذكاء اصطناعي لفحص الإعلانات وحذف الاحتيالية منها، ففي صفحة بعنوان بـ"سلامتك تهمنا" تحذر منصة Dubizzle Qatar المتسوقين من دفع أو تحويل أي أموال مقدماً قبل فحص المنتج والحصول عليه، على أن يجري الالتقاء بين البائع والمشتري في أماكن عامة في وجود أشخاص آخرين.
لكن الصفحات التحذيرية ليست كافية، كما يقول خالد نصيف مسؤول المبيعات في مزاد قطر لـ"العربي الجديد"، مشدداً على ضرورة ربط تفعيل حساب المعلن في المنصة، من خلال رسالة هاتفية برقم قطري، بالإضافة إلى المراجعة المستمرة للإعلانات المنشورة، وحذف أي إعلان مشكوك فيه، وهذه الخطوات "حدت بشكل كبير من ظهور الإعلانات الاحتيالية، ففي السابق كانت تصل الشركة يومياً عشرات الشكاوى، وهو ما تغير الآن، لتمر فترات متباعدة دون تسجيل واحدة، وإذا وجدت فهناك خط ساخن يعمل على مدار الساعة لاستقبال الشكاوى، وتوجيه العميل للمسار الصحيح بالاتصال بالمصرف، وإيقاف البطاقة، وإبلاغ إدارة الجرائم الإلكترونية".
المصدر