رغم الحملة الدعائية المكثّفة التي رافقت إطلاق مسلسل «برستيج» (تأليف إنجي أبو السعود، وإخراج عمرو سلامة) عبر منصة «يانغو بلاي» ودعم شركة الإنتاج، لم ينجح العمل حتى منتصف حلقاته في تلبية التوقعات التي سبقت عرضه. وبالنظر إلى أن المسلسل يتألف من ثماني حلقات فقط، فإن مشاهدة نصفه كافية لتكوين انطباع واضح عن مستواه الذي يبدو حتى الآن غير مُرضٍ، فيما من غير المرجّح أن يشهد تحسّناً ملحوظاً في الحلقات المتبقية.
ينطلق العمل من فكرة درامية جذّابة وغير مطروحة سابقاً في الدراما المصرية، قائمة على اجتماع مجموعة من الأشخاص عشوائياً داخل مطعم قديم بُني عام 1908 وسط القاهرة، نتيجة عاصفة جوية عنيفة تضطرهم إلى البقاء داخله. تتطوّر الأحداث سريعاً مع وقوع جريمة قتل تصبح محور الحلقات، في إطار يجمع بين البحث عن القاتل وكشف التحوّلات الاجتماعية في مصر، لا سيما تلك التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي.
الفكرة الأساسية التي كتبتها إنجي أبو السعود تحمل مقوّمات عمل تشويقي ناجح: القتيل شخصية مؤثرة في عالم «الذباب الإلكتروني»، والمحاصرون يمثّلون شرائح مجتمعية عدّة، من بينهم محامٍ يسعى إلى الشهرة، وفتاة تبني حضورها على إثارة الجدل، إلى جانب شخصيات أخرى تتيح للكاتب استعراض تناقضات المجتمع.
لكن، ورغم وهج الفكرة، يعاني التنفيذ من ارتباك واضح على أكثر من مستوى؛ إذ لم تكن معالجة خلفيات الشخصيات درامياً موفّقة، كما بدا المزج بين الواقع والفانتازيا — كاكتشاف قبو خفي داخل المطعم وظهور شخصيات تُجري محاكمة للمحاصرين — غير متماسك. هذا بالإضافة إلى إيقاع بطيء أسهم في خفوت التوتر الدرامي، والاعتماد على ممثلين غير محترفين أو عائدين بعد غياب طويل، مثل «التيكتوكر» محمد عبد العاطي، ومغني المهرجانات زياد ظاظا، إلى جانب بسام رجب وراندا، دون أن ينجح أيٌّ منهم في تقديم أداء لافت.
أما الوجوه المعروفة، فحضرت من دون تأثير يُذكر، كما في حالة دينا وسامي مغاوري، بينما استطاع محمد عبد الرحمن «توتة» ومصطفى غريب الحفاظ على توازن الأداء باجتهادٍ فردي، في ظل توجيه إخراجي لم يفلح في احتواء التفاوت الكبير بين أفراد طاقم العمل.
رغم ذلك، يُحسب لـ «برستيج» تقديمه لتجربة غير مألوفة محلياً، وإن كانت مستهلكة عالمياً، عبر حبكة «المكان الواحد» التي تجمع شخصيات متناقضة وتضعها في مواجهة مع الذات والآخر. إلا أنّ هذه الفكرة، رغم بريقها، فقدت الكثير من جاذبيتها منذ الحلقة الأولى بسبب تنفيذ درامي باهت، لم يرقَ إلى حجم الطموح ولا إلى الميزانية الإنتاجية الكبيرة التي رُصدت للمشروع.