السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة وعاطرة معبقة بمسك الكلمة، وعطر المعنى، ودفء الحرف، أزفها إليكم أيها الإخوة والأخوات الكرام، روّاد منتديات ستار تايمز الأجلاء، أعضاء هذا الصرح الثقافي العظيم، الذي ما فتئ يجمعنا على مائدة الفكر والمعرفة والروحانيات، حيث تمتزج الكلمة الصادقة بالنية الطيبة، ويتلاقى القلب مع القلب على بساط من الاحترام المتبادل، والمحبّة النقيّة، والوعي الذي يرفرف بأجنحة الإيمان والعلم.
أما بعد، فإنني أقف أمامكم اليوم بقلمي وكلمتي ومشاعري، لأتحدث عن كنز عظيم، ودرّة نفيسة، وجوهرة مضيئة في سماء العلم والدعوة والتفسير، عن صوت ما إن تستمع إليه حتى يلين قلبك، وتدمع عينك، ويرتجف وجدانك، لأنه لا يحمل مجرد حروف أو كلمات، بل يفيض بمعانٍ نورانية، وتدبر إيماني عميق، وجزالة علمية لا تخفى على لبيب، عن التفسير المسموع للجزء الرابع من كتاب الله، بصوت العلامة الجليل، الإمام الرباني، والمفسر الفذ: الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، رحمه الله رحمة واسعة.
يا لروعة هذا التفسير، ويا لعذوبة صوته حين ينقلك من عالم البشر إلى عوالم الملائكة، وحين يجعل من لحظة الاستماع لحظة وقوف بين يدي الله سبحانه، بل لحظة عبور إلى أبواب السماء، فيفتح أمامك معاني الآيات، ويكشف لك أسرار البلاغة، ويغوص بك إلى أعماق الفهم الراقي، فلا يبقى من الغموض شيء، ولا من اللبس أثر، وكأنك تقرأ القرآن لأول مرة، لكن بعين بصيرة، وبقلب متدبر، وبأذن سامعة واعية متذوقة لكل همسة وكل نبرة وكل تفسير.
وليس التفسير المسموع مجرد وسيلة تعليمية أو إنتاج صوتي فحسب، بل هو مدرسة إيمانية متكاملة، تهذّب النفس، وتزكّي الروح، وتحيي الفطرة، وتربّي على التواضع والخشية، وتغذي العقل باليقين، وتملأ القلب بمحبة الله، وتعظيم أوامره، والخوف من زلّة، أو التهاون في آية، أو الغفلة عن وعد أو وعيد، لأنك وأنت تسمع تفسير هذا الإمام الرباني، تشعر كأنك جالس بين يديه، تتلقى العلم كما يتلقاه الصحابة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأنك في حلقة علم من حلقات السلف الصالح، حيث النقاء والطهر، والنية الخالصة، والهدف الأسمى.
وما أجمل أن يكون هذا الجزء الرابع بالتحديد، لأنه يحتضن آيات من سورة آل عمران، تلك السورة التي هي من أعظم سور القرآن في تثبيت الإيمان، ورفع معنويات المؤمنين، وتعميق مفهوم التوكل والاعتماد على الله، وتحذير الأمة من الغرور والانخداع بالمال والجاه، وتوجيهها إلى سبيل الصبر، والجهاد، والاتحاد، والتماسك، وربط مصيرها بالله وحده، لا بالأسباب ولا بالماديات ولا بالمصالح.
وقد فصّل الشيخ السعدي رحمه الله تفسيره لهذا الجزء بأسلوبه المعتاد: سهل، سلس، عميق، يجمع بين التفسير البلاغي والتفسير الفقهي والتفسير العقائدي، لا يشقّ على المبتدئ، ولا يملّه المتخصص، بل يجد فيه الجميع بغيته، ويخرج منه المستمع وقد امتلأ قلبه نورًا، وبصيرته بصيرةً، وهمّته همةً، وضميره يقظةً.
ولعل أجمل ما في التفسير المسموع للشيخ السعدي هو إخلاصه، نعم، ذلك الإخلاص الذي يُشعرك وأنت تستمع، أنه لا يتكلم إلا ابتغاء وجه الله، ولا يفسّر الآية إلا وهو يعيشها، ولا يشرح الكلمة إلا وقد غاص في أعماق معناها، وتأمل في سياقها ومقصدها وحكمتها، فلا تكاد تجد في حديثه حشوًا ولا تكلفًا، بل تجد روحًا ناطقة، ونفسًا موصولة بالله، ولسانًا صدّيقًا.
ومن هنا، فإنني أهيب بكل من لم يستمع لهذا التفسير المسموع أن يسارع إليه، أن يختلي بنفسه ساعة من ليل أو نهار، ويستمع لهذا الصوت المبارك، ليشعر بطهارة التفسير، ونقاء الطرح، وعظمة المفسر، وجمال القرآن حين يُقرأ ويفسَّر بقلبٍ مؤمن، وعقل نير، ولسان مبارك، فما أعظم الأثر، وما أعمق الأثر، وما أنقى النبع.
ولا يفوتني في هذا المقام إلا أن أرفع أكف الدعاء للعلامة السعدي، هذا الإمام الذي جمع بين الفقه والتفسير، وبين التواضع والهيبة، وبين العلم والعمل، وأسّس مدرسة لا تزال تثمر إلى اليوم، في قلوبنا، وفي عقول طلاب العلم، وفي كل ركن من أركان الأمة الإسلامية التي عطشت ولا تزال عطشى لمثل هذه النماذج، رحمك الله يا من فسّرت القرآن بصوت يشبه تلاوة الخاشعين، وشرحت المعاني بقلب المحبين، ونثرت الفوائد كمن يزرع النور في دروب الحائرين.
كما أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لهذا المنتدى المبارك، إدارةً وإشرافًا وأعضاءً، الذي منحنا هذه المساحة الطيبة لنكتب ونتأمل ونتشارك الفكر، وأخص بالشكر أخي الغالي الذي فتح لنا هذا الباب للحديث عن تفسيرٍ ما بعده تفسير، وعن علمٍ هو تاج العلوم، وعن عالمٍ هو من أعلام الأمة، فألف شكر لك أيها المبارك، جزاك الله عنا كل خير، وأثابك على ما تنشر من نور وفكر وعلم ودعوة صادقة.
وفي الختام، أسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن، الذين هم أهله وخاصته، وأن يرزقنا تدبره والعمل به، وأن يرزقنا شفاعة القرآن وتفسيره في الدنيا والآخرة، وأن يجمعنا بجنّاته مع العلماء العاملين، والمفسرين المخلصين، والصالحين الصادقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
#التفسير_المسموع #السعدي_رحمه_الله #القرآن_نور #علماء_الأمة
مودتي وتقديري العميق لكم جميعًا // إحساس غالي 🌹