ودعت الساحة الثقافية التونسية والعربية، اليوم الأربعاء، أحد أبرز رموز المسرح التجريبي، بوفاة الفنان والمخرج المسرحي أنور الشعافي عن عمر ناهز الستين عامًا، بعد معاناة طويلة مع المرض، وقد خلّف هذا الرحيل حزنًا واسعًا في الأوساط الفنية والثقافية، بالنظر إلى البصمة العميقة التي تركها الراحل في مجال المسرح والفكر الجمالي العربي.
فنان التجريب والبحث المسرحي
أنور الشعافي لم يكن مجرد مخرج مسرحي، بل كان رمزًا من رموز التجريب والابتكار في المسرح التونسي، منذ تخرّجه سنة 1988 من المعهد العالي للفن المسرحي، شقّ طريقًا مختلفًا، متحررًا من الأشكال التقليدية، متسلّحًا برؤية نقدية وفنية جريئة، أسّس سنة 1989 فرقة مسرح التجريب في محافظة مدنين جنوب شرقي تونس، ليطلق بعدها سنة 1992 المهرجان الوطني لمسرح التجريب، الذي أصبح من أبرز المحطات المسرحية في البلاد.
إنتاج مسرحي حافل وإدارة ثقافية واعية
ترك الشعافي إرثًا مسرحيًا تجاوز الأربعين عملًا، من أبرزها:
كما شغل مواقع مهمة، من بينها منصب المدير المؤسس لمركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين سنة 2011، ثم مدير عام لمؤسسة المسرح الوطني التونسي بين 2011 و2014، حيث ساهم في دعم المشهد المسرحي الوطني على مستوى الإنتاج والتكوين والبرمجة.
أكاديمي وناقد ومؤطّر للأجيال
لم يقتصر عطاؤه على الإخراج، بل امتد إلى المجال الأكاديمي، حيث كان أستاذًا جامعيًا وناقدًا مرموقًا، نشر مقالات متخصصة وأصدر كتابًا بعنوان استقراءات ركحية، ناقش فيه تحولات المسرح التونسي والعربي، وساهم في تكوين أجيال من المسرحيين الشباب، وكان حضوره الدائم في الفضاء الجامعي والثقافي دافعًا لنهضة مسرحية نقدية وجريئة.
تكريم وتقدير وطني وعربي
نال الفقيد خلال مسيرته الطويلة عددًا من الجوائز والتكريمات، محليًا وعربيًا، تقديرًا لما قدمه من إسهامات نوعية للمسرح، وما تميز به من فكر تجديدي ورؤية واضحة لما يجب أن يكون عليه “الفن الرابع”، وظل حاضرًا في ذاكرة كل من عرفه بعمق إنسانيته وصدق رسالته الفنية.