قد لا يتمكن الحرفيون من الإنتاج بكميات كبيرة بالقدر الذي تستطيعه الشركات العالمية، لذا يُقال إنهم أقل قدرة على تلبية احتياجات المستهلكين المتقلبين المهتمين بالموضة. ومع ذلك، فبطبيعة الحال، فإن الأعمال الحرفية المستقلة - كمثال على الثقافة الرفيعة - ترسخ وجودها خارج عالم الموضة. فهي تصمد أمام صيحات الموضة وتتمتع بجودة خالدة . وندرتها هي أحد العوامل التي تجعلها أكثر جاذبية.
أمثلة على المنتجات الحرفية
تشمل الحرف اليدوية طيفًا واسعًا من التراث الثقافي الزائل. فلكلِّ حاجة من احتياجات الحياة (ومعظم رغباتها أيضًا)، ثمة حرفة تُلبِّيها. لذا، لا يقتصر عمل الحرفيين على إنتاج أعمال تُسهِّل حياتنا فحسب ، بل يعملون أيضًا في مجال الزخرفة ، مُسهمين في إثراء حياتنا بجعلها أكثر جمالًا.
وفيما يلي بعض الأمثلة على المجالات التي ستجد فيها براعة الحرفيين:
- صناعة المجوهرات
- تصميم الملابس
- صناعة الأثاث (وتسمى أيضًا صناعة الخزائن)
- تصميم الأدوات المنزلية (مثل صناعة السكاكين)
- صناعة الساعات / صناعة الساعات
- إنتاج الغذاء
- صناعة الأدوات
- صناعة البلاط
- تخمير البيرة
- إنتاج النبيذ
- صناعة الدانتيل
- كتابة اللافتات
- الحرق الخشبي الزخرفي
- نفخ الزجاج
- صناعة الأحجار الكريمة (قطع وتلميع الأحجار الزخرفية)
- صناعة الجيتار (يُطلق على صانع الجيتار اسم صانع الآلات الموسيقية)
- صناعة السجاد
ماذا حدث لجميع الحرفيين؟
لقد تم أتمتة العديد من المهن المذكورة أعلاه (في الواقع معظمها) في القرن الذي أعقب الثورة الصناعية، مما يعني أن العديد من الحرفيين والحرفيين أجبروا على ترك العمل (أو العمل لدى المنتجين بالجملة) وتأثرت جودة تلك المنتجات، في كثير من الحالات، نتيجة لذلك.
أساليب الإنتاج في المصانع قد تؤدي إلى التضحية بالعناصر الزخرفية. أو، من ناحية أخرى، قد تُبالغ هذه الأساليب في تحسين هذه العناصر بحيث تفقد جودتها اليدوية التي جعلتنا نقع في غرامها في المقام الأول.
كذلك، استُبدلت المكونات المادية للمنتجات الحرفية المصنوعة يدويًا بشكل كبير بسوق الجملة، مُقدمةً بدائل أرخص، مما يُمكّن مُنتجي الجملة من خفض تكاليفهم العامة، مما يُمكّنهم من زيادة قدرتهم التنافسية في السوق (أي بيعها بأسعار أقل). ومن الآثار الجانبية لذلك (إلى جانب أنها قد لا تُضاهي المنتجات الحرفية في فعاليتها أو تُقدم لنا نفس القدر من المتعة)، أن المنتجات المُنتجة بالجملة لا تدوم طويلًا مثل المنتجات الحرفية، وقد استغلت الجملة ذلك بدمجها فعليًا في استراتيجية إنتاجها.
التقادم المخطط له هو عملية تآكل أو تلف أو حاجة قطعة ما إلى تحديث عمدًا خلال فترة زمنية محددة، ليتمكن المستهلكون من مواصلة الإنفاق مع الشركة المصنعة لها. بالنسبة للسوق العام، لا تُعدّ القطعة الجميلة المصنوعة يدويًا والتي تدوم مدى الحياة خيارًا جيدًا، لأنها تفقد مالكها كعميل.
هذا التنافس الاقتصادي المتصاعد أجبر الكثيرين في القرن الحادي والعشرين ، ممن سئموا من الاقتصاد الزائف في المنتجات التي لا تبدو بجمالها السابق فحسب، بل لا تدوم طويلًا أيضًا، على إعادة تقييم علاقاتهم بالمنتجات التي تُشكل حياتهم. ونتيجةً لذلك، شهد سوق المنتجات المصنوعة يدويًا (أو على الأقل جزئيًا) زيادةً حادةً في العقود الأخيرة.
سوق الحرف اليدوية في المملكة المتحدة، البالغة قيمته ٣ مليارات جنيه إسترليني، ينمو بنسبة ٤.٥٪ سنويًا، وظهرت أدلة على هذا الادعاء بعد فترة وجيزة في عام 2020، عندما قفزت القيمة الإجمالية لسوق التجزئة في المملكة المتحدة من ٣٥١ مليار جنيه إسترليني إلى ٣٦٦ مليار جنيه إسترليني خلال عام واحد. واليوم، يُشكل الحرفيون ٣٠٪ من سكان العالم، وفقًا لمجموعة كيرسي، وهي مجموعة متخصصة في علم الأنثروبولوجيا المؤسسية ، مما يشير إلى أن طفرة الحرف اليدوية في القرن الحادي والعشرين ربما تكون قد ترسخت ثقافيًا.
لماذا نحب المنتجات المصنوعة على يد الحرفيين؟
إن الأشياء التي تقدمها لنا المنتجات الحرفية والتي لا تقدمها لنا نظيراتها المنتجة بكميات كبيرة هي كل الأشياء التي فقدناها في الانتقال إلى الإنتاج الضخم في المقام الأول: مواد أفضل؛ جودة بناء أفضل؛ قابلية استخدام أكبر؛ والأهم من ذلك، ذلك الشعور الذي لا يوصف تقريبًا بأن شيئًا ما تم صنعه بواسطة شخص حقيقي وليس بواسطة آلة.
لستَ بحاجة لأن تكون حرفيًا أو خبيرًا في التصنيع بنفسك لتعرف ما إذا كان المنتج متينًا وموثوقًا وجيد الصنع. يمكنك الشعور بهذه الصفات بمجرد التفاعل مع المنتج.
تكمن أهمية المنتجات المُنتَجة بكميات كبيرة في تسويقها واللغة المُستخدمة لتشكيل تجربتك معها - فهي تجعلك ترغب بها رغم أن تقديرك الشخصي يُشير إلى أنها ليست بجودة البدائل المصنوعة يدويًا. أما المنتجات الحرفية، فتعتمد على خصائصها الجوهرية لتُثير رغبتك، مما يمنحك شعورًا فطريًا بأنك تُجرّب الجودة الحقيقية.
من المرجح أن تؤثر المنتجات الحرفية علينا عاطفياً
ومع ذلك، قد لا يكون الأمر مجرد مسألة بديهية تتعلق بالجودة المادية، ما يجعلنا نفضل أعمال الحرفيين على أعمال المنتجين بالجملة. يجب علينا أيضًا أن نأخذ في الاعتبار دافعنا نحو التقدير الفني، أي القدرة على التأثر بمنتجات المساعي الفنية.
إن هذه الجودة في أكثر أشكالها تطرفاً - عندما نبكي، أو نشعر بالدوار، أو نختبر زيادة في معدل ضربات القلب أو حتى الإغماء عند مواجهة بعض المحفزات الحسية (غالباً ما تكون إنتاجاً فنياً) - تُعرف باسم متلازمة ستندال ، والتي سميت على اسم المؤلف الفرنسي ماري هنري بايل في القرن التاسع عشر ، والمعروف باسمه المستعار ستندال، والذي كانت لديه مثل هذه ردود الفعل عندما كان ينظر إلى كنيسة سانتا كروتشي في فلورنسا: واحدة من أعظم الأمثلة على البناء الحجري الحرفي على وجه الأرض.
لا يعاني الجميع من متلازمة ستندال، ولكن يقال إنها مرتبطة بالتعاطف، وفيما يتعلق بالإنتاج الحرفي، الشعور بأننا لا نستطيع أن نصدق أن أحد أفراد نوعنا كان قادرًا على إنتاج شيء يبدو من عالم آخر وجميل.
ولعل هذا هو ما يجعلنا مدفوعين إلى امتلاك أعمال الحرفيين والحرفيين: حقيقة أنهم يمنحوننا ذلك الشعور الدائم بالقدرة على تجربة عبقرية شخص آخر والتعاطف معها كما تم سكبها في العمل - هناك في منازلنا كوظيفة من وظائف حياتنا اليومية.
بعد كل شيء، وكما تقترح مجموعة Keirsey، فإن الحرفيين يتشاركون في الخصائص الشخصية التالية:
- إنهم يميلون إلى أن يكونوا محبين للمرح، ومتفائلين، وواقعيين، ومركزين
- إنهم يفتخرون بكونهم غير تقليديين وجريئين وعفويين
- إنهم يشكلون زملاء مرحين وآباء مبدعين وقادة في حل المشكلات
- إنهم مثيرون، ويثقون في دوافعهم، ويرغبون في إحداث ضجة، ويبحثون عن التحفيز، ويقدرون الحرية، ويحلمون بإتقان مهارات العمل.
هل من الغريب أن نجد حرفهم مُلهمة ومُثرية؟ وكأن ثمار عملهم تُضفي لمسةً من شخصياتهم على حياتنا.
نشعر أنه من خلال الانخراط في جماليات أعمالهم، نقدر بشكل أكبر الشغف والإبداع والجهد، بل وحتى المشقة التي بُذلت في إنتاجها. أجل، المشقة. أليس حبنا للعيوب الصغيرة في الأعمال اليدوية، التي لا نجدها في الأعمال المصنعة آليًا، دليلًا على تعاطفنا؟ ألا يُظهر هذا مدى تقديرنا للإحباط الذي يشعر به الحرفي عند ارتكابه خطأً؟ أليس هذا، على العكس، ما يجعله مثاليًا؟
قيمة الندرة
وأخيرًا، وكما ذكرنا سابقًا، لا ينبغي لنا تجاهل القيمة العاطفية (وما بعدها من قيمة مالية) التي تضيفها الجودة النادرة للمنتجات اليدوية. وهذا، بالطبع، يرتبط بشعورنا الأوسع بالتقدير الفني، وبفكرة أن القطعة المصنوعة يدويًا تتيح لنا الشعور بالشغف الذي يبذله الحرفي في العمل.
عندما نختبر القوة الخارقة تقريبًا لقطعة مصنوعة يدويًا تُحرك مشاعرنا، نشعر بدافع الرغبة في امتلاكها كوسيلة تُمكّننا من استغلال هذه القوة وقتما نشاء. لأننا، كما نُخبر أنفسنا، لا يوجد الكثير منها، فماذا لو فوّتنا الفرصة؟
وينطبق الأمر نفسه على جودة البناء وتجربة المستخدم - إذا كان هناك كائن مصمم بشكل جميل وسهل الاستخدام من شأنه أن يحسن حياتنا، ولكنه موجود فقط بكمية صغيرة، نشعر وكأننا يجب أن نتأكد من الحصول عليه بينما نستطيع.
لهذا السبب، أدرك منتجو الكميات الكبيرة قيمة تقديم إصدارات محدودة ، تُحاكي الندرة الطبيعية في السلع المُنتجة حرفيًا. إنها ما يُطلق عليه مُنظر ما بعد البنيوية مُحاكاة الندرة - نسخة بدون أصل. تُنتج السلع ذات الإصدارات المحدودة بكميات كبيرة (وبالتالي قابلة لإعادة الإنتاج بلا حدود)، إلا أنها محدودة (تُنتج بكمية قصوى مُحددة مسبقًا) بطبيعتها، وذلك ببساطة نتيجة لإدراكهم أن البشر يستجيبون للندرة كرمز للقيمة العظيمة، ويتسابقون لامتلاكها.
من ناحية أخرى، فإن محدودية المنتجات الحرفية دليلٌ على أن المنتج الحرفي يحتوي على جميع العناصر التي نحتاجها ونرغب فيها من مستلزمات الحياة - سهولة الاستخدام (التي تُسهّل حياتنا)، وجودة الصنع (طول العمر)، والجمال الجمالي (الذي يُلهم تقديرنا الفني). ولذلك، نميل إلى الشعور براحة أكبر عند الاستثمار في المنتجات الحرفية مقارنةً بالاندفاع لشراء نسخ محدودة باهظة الثمن: فإحداها ذات قيمة ملموسة يُمكننا تجربتها بعد الشراء، بينما الأخرى ذات قيمة محدودة، وفي أسوأ الأحوال، قد لا نستمتع بها بعد الشراء.
المستهلك الماهر في الحرف اليدوية
في البيئة التجارية للقرن الحادي والعشرين ، استعاد المستهلكون الكثير من القوة التي فقدوها أمام الإنتاج الضخم في القرن العشرين . ويُعزى ذلك، على الأرجح، إلى أن عبء تجربة السلع رديئة الإنتاج التي رافقت حياتهم أصبح مُحبطًا للغاية، ويستغرق وقتًا طويلًا، ومكلفًا للغاية (فاستبدال نفس القطعة مرارًا وتكرارًا أمرٌ مُكلف).
سواءٌ أدرك مُشتري المنتجات الحرفية خبايا رغبتهم في جودة الصنع اليدوي أم لا، فمن المؤكد أنهم يدركون غريزيًا أهمية الحرفية الحقيقية. ولهذا السبب وحده، يزداد إقبالهم عليها.
