يعدّ النحت (سچولپتوري) أحد أنواع الفنون التشكيلية التي تحول المواد الصلبة إلى أشكال فنية ثلاثية الأبعاد، وتعطي نتائج مختلفة؛ فقد تكون مجسماً كاملاً مستقلاً بذاته، أو نحتاً ونقوشاً معينة على سطوح متنوّعة، وفي هذا النوع من الفن تُستخدم الأدوات البسيطة مثل الطين والشمع والجبس.

النحت البارز: لوحة فنية مُبهرة

إنّ النحت البارز (Rيلييف سچولپتور) من أوائل أنواع النحت التي عُرفت، يتمثل بالنقش على الأسطح المختلفة مثل الخشب والألواح الحجرية، وفيه تبرز الأشكال والتصاميم على السطح المنحوت، لكن مع بقاء جزء منها متصلاً بهذا السطح، بمعنى أنه عند نحت صورة على جدار مثلاً فإنّ الشكل يبرز خارج الجدار ثلاثي الأبعاد، لكن ليس بصورة كاملة، فجزء منه يظل متصلاً بالجدار نفسه.

وقد بدأ القدامى بالنحت البارز على جدران الكهوف، ثمّ استُخدم النحت في تزيين المباني التاريخية، وفي كل حقبة زمنية استخدم النحت البارز لترك انطباع عن طبيعة المكان، ومعتقدات الشعب وأفكاره، وكان التحكم في العمق من أساسيات هذا النوع من النحت، وهذا ما جعله يظهر ثلاثي الأبعاد أكثر من غيره من أنواع النحت التي ظهرت على مدى التاريخ.

النحت الإضافي: مميّزٌ وشائعٌ

يختلف النحت الإضافي (إدديتيڢي صچولپتوري) من غيره من أنواع النحت التي تكون بإزالة أجزاء من المادة الأصلية، بأنّ النحات عادةً يبدأ بكتلة خام أو قاعدة ثم يضيف عليها مواد مختلفة مثل الطين، أو الشمع، أو الجبس، أو مواد أخرى لتشكيل التصميم المراد، بكيفية فنية مبهرة، وقد بات هذا النوع الأكثر استخداماً نظراً لرغبة الفنانين في إضافة المواد للمنحوتة لتظهر بجمالية أكبر، وعدم الاقتصار على المادة الأساسية.

النحت المصبوب: التشكيل بالصهر

في النحت المصبوب (Cاست سچولپتوري) يسكب النحات مادة سائلة من البرونز أو الطين في قالب ذي شكل معين، وبعد أن تجف المادة السائلة تخرج من القالب لتظهر المنحوتة عملاً فنياً متكاملاً، ويُستخدم النحت المصبوب على نحو واسع في إنتاج التماثيل البرونزية والتحف الفنية الأخرى التي تتطلب الدقة والقدرة على إنتاج نسخ متعددة من التصميم نفسه.

النحت بالتثبيت: تناغم المواد

النحت بالتثبيت (ىنستاللاتيون صچولپتوري) نوع من أنواع النحت الذي يعتمد على جمع وترتيب مواد مختلفة وتثبيتها في مكان معين لعمل مجسم فني، ويتميز هذا النوع بأنه لا يحتاج إلى نحت المواد تقليدياً باستخدام أدوات القطع أو الحفر، بل يعتمد على ترتيب المواد الموجودة وربطها أو تثبيتها بهيئة معينة لتحقيق الشكل النهائي.

قد يستخدم الفنان في النحت بالتثبيت مواد مختلفة مثل الخشب، أو المعدن، أو الزجاج، أو البلاستيك، وتُثبّت باستخدام مسامير، أو لاصق، أو غيرها من الوسائل لتشكيل عمل فني يمكن عرضه في مساحة معينة، سواء كانت داخليةً أم خارجية.

النحت بالتثبيت تعبير عن رؤية الفنان باستخدام مواد جاهزة وترتيبها بهيئة مبتكرة، وغالباً ما يرتبط هذا النوع من النحت بالفن الحديث والمعاصر، ويكون التركيز على الفكرة أو الرسالة التي يوصلها العمل أكثر من التقنيات التقليدية المستخدمة فيه.

النحت بالطرح: نحت جزء من كل

النحت بالطرح (صوبتراچتيون صچولپتوري) أسلوب تقليدي في فن النحت، يتضمن إزالة المواد من كتلة صلبة أو حفرها للحصول على الشكل المرغوب، وتُعد هذه التقنية إحدى أقدم الوسائل المستخدمة، وقد استخدمها الفنانون عبر التاريخ لإنشاء تماثيل وأعمال فنية متنوعة.

يبدأ الفنان بكتلة من مادة مثل الحجر، أو الخشب، أو العاج، أو الطين، ثم يزيل المواد الزائدة تدريجياً باستخدام أدوات معينة كالإزميل أو المطرقة، والهدف في النهاية هو كشف الشكل النهائي داخل الكتلة الصلبة بعملية دقيقة وحذرة.

يحتاج هذا النوع إلى مهارة عالية وتركيز، فأيّ خطأ قد يؤدي إلى تلف العمل الفني؛ لذلك غالباً ما يبدأ الفنانون برسم الشكل النهائي أو تصميمه قبل البدء بعملية النحت لضمان الحصول على النتيجة المرغوبة، وقد شاع هذا النوع عند اليونانيين والرومانيين قديماً، فقد كانت تُستخدم هذه التقنية لنحت التماثيل والأشكال المعمارية من الرخام أو الحجر الجيري.

النحت التجميعي: عمل فني موحد

يعتمد النحت التجميعي (إسسيمبليد سچولپتوري) كما يبدو من اسمه على تجميع مواد مختلفة وتركيبها لإنشاء عمل فني ثلاثي الأبعاد، فيقوم الفنان بدمج مواد متنوعة لتكوين شكل أو تركيب فني، وغالباً ما يتميز هذا الأسلوب بتعدد الخامات والأنسجة وتداخل الأشكال والمواد على نحو غير تقليدي.

يختلف النحت التركيبي عن النحت التقليدي في أنه لا يبدأ من كتلة واحدة من مادة، بل يعتمد على جمع أجزاء مختلفة وربطها معاً لتحقيق فكرة أو رؤية فنية، وقد تثبت الأجزاء مع بعضها البعض بواسطة لاصق، أو براغي، أو لحام، أو غيرها. 

وعموماً إنّ النحت التركيبي مرتبط على نحو وثيق بالحركة الفنية الحديثة والمعاصرة، وقد اتجه النحاتون الذين يميلون للفن التجريدي إلى هذا النوع.

النحت الحركي: الفن التفاعلي

يُضيف الفنان في النحت الحركي (خينيتيچ سچولپتوري) لمنحوتته مؤثرات وإضافات معينة تُضفي على المنحوتة الحيوية والإبداع، وتتمثل هذه الإضافات بالمحركات الميكانيكية أو التفاعلات مثل الضوء والصوت، وهذا النوع يُعطي بُعداً جديداً إلى العمل الفني ويُخرجه عن النمط التقليدي والساكن للنحت، وقد ساعد التطور والتكنولوجيا في دعمه، فهو يتطلب الابتكار لإضافة الحداثة والمعاصرة إلى العمل الفني، ويعتمد كلياً على الحركة بعدّها جزأً من تكوينه الفني.

ختاماً، إنّ النحت بغض النظر عن نوعه يعدّ أحد أقدم أشكال التعبير الفني في تاريخ الإنسانية، فهو ليس مجرد عملية تشكيل المواد، بل هو وسيلة تعكس مشاعر وأفكار وثقافات الشعوب عبر العصور، وبه يستطيع الفنان أن يجسد الجمال والفكر الإنساني في أشكال ثلاثية الأبعاد، ما يخلق رابطاً بين الماضي والحاضر والمستقبل؛ لذا فإنّ أهمية النحت تكمن في قدرته على تحويل المادة الجامدة إلى أعمال فنية تنبض بالحياة.