
بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته 
--- يوميات قاضٍ في محكمة الأسرة في عالم القضاء، تحمل محكمة الأسرة طابعًا خاصًا يختلف عن المحاكم الأخرى. فهي لا تفصل فقط في نزاعات قانونية باردة، بل تتعامل مع قضايا تمس جوهر العلاقات الإنسانية: الزواج، الطلاق، الحضانة، النفقة، والروابط العائلية. وبين جدران هذه المحكمة، يعيش القاضي يوميًا قصصًا تختلط فيها المشاعر بالقانون، والرحمة بالعدالة. بداية اليوم: استعداد ذهني وعاطفي يبدأ القاضي صباحه مبكرًا، واضعًا نصب عينيه أن كل قضية أمامه اليوم تحمل وراءها حكاية إنسانية معقدة. يرتدي ثوبه القضائي الأسود، لكنه في داخله يهيئ نفسه لأن يتحلى بقدر كبير من الحياد والصبر والمرونة، مدركًا أن أحكامه ستؤثر في مصائر أسر وأطفال. الجلسات الأولى: قضايا الطلاق والنفقة تبدأ الجلسات عادةً بقضايا الطلاق، حيث يقف الزوجان في قاعة المحكمة، كل منهما يسرد روايته للأحداث. يحاول القاضي أن ينصت بعناية لكل طرف، متحريًا الحقيقة خلف الكلمات المتألمة أحيانًا والغاضبة أحيانًا أخرى. في قضايا النفقة، يتحقق القاضي من قدرة الزوج المالية واحتياجات الأسرة، ليصدر حكمًا يوازن بين العدل والرحمة. فالنفقة ليست مجرد رقم، بل حياة كريمة لأطفال قد لا يفهمون سبب خلاف والديهم. منتصف اليوم: قضايا الحضانة وزيارات الأطفال تتحول قاعة المحكمة إلى مسرح حساس عندما يتعلق الأمر بحضانة الأطفال. يرى القاضي أمامه آباءً وأمهات يتنازعون على حق رؤية أبنائهم. هنا، تتضاعف مسؤوليته: فالقرار يجب أن يراعي مصلحة الطفل قبل كل شيء. يسأل القاضي الأسئلة الدقيقة: من الأقدر على رعاية الطفل؟ من يوفّر له بيئة مستقرة؟ هل هناك خطر يهدد سلامته مع أحد الوالدين؟ خلف هذه الأسئلة، ينبض قلب إنساني يخشى أن يُخطئ، لأن الخطأ قد يحطم طفولة بريئة. نهاية اليوم: التأمل فيما وراء الأحكام مع انتهاء الجلسات، يعود القاضي إلى مكتبه لمراجعة ملفات اليوم وكتابة أحكامه. يشعر أحيانًا بثقل القرارات التي اتخذها، ويتساءل: هل استطعت تحقيق العدل حقًا؟ هل أنقذت أسرة من الانهيار أم أن القانون فرض حلاً قاسيًا لا مفر منه؟ يعلم القاضي أن عمله لا يقتصر على تطبيق النصوص الجامدة، بل يتطلب رؤية إنسانية ترى معاناة الناس وتحترم كرامتهم. وفي كل يوم، يتجدد إدراكه أن العدالة في محكمة الأسرة تحتاج إلى عقل قانوني وقلب إنساني معًا. خاتمة يوميات قاضٍ في محكمة الأسرة هي رحلة يومية بين النص والمشاعر، بين اللوائح والدموع. فالقاضي هنا لا يحكم فقط باسم القانون، بل باسم الرحمة والعدل معًا، واضعًا نصب عينيه دائمًا أن القضايا الأسرية ليست معارك للفوز، بل محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من روابط إنسانية مقدسة. --- 


|