توقف عن الركض خلف الماضي والمستقبل… السر في الآن! 🔑🕰️
✍️ بقلم:احساس غالي ..
في غمرة الضوضاء، وبين طيات العُمر المتسارع، يعيش الإنسان معلقًا بين أمرين: ماضٍ يؤرّقه، ومستقبل يُربكه. وكأنه يُجاهد الزمن في معركةٍ خاسرة، يسعى فيها خلف سرابٍ بعيد، وينسى كنزًا لا يُقدّر بثمن… إنه "الآن".
تأمل قليلاً: كم من لحظة عشتها حقًا؟ كم مرة نظرت في عيني يومك وقلت: "أنا هنا، بكامل حضوري، بلا حنينٍ يُمزقني، ولا قلقٍ يستنزفني"؟
أليست معظم أيامنا تذوب بين حسرات الأمس وهواجس الغد؟
نتذكر شيئًا مؤلمًا ونُعيد تشغيله كأنه شريط لا نهاية له، أو نُرهق أعصابنا بتوقّعات لا نعلم إن كانت ستأتي على ما نشتهي أم لا.
لكن الحقيقة الأعمق، والمفارقة التي لا يدركها كثيرون، هي أن الزمن الحقيقي لا يسكن الماضي ولا ينتظر في المستقبل، بل يتنفس هنا، في قلب اللحظة.
إننا، حين نُعانق اللحظة الراهنة بكل جوارحنا، نكتشف أن ما كنا نبحث عنه في أطياف الأمس وأوهام الغد، موجودٌ بين أيدينا منذ البداية، فقط كنّا غائبين.
الماضي؟ هو صفحات انطوت.
المستقبل؟ هو فكرة لم تولد بعد.
أما الآن؟ فهو الحقيقة الوحيدة التي تُضيء وعينا.
أن تعيش في الآن لا يعني أن تنسى دروس الأمس أو تتخلى عن الطموح، بل أن تكون حاضرًا بكامل وعيك في كل خطوة، أن تستشعر مذاق الحياة دون مرارة الذكريات أو مرارة الانتظار.
أن تُنصت لصوت قلبك وهو ينبض، لعينيك وهي تُبصر، لنسيمٍ يمرّ من حولك دون أن تتركه يُفلت منك لأنك كنت مشغولاً بالهروب من اللحظة.
إن العيش في اللحظة هو فنٌ، وهو تدريبٌ يومي، وهو أعلى درجات النضج الروحي والنفسي. هو التحرر من السلاسل غير المرئية التي تُكبّل أرواحنا دون أن ندري.
في اللحظة الراهنة، لا مكان للحكم على الذات، ولا للمقارنة مع الآخرين، ولا لمطاردة أهدافٍ تُستنزف لأجلها كل المشاعر. بل هناك سكينة، وصدق، ورضا داخلي، لا يمنحه لك أحد… سوى وعيك.
ولعل من أجمل ما قيل في هذا السياق:
"أنت لا تملك الماضي، ولا تملك المستقبل… أنت تملك فقط هذه اللحظة، فإما أن تحياها، أو تضيع منك إلى الأبد."
فلنتوقف عن الركض… لنقف… لنستشعر نعمة "الآن"، هذه اللحظة التي نغفل عنها، بينما هي البوابة الحقيقية نحو الراحة، والسلام، والاتزان.
لنقلها لأنفسنا كل صباح:
"لن أكون عبدًا لما مضى، ولا رهينةً لما سيأتي… أنا ابن اللحظة، وساكنها، وعاشقها."
#العيش_في_اللحظة #السلام_الداخلي #قوة_الآن