بســـــــــم الله الرحمــــــن الرحيـــــم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومـن سيئـات أعمـالنـا مـن يهـده الله فـلا مضل له ومن يضلل فلا هـادي لـه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسولـه
أما بعد ...
● أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
سورة البقرة
▪ قوله تعالى : (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا)
ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل متوفى عنها تعتد بأربعة أشهر وعشر ، ولكنه بين في موضع آخر أن محل ذلك ما لم تكن حاملا ، فإن كانت حاملا كانت عدتها وضع حملها ، وذلك في قوله : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ 65 \ 4 ] ، ويزيده إيضاحا ما ثبت في الحديث المتفق عليه من إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبيعة الأسلمية في الزواج بوضع حملها بعد وفاة زوجها بأيام ، وكون عدة الحامل المتوفى عنها بوضع حملها هو الحق ، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم خلافا لمن قال : تعتد بأقصى الأجلين . ويروى عن علي وابن عباس ، والعلم عند الله تعالى .
تنبيهان
الأول : هاتان الآيتان ، أعني قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ، وقوله : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن من باب تعارض الأعمين من وجه ، والمقرر في الأصول الترجيح بينهما ، والراجح منهما يخصص به عموم المرجوح كما عقده في " المراقي " بقوله :
وإن يك العموم من وجه ظهر فالحكم بالترجيح حتما معتبر
وقد بينت السنة الصحيحة أن عموم : وأولات الأحمال مخصص لعموم : والذين يتوفون منكم الآية . مع أن جماعة من الأصوليين ذكروا أن الجموع المنكرة لا عموم لها ، وعليه فلا عموم في آية البقرة ; لأن قوله : ويذرون أزواجا جمع منكر فلا يعم بخلاف قوله : وأولات الأحمال ، فإنه مضاف إلى معرف بأل ، والمضاف إلى المعرف بها من صيغ العموم ، كما عقده في " مراقي السعود " بقوله عاطفا على صيغ العموم :
وما معرفا بأل قد وجدا أو بإضافة إلى معرف
إذا تحقق الخصوص قد نفى
الثاني : الضمير الرابط للجملة بالموصول محذوف ; لدلالة المقام عليه أي : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بعدهم أربعة أشهر وعشرا كقول العرب: السمن منوان بدرهم ، أي : منوان منه بدرهم.
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن