السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته   تحية طيبة لجميع رواد وأعضاء وأحباب الجاد 🌺          ''سـالي كرووي''   هي بطلة كرتون من الرسوم المتحركة القديمة، مقتبس من رواية يابانية، بعنوان: "الأميرة سارة" عُرضت في القنوات العربية في سنوات التسعينات، وعشنا معها كثيرا من الملامح الإنسانية، فأثّرت بقلوبنا وأرواحنا ما تعرضت له (سالي)، كان اختصارا لغطرسة الطبقة العلينا على الفقراء، والدعس على إنسانيتهم بدون سبب.. فقط لأنهم فقراء. الحديث عن سالي ذو شجون، لمن لا يعرف قصتها، فهي فتاة من أب بريطاني وأم فرنسية، كانت تعيش في الهند، يملك والدها منجما للألماس، ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، أدخلها والدها لمدرسة داخلية في لندن، كانت متفوقة ومحبوبة من الجميع، وتجيد اللغة الفرنسية عكس زميلاتها، من هنا حصدت كثيرا من القلوب الحاقدة، كزميلتها لافينيا الحاقدة، والآنسة منشن مديرة المدرسة، التي حملت شخصية نرجسية، ربما شعرت بغيرة من الطفلة الصغيرة التي تملك كل شيء، وقارنتها بنفسها البائسة التي تقاتل من أجل لقمة العيش وتطوير مدرستها وكسب المال، وظهر شرها وغطرستها حين توفي والد سالي، وتوقف عن إرسال النقود لدراستها، فطردتها شر طردة، لكن بعد توسل أختها ''لآنسة إيميليا'، تركتها في المعهد تعمل كخادمة، وقد نالت من الظلم والجور والقهر الكثير، لدرجة كانت كل لقمة تأكلها تحاسب عليها.. ووضعت الآنسة مينشن أوامر صارمة بأن لا يساعدها أحد، أو يرحمها أحد. ما كل هذا السوء المخبئ في قلب شرير على هيئة بشر؟ لقد جعلنا موقف الآنسة منشن ندرك كم تحمل الحياة من شرور، وكم أن الإنسان قادر على ان يغير جلده، ويتخلى عن إنسانيته، بمجرد أن يفقد غيره المال الذي تعلمنا ايضا أنه العنوان الكبير للحياة، فهو الذي يجعل لك قيمة عليا أو يطمرك في التراب. الأمر الذي كثيرا ما فكرت فيه، وأظنه كان ثغرة كبيرة في هذا المسلسل الكرتوني، هو حين ظهر السيد: ''توماس كريسفورد''، وهو شريك والد سالي في العمل، والذي جلبته الصدف ليسكن بجوار معهد سالي، والذي أتى خصيصا للندن للبحث عن ابنة شريكه، وإعطاءها حقها من الميراث الذي تركه والدها من منجم الألماس! هنا حدثت المعجزة ورجعت سالي مجددا، أميرة كما كانت، هذه المرة لقبت بأميرة الألماس، فعكس توقعات الجميع، اكتشف والدها منجما للألماس قبل وفاته، وستذهب كل عائداته للأميرة سالي. الذي لا يُتصوّر، ولم يتقبله عقلي، وعقل كثير من المفكرين الصغار حينذاك، هو مسامحة سالي للآنسة مينشن، رغم كل الظلم الذي تكبدته منها، إذ لم تترك لها لباسا تغطي به جسدها الهزيل من برد وليالي لندن القاسي، لم تمنحها يوما غذاءا أو عشاءا مشبعا، كانت تنام على الجوع وتستيقظ عليه. مكابرتها على تحمل الظلم غير منطقي، ومسامحتها للآنسة مينشن غير مقبول! لقد مرروا لنا عن طريق هذا الكارتون أن الإنسان بإمكانه العفو عن الظالم وتجاوز سيئاته بعذر (المسامحة) أو (الإنسانية الراقية). وهذا غير معقول.. سيكبر الجيل مذلولا يسامح من استقوى عليه في لحظات ضعفه، بحجة عبارات مثل التسامح، والتغاضي، فأصبحت الطيبة هنا ضعفا، لأنها لم تمارس في وضعها المناسب. شخصيا أرى أن كل شيء نمر به في الحياة يستحق وقفة وتدبرا، فمن ظلمك وترك آثاره النفسية على روحك، والمادية على جسدك، يجب أن ينال عقابه، لابأس من المسامحة إذا ركع على رجليه وطلبها، كما فعلت ''مينشن'' لما علمت أن سالي أصبحت أميرة الماس، ولكن لابد من أن يأخذ الظالم جزاءه. مثلا كأن تتولى أختها الآنسة إيميليا إدارة المدرسة، وتنزل مينشن إلى رتبة أقل، حتى تكفّر عن ذنبها وتتوقف عن غطرستها. هذه هي النقطة الوحيدة التي آخذها على من غرسوا في صدرور جيل كامل ضعفا وهوانا بحجة الطيبة والتسامح، وجعلونا نسامح الآنسة مينشن رغما عنا، رغم أنها أبكتنا وقهرتنا بعذابها لسالي.     أسئلة النقاش: -هل يُعتبر الصفح والعفوعمّن عيشك سنينا من الظلم والقهر طبيعياً؟ -كيف ترى العلاقة بين رد الظلم، والحفاظ على الإنسانية؟       شكرا للجميع على القراءة ومعذرة على الإطالة والشكر لعبد الله، أصدقك القول أني خرجت من واقعي لبضع دقائق لحظة كتابتي لهذا الموضوع فقد غصت في معالم بعيدة أعادتني لطفولتي، ولأسئلتها العميقة بارك الله فيك على هذه المسابقة الرائعة.