في ظلّ ازدياد الوعي بأهمية الفنون، يشهد لبنان إقبالاً متزايداً على ورش العمل المسرحية، التي لم تعد حكراً على الفنانين والمحترفين، بل أصبحت ملاذاً للأشخاص العاديين الباحثين عن متنفَّس للتعبير عن ذواتهم واكتشاف قدراتهم الكامنة.
يؤكد الكاتب والممثّل رالف س. معتوق، في حديث لـ "نداء الوطن"، أنّ هذه الورش ليست جديدة في لبنان، فقد نظّمها وأدارها كبار المخرجين والممثلين المسرحيين. ويضيف: "مع ازدياد الوعي وحبّ الناس لاكتشاف كلّ جديد، يزداد الإقبال على ورش العمل المسرحي. والأكيد أنّ لهذه الورش فوائد متعددة على عدة مستويات".
ويشير معتوق إلى أنّ من أبرز فوائد هذه الورش، أنها توفّر مساحة للتعبير والتنفيس للأشخاص الذين يحتاجون إلى التعبير عن أنفسهم وعن أمور تشغلهم. ففي المسرح، تعتمد التدريبات بشكل كبير على التعبير، حيث تتيح للمشاركين إسقاط مشاعرهم المتضاربة وإخراج الأمور المزعجة التي يحملونها، ما يساعدهم على التصالح معها ورؤيتها من زاوية جديدة.
"هذه هي ثالث ورشة عمل أنظّمها"، يقول معتوق، ويشير إلى "ورش أخرى تُقام، منها واحدة مخصّصة للأطفال وأخرى للكبار. اللافت في الموضوع أنّ المشاركين، خصوصاً من الكبار، ليسوا بالضرورة مرتبطين بالفن أو المسرح. إنهم أشخاص عاديون، لديهم أعمالهم، فمنهم أمهات ورجال أعمال، لكنّهم يشاركون لأسباب مختلفة: البعض مدفوع برغبته في التعبير عن ذاته، وآخرون بدافع الفضول لمعرفة ماهيّة المسرح، بينما يرى البعض في المشاركة تحقيقاً لحلم لم يتمكّن من تحقيقه في الماضي، عندما لم يكن الفن ودراسة التمثيل متاحاً أو مقبولاً على نطاق واسع".
على الصعيد النفسي، يرى معتوق أنّ "المسرح يمكن أن يكون أداة علاجية قوية، حيث يساعد الأفراد على التعامل مع التوتر والمشاكل العاطفية من خلال الأداء والتفاعل الجماعي. ففكرة مشاركة الهموم والمشاكل مع أشخاص يمرون بتجارب مشابهة تخلق إحساساً بالتضامن والانتماء، ما يُخفّف من الشعور بالعزلة. عندما يلحظ الشخص أنّ سواه يمر بتحدّيات مشابهة، يشعر بنوع من الراحة النفسية، وقد تنشأ بين المجموعة روابط دعم قوية تساعدهم على تخطي الصعوبات".
ختاماً، تتجاوز ورش العمل المسرحية في لبنان كونها مجرّد نشاط فني، لتصبح مساحة حيويّة للتعبير عن الذات، وتحقيق الأحلام، وتجاوز التحدّيات. فهي أصبحت رحلة استكشافية داخلية وخارجية، يشارك فيها أفراد من مختلف الخلفيّات، ليجدوا في خشبة المسرح ملاذاً آمناً للتعبير عن مشاعرهم، وتفريغ طاقاتهم، واكتشاف قدراتهم.