جزاء الذين يحاربون الله ورسوله
بقلم: فريق الكتابة – من وحي القرآن والسنة
في طريق الحق والهدى، لا تقف العقبات فقط عند حدود الجهل أو الشك، بل تتجاوز ذلك إلى أولئك الذين يقفون عداءً مباشرًا لله ورسوله، محاولين إطفاء نور الله بأفواههم، وإفساد الأرض بعد إصلاحها، ونشر الرعب والفتنة في قلوب المؤمنين. هؤلاء ليسوا فقط مخالفين، بل محاربون لله عز وجل ورسوله ﷺ، والخطر الذي يشكلونه لا يهدد فردًا أو جماعة، بل يهدد البناء الإيماني والأخلاقي للأمة كلها.
قال الله تعالى في محكم تنزيله:
*{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
– سورة المائدة، الآية 33
هذه الآية الكريمة جاءت في سياق بيان حكم من يُجاهر بالعداء لله ورسوله، ويُفسد في الأرض إفسادًا متعمدًا — سواء كان ذلك بالإرهاب، أو قطع الطريق، أو الفتنة، أو الظلم الممنهج، أو التشويه المتعمد للدين وتعاليمه.
فالعداوة مع الله ورسوله ليست فقط في الاعتقاد، بل في الفعل والسلوك، في نشر الفوضى، وترويج الفساد، ومحاربة الإسلام بلسان الحال أو لسان المقال، ومحاولة تشويه صورته النقية النبيلة.
وجزاء هؤلاء شديد في الدنيا والآخرة:
- ففي الدنيا: خزيٌ، وعقوبات زاجرة تحفظ أمن المجتمع وهيبته.
- وفي الآخرة: عذابٌ عظيم لا يُقارن بعذاب الدنيا، لأنه جزاء من حارب خالق الكون ورسول رحمته.
وقد طبّق النبي ﷺ هذا الحكم في حياته على أولئك الذين ارتكبوا جرائم عظيمة ضد الإنسانية، فنشروا الفتنة والخوف، واعتدوا على الأبرياء. ومن هنا تتجلى عظمة الشريعة الإسلامية التي تحفظ الحقوق، وتردع المعتدي، وتؤمن المجتمعات من الفوضى والتخريب.
لكن، مع عظمة الجزاء، فإن باب التوبة يظل مفتوحًا، لمن رجع إلى الله قبل القدرة عليه، وتاب بصدق وندم. قال تعالى في الآية التي تليها:
{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
– سورة المائدة، الآية 34
ما أرحم هذا الدين… حتى في أقسى العقوبات، يُبقي باب الرحمة مشرعًا، ويمنح الفرصة لكل نفس تائهة أن تعود إلى ربها، وتطهّر قلبها من العداء والبغضاء.
خاتمة:
محاربة الله ورسوله ليست فقط جريمة في حق الدين، بل هي خطر على كيان الأمة واستقرارها. وقد جاءت أحكام الشريعة واضحة، لتحفظ للأمة أمنها، ولتصون الدين من التشويه، ولتحمي القلوب المؤمنة من الخوف والذل.
فلنكن دائمًا من أنصار الله ورسوله، لا من محاربيهم. ولننصر ديننا بالعلم، والعدل، والأخلاق، والعمل الصالح، لنستحق أن نكون من الذين وعدهم الله بالنصر في الدنيا والآخرة.
المصدر:
- القرآن الكريم – سورة المائدة، الآيتان 33–34
- تفسير ابن كثير
- الجامع لأحكام القرآن – للقرطبي
- السيرة النبوية – ابن هشام
#محاربة_الله_ورسوله
#القرآن_الكريم
#الإسلام_دين_رحمة