السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
تحية طيبة ملؤها الاحترام والتقدير لكل الأعضاء الكرام، أنتم من تُضيئون هذا المنبر الطيب بنقاشاتكم الواعية، وعطائكم النقي، وأسئلتكم التي تُثمر وعيًا وتبني فكرًا. جزى الله إدارة الموقع خير الجزاء، وسدّد خطى القائمين عليه، كما أتقدم بالشكر الجزيل للأخ الكريم الذي أثار هذا الموضوع النبيل، موضوع إظهار الفرح في العيد، والذي يستحق منا وقفة تأملية صادقة، نسترجع فيها المعنى الحقيقي للعيد، وجماله الذي لا يُقاس بثياب جديدة، ولا بزينة مؤقتة، بل بروحٍ تتنفس الرضا، وقلوبٍ تُنشد السلام.
العيد في الإسلام ليس مناسبة عابرة، ولا احتفالًا سطحيًّا يُفرغ في مظاهر زائلة، بل هو موسم روحي، تتقاطع فيه السماء مع الأرض، وتنزل فيه الرحمة على النفوس الصائمة، والمتهجدة، والمستغفرة. إظهار الفرح في العيد ليس ترفًا ولا هامشًا في الدين، بل هو عبادة قلبية، وسُنّة نبوية، وترجمة حقيقية للرضا بما أنعم الله به علينا من تمام الطاعة، وقبول العمل، واستمرار الحياة.
لقد شرع لنا الإسلام الفرح في العيد، وكأنما يريد أن يقول لنا: لا تبكِ على ما مضى، ولا تحزن على ما فات، فقد غفر الله لك ما تقدم، وها هو يوم الجائزة قد أقبل. في العيد تتزين الأرواح قبل الأجساد، وتبتسم القلوب قبل الشفاه، فكيف لنا أن نكتم الفرح؟ كيف لنا أن نكبح البهجة، وقد أُمرنا أن نُظهرها، وأن نزرعها في وجوه من حولنا؟ إن البسمة في العيد صدقة، والمصافحة مودة، والمعايدة عبادة، والسعادة فيه ليست خيارًا… بل واجبٌ شرعي يُبهج النفس، ويُقوّي روابط الأخوّة، ويُعيد للحياة لونها بعد صيام أو حج أو تعب.
وقد كان رسول الله ﷺ يُظهر الفرح في العيد، ويُشجّع أهله وأصحابه عليه، حتى إنه أذن للحبشة أن يلعبوا في المسجد، وأقرّ أبا بكر حين دخل على بيته ووجد جاريتين تُغنيان بأن هذا يوم عيد، "وهذا يوم عيدنا"، ليُثبت لنا أن الفرح في العيد ليس مخالفة، بل سُنّة لها روحها العظيمة ومكانتها الرفيعة.
فلنُظهر الفرح في العيد لا من باب الترف، بل من باب الإحياء، لنُفرح الضعيف، ونُسعد الفقير، ونُداوي جراح القلب بالابتسامة، ولنربّي أبناءنا على أن الدين ليس حزنًا دائمًا، بل توازنٌ بين دمعة الخشوع، وضحكة العيد.
جزى الله القائمين على هذا الموقع المبارك خير الجزاء، وبارك في أقلامكم النابضة بالخير، وأفكاركم المضيئة بالحق، وجعلنا وإياكم من أهل السعادة في الدارين.
#فرح_العيد #سنة_العيد #روح_الإسلام #بهجة_المسلمين