الأجداد عامل أساسي لصحة الأطفال النفسية

 

يمثل وجود الاجداد في حياة الاحفاد قيمة انسانية ونفسية ثمينة، فالأجداد هم رمز للعطاء والحب والحنان، ويجب علينا كأحفاد أن نعتز بهم ونفخر بما قدموه لنا في حياتنا، فخلال مشوار حياتهم مع احفادهم يقدمون أسمى ما تجود به انفسهم من رعاية ونصيحة واهتمام.

يقول استشاري العلاج النفسي الدكتور

عبد الله الرعود: «إن العلاقة بين الأطفال والأجداد هي علاقة قوية من عدة جوانب، الجانب الأول هو الأمني فالأطفال يستمدون الأمن والقوة من الأجداد وعندما يشاهدون آبائهم وأمهاتهم يقدمون الولاء والطاعة لآبائهم يأمنون أن هناك طاقة عالية جداً وقوة، لذلك يشعرون بالأمن ويستمدونه من أجدادهم ».

ويتابع: «أما الجانب الآخر هو الجانب العاطفي الانفعالي فالأجداد من خبرتهم بتربية أبنائهم يعدلون كثيراً من الجوانب التي أخطأوا فيها، لذلك فهم يعوضون الجوانب الخاطئة في التربية مع أحفادهم بطرق أكثر إيجابية فيلجأون إلى أساليب فيها نوع من العاطفة والحنو لدرجة مقبولة، وإظهار مشاعرهم بدرجة أكثر، والتعامل مع الأطفال على أنهم شخصيات محببة ويظهرون لهم الحب والعطف والتقبل والود».

ويضيف :«وهناك جانب آخر مهم أن الأجداد مع التقدم في العمر وكبر السن تزداد العاطفة عندهم، بينما الأب عندما يكون في مرحلة الشباب فيكون لديه جبروت وتجبر ولكن مع التقدم في العمر يصبح أكثر عقلانية وتقل لديه درجة العنفوان والتجبر ويغير من أسلوب حياته».

ويرى الرعود أن :«الأطفال أكثر فئة تتقبل التعلم بأعمار صغيرة لذلك أي شيء يشاهدونه يقلدونه بشكل مباشر، ويتعلمون منه لذلك حينما يشاهدون آبائهم يقدمون الولاء والطاعة للأجداد يقلدونهم، فالأجداد يعتبرون مصدرا قوة وأمن ومصدرا للطاقة النفسية لذلك يشعر الطفل بالأمن والإستقرار النفسي مع وجود الأباء والأجداد، وكذلك كعائلة ممتدة حينما يرى الطفل أشخاصاً كثيرين من حوله يشعر بالأمن والإستقرار النفسي».

ويبين الرعود: «أما الاستقرار النفسي يدعمه بأن الأباء والأجداد يحاولون اللعب مع الأطفال، فالأجداد أحياناً بعد عمر طويل بعضهم يتقاعد ويتواجد بالمنزل فيلجأ لإشغال وقته مع الأطفال من خلال اللعب وسرد القصص والتحدث عن الخبرات القديمة لذلك كل هذه الأمور تجعل الطفل يلجأ إلى الأجداد لأنه يشعر بالحنان والعطف والقوة والأمن ويعتبرهم مصدر طاقة إيجابية وأمنية يلجأ إليها».

ويوضح الرعود: «كذلك يعتبر الأجداد الحضن الدافئ للأطفال لأن لديهم خبرة من الناحية الإجتماعية، وهم الذين يجمعون الأسرة الممتدة، فبعد وفاة الأجداد تجد أن كثيراً من الأسر تفرقت وأصبح الطفل وحيداً، بينما مع وجود الأجداد تجد الجوانب الاجتماعية منتشرة بشكل كبير واجتماع الأسر الصغيرة عند الجد بشكل أكبر، لذلك يجد الطفل ملجأ من الناحية الاجتماعية، وملجأ أمنيا، وعاطفيا، وملجأ نفسيا وملجأ للعب مع أقرانه من الأسر الصغيرة الأخرى جميعها يجدها في بيت الجد».

ويلفت إلى أن : «الجد يعتبر وسيلة لتأمين المستقبل لأنه يفكر كثيراً في مستقبل الأبناء عن طريق تعليمهم واللعب معهم وحمايتهم، وإعطائهم جانباً كبيراً من العاطفة، وإطعامهم والاهتمام بلباسهم وكل هذه الجوانب يهتم الجد بتقديمها للطفل، كما يعتبر منزل الأجداد مساحة كبيرة للحرية والحركة واللعب والتعبير عن الرأي أمام الآباء والآخرين لذلك يساعد على بناء جانب نفسي قوي عند الطفل وفي سن متقدمة من عمره ».

ويقول الاستشاري الاجتماعي الدكتور فيصل غرايبة: «دائماً ما تترك معاملة الأجداد الأثر الإيجابي في نفوس الأحفاد وخاصة إذا كانوا في مرحلة الطفولة ويتلقونها بارتياح كبير، وتأخذ دائماً طابع التحبب والجاذبية لدى الأحفاد، بالإضافة إلى أن فيها الكثير من نقل الخبرة والدراية والحكمة التي يقابلها الأحفاد بالارتياح ويتكون لديهم الرغبة للاقتداء بها، على خلاف معاملة الآباء والأمهات التي تنطوي على الزجر والمنع والتأنيب التي يقابلها الأبناء ذكوراً وإناثاً بشيء من الرفض والسلبية».

ويضيف: «ويجد الأحفاد بالأجداد ملاذاً لهم سواء في مواقف العقاب والتربية أو في مواقف إرتياحية تلقائية عادية من قبل آبائهم وأمهاتهم، كما أن هؤلاء الأجداد يوفرون للأحفاد أجواء إيجابية مريحة لتلقي التوجيهات والتربية والتدريب على أيديهم، لا سيما وأن فيها الكثير من اللينة والعطف لا بل والدعابة والابتسامة المطمئنة والإستقرار النفسي لدى هؤلاء الأحفاد».

ويتابع: «ولا ننسى أن لدى الأجداد خبرات ودراية وحكمة يستمتع الأحفاد بالاستماع لها والاستفادة منها واقتباسها واتخاذها كمسلمات في الحياة يجب الأخذ منها دون نقاش». ويرى غرايبه أن: «الأطفال لا يستمدون أوجه تربيتهم عن طريق الإطلاع والمطالعة، وإنما عن طريق الاقتداد والكلام المباشر من قبل الكبار، فيكون لهذا الكلام ولهذا التوجيه الصادر عن الأجداد أكبر الأثر وأفضل المصادر التي يرتاح إليها الأطفال وخاصة في السنوات الأولى قبل سن الشباب، وخاصة أن أسلوب هؤلاء الأجداد محبب للصغار ويدخل إلى أذهانهم بترحاب وسهولة وتقبل، لا?بل وحماس وثقة لاتباعه والاقتداء به والتمسك به من أفكار وقواعد سلوك وأطر أخلاقية». وفي دراسة أعدّها خبراء في قسم علم الإجتماع في جامعة بوسطن الأميركية أشارت الى أنّ وجود الأجداد في حياة الأطفال يتخطّى مسألة مدهم بالعاطفة والشعور بالأمان ليؤثر بشكل مباشر على صحتهم النفسية في صغرهم وفي سن متقدمة من عمرهم، إذ أنّ وجود الأجداد يقي أحفادهم من الإصابة بالإضطرابات النفسية والتي قد تؤثر بشكل مباشر على خياراتهم ومسارهم في الحياة! ويضيف الخبراء أنّ الأطفال الذين يمضون وقتًا كبيرًا مع أجدادهم يعيشون حياة سليمة، خالية ?ن الاضطرابات والمشكلات النفسية حتى في سنّ متقدمة من عمرهم ويكون التوتر والإجهاد أقل تأثيرًا عليهم من أقرانهم الذين لم يترعرعوا بجانب أجدادهم.

 منقول للامانة