إن الحمد لله تعالى نحمدهونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهد الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.....
فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
1 ـ تــرك صــلاة الـتـراويــح:
إن هذا الشهر العظيم غنيمة لكل مسلم يريد أن يعتق الله رقبته من النار، ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّب في قيام هذا الشهر، فقال:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه"(البخاري ومسلم)
ولكننا نجد أن أكثر الناس ينشغلون عن تلك العبادة العظيمة بمشاهدة التلفاز، والذهاب إلى المسارح وأماكن الغناء.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكل ذلك لأنهم يعتقدون أن شهر رمضان لا يعني إلا الامتناع عن الطعام والشارب بالنهار، ثم الانغماس في المعاصي والملذات بالمساء.
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة- يعني في رمضان -وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة"
(رواه الإمام أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع:2169)
فليغتنم المسلم ليل رمضان في طاعة الرحمن ليكون من عتقائه من النيران، ويفوز بالروح والريحان في أعالي الجنان.
2 ـ ترك صلاة التراويح في أول ليلة من ليالي رمضان:
بعد انتهاء شهر شعبان ورؤية هلال رمضان، ومع أول ليلة فيه تجد أن المساجد مهجورة، وكأن هذه الليلة ليست من رمضان، في حين أننا نجد الأسواق معمورة والزحام شديد، فتضيع صلاة التراويح ويضيع معها الأجر العظيم.
3 ـ ترك صلاة التراويح في جماعة في المسجد و تأديتها في البيت:
وإن كان يجوز أن تُصلّي صلاة التراويح في البيت، ولكن المستحب أن تصلي صلاة قيام الليل في رمضان جماعة في المسجد، لما ثبت في الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:
"قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن ندرك الفلاح، قال: وكنا ندعو السحور الفلاح"(رواه ابن أبي شيبة والنسائي وصححه الألباني)
ـ وقد ثبت نحو هذا من حديث أنس وعائشة وحذيفة ـ رضي الله عنهم ـ
وبيَّن صلى الله عليه وسلم فضل صلاتهم مع الإمام فقال:"مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة"
(رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وهو في صحيح الجامع: 1615)
ولذلك قال الإمام أحمد:يعجبني أن يُصلي مع الإمام ويوتر معه.
وسُئل:يؤخر القيام ـ يعني التراويح ـ إلى آخر الليل؟ قال: لا. سنة المسلمين أحب إليَّ.
(يعني يصلِّي في المسجد مع الإمام أفضل من كونه يصلِّي بمفرده)
4 ـ اعتقاد البعض أن صلاة التراويح غير صلاة التهجد:
وهذا اعتقاد خاطئ، إذ أن صلاة التراويح والتهجد كلها يطلق عليها قيام الليل.
5 ـ اعتقاد البعض أنه لا يجوز للنساء صلاة التراويح في المسجد:
وهذا اعتقاد باطل إذ للمرأة أن تأتي للمسجد للصلاة في رمضان وفي غيره
وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"
والمرأة تحتاج أن تتزود بالطاعة خصوصاً في رمضان حيث الجمع الكثير المعين على فعل الخير، وطول القيام خلف إمام متقن؛ لتتدبر للقرآن ويخشع قلبها للواحد الديَّان وتزداد بذلك إيماناً.
ـ ومما يدل على جواز حضور النساء لصلاة التراويح
"أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل على الرجال في صلاة التراويح أُبي بن كعب، وعلى النساء سليمان بن أبي حثمة، وكذلك فعل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه".
6 ـ اعتقاد البعض بضرورة تحديد جزء من القرآن كل ليلة:
وهذا ليس عليه أي دليل من السنة.. والأمر فيه سعة ولله الحمد.
قال أبو عثمان النهدي:"دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاثة من القُرَّاء فاستقرأهم، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ خمساً وعشرين، وأمر أبطأهم أن يقرأ للناس في رمضان عشرين آية" (والأمر) في ذلك واسع.
ـ ومن أجل ذلك نقول: إنه لم يرد في تحديد القراءة في التراويح سُنَّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيختلف باختلاف الأحوال، ويقرأ الإمام قدر ما لا ينفرهم عن الجماعة، ولو اتفق جماعة يرضون بالتطويل فهو أفضل للآثار المتقدمة.
وقد استحب الحنفية والحنابلة أن يختم القرآن الكريم في الشهر، ليسمع الناس جميع القرآن في تلك الصلاة.(فتح القدير: 1/335)، (البدائع: 1/289)، (المغني: 2/169)
7 ـ خطأ يقع فيه بعض الكسالى:
حيث إنهم يجلسون في المسجد ينشغلون عن صلاة التراويح بالكلام أو الجلوس، حتى إذا ركع الإمام دخلوا معه في الصلاة، وهذا العمل فيه ترك لمتابعة الإمام، وتفويت لتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة، فأين هؤلاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه"
فلا يليق هذا الفعل لمن أراد العتق من النـار في هذا الشهر المختـار، ولا ينسى هذا الكسـلان قول الحبيب العدنان صلى الله عليه وسلم:"وإن الرجل يخرج من صلاته وما كتب له إلا النصف أو الربع حتى عدّ النبي صلى الله عليه وسلم إلى العُشر"
فليحرص الإنسان منَّا على تكبيرة الإحرام، والمحافظة على الصف الأول وتحسين الصلاة؛ حتى يخرج بالأجر كاملاً إن شاء الله.
8 ـ النظر في المصحف داخل الصلاة حال قراءة الإمام في صلاة التراويح:
وهذا يكثر في الحرم والمسـاجد الكبيـرة أيضاً، والغرض من هذا الفعل هو متـابعة الإمام.
وفي هذا العمل عدة مساوئ فمنها: كثرة الحركة باليدين وبالبصر، ومنها: ترك سنة القبض، ووضع اليدين على الصدر، ومنها ترك النظر إلى موضع السجود، وهذا يؤدي بدوره إلى عدم الخشوع في الصلاة والتي هي مقصد الصلاة وروحها، وهو يتنافى كذلك مع قوله تعالي:
{وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]، ويتنافى مع قول الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم: "إن في الصلاة لشغلاً"
(البخاري ومسلم)
تنبيهان:
1ـ إذا حمل أحد المأمومين المصحف خلف الإمام، وكان الغرض من ذلك هو الفتح على الإمام إن أخطأ ... جاز ذلك، وغيره لا يجوز له أن يحمل المصحف في الصلاة، بل ينبغي عليه الإنصات لقراءة الإمام.
2ـ لا بأس أن يقرأ الإمام من المصحف في رمضان، ودليل ذلك ما أخرجه البخاري معلقاً، ووصله الشافعي في "مسنده": "كانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف"
وإن كان هذا الأثر صحيحاً إلا أنه لا يتخذ سنة فيكون هو الأصل، لا. بل هذا يكون في عدم إتقان الإمام للحفظ أو عند غياب الإمام الحافظ ... وغير ذلك من الأعذار التي تجيز القراءة من المصحف، مع الأخذ في الاعتبار أن الأصل القراءة من الصدر.
9 ـ قيام البعض بالتسجيل للشيخ أثناء صلاة التراويح:
فتجد أحدهم إذا ركع أغلق المسجل، وإذا قام من السجود أعاد فتحه، وهذا العمل ليس من مصلحة الصلاة أو أعمالها، ويكون تفكيره وجوارحه مشغولة بآلة التسجيل، فلا يعي من الصلاة ولا من قراءة الإمام شيئاً.
10ـتتبع وقصد مساجد معينة للصلاة فيها من أجل جمال الصوت فقط وحسن النبرة:
ولا بأس أن يُقبل الناس على صاحب الصوت الحسن، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسناً، لكن من الناس من يتتبع المساجد لمجرد أن الإمام صوته حسن وهذا خطأ، إنما ينبغي أن يكون الاستلذاذ بسماع كلام الله وفهمه أكثر من الاستلذاذ بسماع صوت القارئ ولحنه، لكن تجد بعضهم يتفاعل ويتأثر بالصوت والألحان أكثر مما يتفكرون في المعاني، فيذهبون إلى الشيخ الفلاني لمجرد أن صوته جميل
وهذا الفعل فيه عدة محاذير منها:
1-أن الشارع نهى عن هذا الفعل.
فقد أخرج الطبراني في "الكبير" عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليُصلِّ الرجل في المسجد الذي يليه ولا يتبع المساجد"(انظر فيض القدير: 5/392)
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في "إعلام الموقعين" (3/310) عند الكلام عن الأدلة على منع فعل ما يؤدى إلى الحرام ولو جائزاً في نفسه:
إن الشارع نهى الرجل أن يتخطَّى المسجد الذي يليه إلى غيره كما جاء في الحديث، وما ذاك إلا أنه ذريعة إلى هجر المسجد الذي يليه، وإيحاش صدر الإمام، أما إن كان الإمام لا يُتم الصلاة أو يُرمَى ببدعة، أو يعلِن بفجور فلا بأس بتخطيه إلى غيره. أهـ
2-ويؤدي تتبع المساجد من أجل الصوت الحسن فقط إلى الذهاب إلى مسجد بعيد في بعض الأحيان، وهذا يؤدي بدوره إلى ضياع الأوقات، ولو صرف هذا الوقت في التقدم إلى مسجده المجاور والحرص على الصف الأول وتكبيرة الإحرام؛ لكان في ذلك من الأجر أضعاف أضعاف ما يطلب.
3-من المحاذير في هذا الفعل أنه يفتقد الالتقاء بجيرانه وجماعة المسجد.
4-الذهاب إلى صاحب الصوت الحسن وكثرة من يُصلِّي خلفه ربما يؤثر في نفس الإمام أو يقع عنده الرياء.
ـبل هناك خطأ جسيم يقع فيه بعض المسلمين، حيث يقدمون صاحب الصوت الحسن على غيره من أهل العلم والفقه، وما ذاك إلا ليطربهم بالصوت الحسن، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا
فقد أخرج الإمام أحمد والبخاري في "التاريخ" والبيهقي في "الشعب" عن يزيد عن شريك عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، عن زاذان أبي عمر عن عُليم قال:
" كنا على سطحٍ ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال يزيد: لا أعلمه إلا قال عابس الغفاري ـ فرأى الناس يخرجون في الطاعون، قال: ما هؤلاء؟ قال: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خُذني، فقالوا: أتتمنى الموت، وقد سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يتمنين أحدكم الموت؟ فقال: إني أبادر خصالاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوَّفْهُن على أمته: بيعُ الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعةُ الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناءً، وذكر خلتين آخرتين".
(صححه الشيخ أبو إسحاق الحويني في فضائل القرآن لابن كثير صـ197)
وفي رواية أخـرى ذكرها الألباني ـ رحمه الله ـ في "السلسلة الصحيحة" (2/672) صـ 979 بلفظ:"بادروا بالأعمال خصالاً ستاً: إمْرَةَ السفهاء، وكثرةَ الشُّرَطِ، وقطيعة الرحم، وبيع الحكم، واستخفافاً بالدم، ونَشْواً يتخذون القرآن مزامير، يقدمون الرجل ليس بأفقههم ولا أعلمهم، مايقدمونَهُ إلا ليُغَنِّيهم".
ـ ولقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم من هو أحسن الناس صوتاً:
فقد أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن عن طاووس ـ رحمه الله ـ قال:
"سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أحسن صوتاً بالقرآن؟ فقال: الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله"
ـ وسُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
عن حكم تتبع الأئمة الذين في أصواتهم جمال:
فأجاب فضيلة الشيخ: أرى أنه لا بأس في ذلك، لكن الأفضل أن يُصلِّي الإنسان في مسجده لأجل أن يجتمع الناس حول إمامهم وفي مساجدهم، ولأجل ألا تخلو المساجد من الناس، ولأجل ألا يكثر الزحام عند المسجد الذي تكون قراءة إمامه جيدة، فيحدث من هذا ارتباك، وربما يحدث أمر مكروه؛ ولهذا نحن نرى أن الإنسان يبقى في مسجده لما في ذلك من عمارة المسجد وإقامة الجماعة فيه، واجتماع الجماعة على إمامهم والسلامة من الزحام والمشقة.
11 ـ عدم الوعي والفقه في كيفية الفتح على الإمام إذا التبست عليه القراءة:
فتجد في صلاة التراويح أو التهجد إذا أخطأ الإمام أو توقَّف قليلاً ليأخذ نَفَسَهُ أن مَن خلفه ومَن على أطراف الصفوف وخلفها يفتحون عليه، ويحدث ضجيج وتشويش على الإمام ولا يُفْهَم شيئاً، فعلينا أن نفهم فقه الفتح على الإمام حتى لا نقع في خطأ.
ومن المعلوم أن جمهور أهل العلم استحبوا الفتح على الإمام وذلك للأدلة التالية:
ـ ما أخرجه أبو داود عن المسور بن يزيد الأسدي رضي الله عنه قال:
"شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئاً لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا أذْكَرْتَنِيها."
ـ وأخرج أبو داود أيضاً وابن حبان عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاة فقرأ فيها فلُبس عليه، فلما انصرف قال لأُبَيِّ: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: ما منعك؟" (أي ما منعك أن تفتح عليّ)
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ كما في "نيل الأوطار"(2/373):
والأدلة قد دلت على مشروعية الفتح مطلقاً، فعند نسيان الإمام الآية في القراءة الجهرية يكون الفتح عليه بتذكيره تلك الآية كما في حديث الباب، وعند نسيانه لغيرها من الأركان يكون الفتح بالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء. أهـ
تنبيهات:
1-ينبغي ألا يُفتح على الإمام مادام يُردِّد التلاوة، لأنه ربما تذكر بنفسه فهو أولى.
2-لا يفُتح على الإمام إذا سكت ولم يتردد في القراءة إلا إذا تأخر في سكوته، لأنه يحتمل أن يكون تفكر قليلاً فيما يقرأ.
3-لا يُفتح على الإمـام إذا أخطأ في القراءة ما لم يكن خطأ يغير المعنى، وعليه فلا ينبغي تلقينه إلا إذا كـان خطؤه محيلاً للمعنى، ودليـل ذلك ما أخرجه الإمـام أحمد وأبو داود عن أُبَي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني أُقرئت القرآن على سبعة أحرف ليس منها إلا شافٍ كافٍ، إن قلت غفوراً رحيماً، أو قلت سميعاً عليماً، أو قلت عليماً سميعاً فالله كذلك ما لم تُخْتم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب".
ملاحظة:
لابد أن تتوافر بعض الشروط فيمن يفتح على الإمام وهي:
1-الذكورة: فالمرأة لا يجوز لها أن تفتح على الإمام إذا صلَّت خلف الرجال
2-وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا نابكم أمر فليُسبِّح الرجال، وليُصَفِّح النساء"
ـ وصَفَّح بيديه: أي صَفَّق، وهى هكذا في بعض الروايات:" وليُصَفِّق".
وعند أبي داود:" التَّسبِيح للرجال والتَّصفِيق للنساء"
3-الإخـلاص: أي يبتغي بالفتح على الإمام وجه الله تعالى، مخلصاً له الدين، وأن يحرس نيته من الرياء، ويصونها من السمعة، ولا يكن همه أن يُقال: "هو قارئ" فيحبط عمله.
4-أن يكون قريباً من الإمام، واضح الصوت مسموع:
أما مَن كان بعيداً، ويعلم أن الإمام لا يسمع صوته، فلا.
5-أن يكون شخصاً واحداً: أما ما يحصل من بعض المُتعجِّلين الذين يتسابقون إلى الرد بأصوات عالية مختلطة، فيحصل التشويش من كل جهات المصلين، ولا يستوعب الإمام ما ينطقون، فهذا لا يليق بحرمة الصلاة، ولا بآداب المسجد، فليحرص كل مأموم على أن يتأنَّى، وليودَّ أن غيره كفاه.
6-إذا كان الإمام قارئاً مجيداً متقناً، على دراية بالقراءات، فليس للمأموم أن يصحح له:
إلا إذا علم يقيناً أن الحرف الذي يرى أن الإمام أخطأ فيه، ليس حرفاً متواتراً، أو علم أن الإمام لا يعرف إلا قراءة واحدة من القراءات المتواترة وأخطأ فيها.
7-أن يكون حافظاً جيد الحفظ لما يفتح فيه على الإمام، خبيراً بالمتشابهات اللفظية، متيقناً من خطأ الإمام: وإلا فإن بعضهم ينازع الإمام ويعوقه، ويفسد عليه قراءته الصحيحة، ويكون المأموم هو المخطئ.
8-ألا يُبادر إلى الفتح على الإمام إذا سكت: إلا إذا تأكد أن سكوته بسبب النسيان، فقد يسكت الإمام عند آية رحمة أو آية عذاب، أو أمر بتسبيح، أو استغفار، أو تَعوُّذ... ونحو ذلك، وقد تأخذه سعلة، أو يسكت ليبلع ريقه، أو ليسترد نَفَسَهُ، ففي كل هذه الحالات ينبغي إمهاله وعدم تعنيته.
12 ـ رفع الصوت بالبكاء في الصلاة:
فترى في صلاة التراويح ترتفع أصوات البعض بالنحيب، والنشيج، والتكلف في ذلك لدرجة تصل إلى الصراخ والعويـل، وهذا مخالف لمنهج وهدي النبوة، بل كان هدي النبي صلى الله عليه وسلمفي البكـاء أنه كان يكتمه فيسمع لصدره أزيز، كما جـاء في الحديث الذي أخرجه أبو داود عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصلِّي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل"
وكان بكاء السلف في صلاتهم أو في غيرها لا صياحاً ولا صراخاً، بل ربما يبكي أحدهم وتسيل الدموع ولا يعرف بحاله من هو بجانبه، فكانوا أحرص الناس على الإخلاص وعدم الرياء
جاء في كتاب "صفوة الصفوة" (3/239) عن حسان بن أبي سنان:
أنه كان يحضر مجلس مالك بن دينار، فإذا تكلَّم مالك بكى حسان حتى يبل ما بين يديه، لا يُسمع له صوت.
وذكر ابن الجوزي في "تلبيس إبليس صـ 202" آثار تدل على هذا المعني:
عن عاصم قال: كان أبو وائل إذا صلَّى في بيته نشج ([1]) نشيجاً، ولو جعلت له الدنيا على أن يفعله وأحد يراه ما فعله.
وكان أيوب السَّخْيِتاني: إذا غلبه البكاء قام، وكان إذا وعظ فرقَّ، فَرَقَ (خاف) من الرياء؛ فيمسح وجهه، ويقول: ما أشد الزكام!"(المدهش لابن الجوزي)
وعن محمد بن زياد قال: رأيت أبا أمامة رضي الله عنه أتى على رجل في المسجد، وهو ساجد يبكي في سجوده، ويدعو ربه، فقال أبو أمامه: أنت أنت! لو كان هذا في بيتك؟!
وعن الحسن: أنه وعظ يوماً، فتنفّس رجل في مجلسه، فقال الحسن: إن كان لله تعالي فقد شهرت نفسك، وإن كان لغير الله فقد هلكت.
يقول محمد بن واسع ـ رحمه الله ـ: "أدركتُ رجالاً، كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بلَّ ما تحت خدِّه من دموعه لا تشعر به امرأته، ولقد أدركتُ رجالاً يقوم أحدهم في الصف ، فتسيل دموعه على خدِّه ولا يشعر به الذي إلى جنبه".
وكان ابن الجوزي يقول: وقد لبَّس إبليس على قوم من المتعبدين، وكانوا يبكون والناس حولهم، وهذا قد يقع عليه، فلا يمكن دفعه، فمن قدر على ستره، فأظهره فقد تعرض للرياء.أهـ
والنبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المُرائي:" من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به، ومَن يُرائي، يُرائي الله به"
(البخاري ومسلم)
ومن ألاعيب الشيطان بالناس أنك تجدهم في صلاة التراويح في كسل وخمول، لكن إذا بدأ الإمام في الدعاء تقْشَعِر الجلود وتدْمع العيون، ويدب النشاط، فأين هذا عند سماع القرآن الذي إذا نزل على الجبال الشامخات لتفسَّخت وتصدَّعت؟ أين كلام البشر من كلام رب البشر؟!
بل وصل الشطط بالبعض أن يبكي بمجرد سماع صوت الإمام، ولو لم يَدْرِ ما يقرأ، وهذا أيضاً من ألاعيب الشيطان. وربما يتكلف أحدهم البكاء لدرجة تصل إلى الصريخ والعويل والتشنُّج والسقـوط،
وهذا ليس من صفات المؤمنين الذين وصفهم رب العالمين في كتابه الكريم فقـال:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ
قال القرطبي- رحمه الله- في تفسيره "الجامع لإحكام القرآن (7/365) عند هذه الآية:{ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}: أي تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله وإن كانوا يخافون الله، فهذه حالة العارفين بالله، الخائفين من سطوته وعقوبته، لا كما يفعله جُهّال العوامّ، والمبتدعة الطغام([2]) من الزعيق والزئير، ومن النُّهاق الذي يشبه نُهاق الحمير.
فيُقال لمن تعاطى ذلك، وزعم أن ذلك وجْدٌ وخشوع: لم تبلغ أن تساوي حال الرسول صلى الله عليه وسلم ولا حال أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ في المعرفة بالله، والخوف منه والتعظيم لجلاله، ومع ذلك كان حالهم عند المواعظ الفهم عن الله، والبكاء خوفاً من الله، ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه، فقال:{وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}[المائدة:83]، فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم، ومَن لم يكن كذلك فليس على هديهم، ولا على طريقتهم، فمن كان مُسْتنَّاً فلْيَسْتَن بهم، ومن تَعاطى أحوال المجانين والجنون، فهو من أخسِّهم حالاً، والجنون فنون.
وروى الترمذي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:
"وعظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلمموعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب.." الحديث
ولم يقل: زعقنا، ولا رقصنا، ولا زَفَنَّا ([3]) ولا قمنا. أهـ باختصار.
1. وذكر ابن الجوزي في كتابه "تلبيس إبليس صـ 359" جملة من الآثار تدل على هذا الأصل منها ما جاء عن أبي حازم قال:"مرَّ ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ برجل ساقط ـ من العراق ـ، فقال: ما شأنه؟، فقـالوا: إذا قُرئ عليه القرآن يصيبه هذا، قـال: إنا لنخشى الله سبحانه وما نسقط".
2. وعن حصين بن عبد الرحمن ـ رحمه الله ـ قال:
"قلت لأسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قراءة القرآن؟ قالت: كانوا كما ذكرهم الله، أو كما وصفهم سبحانه: تدمع عيونهم، وتقشعر جلودهم، فقلت لها: إن هاهنا رجالاً إذا قُرئ على أحدهم القرآن غُشِي عليه، فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
3. عن أبي عيسي ـ رحمه الله ـ قال:
ذهبنا إلى عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، فقال أبو السوار: "يا أبا عبد الرحمن إن قوماً عندنا إذا قُرئ عليهم القرآن يركض أحدهم من خشية الله، قال: كذبت، قال: بلى ورب هذه البنيَّة، قال: ويحك إن كنت صادقاً فإن الشيطان ليدخل جوف أحدهم، والله ما هكذا كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم".
4. عن عمر بن عبد العزيزـ رحمه الله ـ قال:"سمعت محمد بن سيرين، وسُئل عمَّن يستمع القرآن فيصعق، فقال: ميعاد ما بيننا وبينهم أن يجلسوا على حائط، فيُقرأ عليهم القرآن من أوله إلى أخره فإن سقطوا فهم كما يقولون".
13 ـ اعتقاد البعض أن صلاة التراويح في جماعة هي من سنة عمر بن الخطابرضي الله عنه وليست من سنة النبي صلى الله عليه وسلم:
فلقد ادعى بعض الناس أنها من سنن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستدللذلك:
"بأن عمر بن الخطاب أمر أُبيّ بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وخرج ذات ليلة والناس يصلون، فقال: نعمت البدعة هذه". (البخاري)
فقالوا: هذا يدل على أنه لم يسبق لها مشروعية. وعلى هذا؛ فتكون من سنن عمر رضي الله عنه لا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وحينئذ لنا أن نعارض فنقول: إنها ليست بسنة؛ لأن سببها وُجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، والقاعدة: أن ما وُجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، فإنه ليس بسنة، لأنه كيف يتركه الرسول صلى الله عليه وسلموالسبب موجود؟ والسبب هنا رمضان؛ وهو موجود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما لم يفعلها لم تكن سنة، وعلى هذا ؛ فإذا صليت الفريضة في رمضان، فاذهب إلى بيتك وصَلَّ، ولا تُصلَّ مع الناس (هكذا يقولون).
والجواب: أن هذا قول ضعيف، غفل قائله عما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بأصحابه ثلاث ليالٍ، وفي الثالثة أو الرابعة تخلَّف ولم يُصلِّ، وقال: "إني خشيتُ أن تٌفرض عليكم" (البخاري ومسلم)، فثبتت التراويح بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم المانع من الاستمرار فيها، وهو خوف أن تفرض، وهذا الخوف قد زال بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما مات صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي فأُمِن من فرضيتها، فلما زالت العلة وهو خوف الفرضية بانقطاع الوحي ثبت زوال المعلول، وحينئذ تعود السنية النبوية لها، ويبقي النظر؛ لماذا لم يفعل هذا أبو بكر؟
والجواب عن ذلك أن يُقال: إن مدة أبي بكر رضي الله عنه كانت سنتين وأشهراً، وكان مشغولاً بتجهيز الجيوش لقتال المرتدِّين وغيرهم، فكان من الناس من يُصلي وحده، ومنهم من يُصلي مع الرجلين، ومنهم من يُصلي مع الثلاثة فلما كان عمر رضي الله عنه خرج ذات ليلة فوجدهم يصلون أوزاعاً، فلم يعجبه هذا التفرق، وأمر تميماً الداري وأُبيّ بن كعب أن يقوما للناس جميعاً، ويُصليا بالناس إحدى عشرة ركعة، وبهذا عرفنا أن فعل عمر ما هو إلا إعادة لأمر كان مشروعاً.
فإن قال قائل: ما تقولون في قول عمر رضي الله عنه:"نعمت البدعة" وهذا يدل على أنها مٌبتدعة؟
فالجواب: أن هذه البدعة نسبية، فهي بدعة باعتبار ما سبقها، لا باعتبار أصل المشروعية؛ لأنها بقيت في آخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر لم تقم، فلما استؤنفت إقامتها، صارت كأنها ابتداء من جديد، ولا يمكن لعمر بن الخطاب أن يُثني على بدعة شرعية أبداً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"كل بدعة ضلالة" (رواه مسلم)، والعجب أن بعض أهل البدع أخذ من قول عمر: "نعمت البدعة" باباً للبدعة، وصار يبتدع ما شاء ويقول: "نعمت البدعة هذه"، ولاشك أن هذا من الأخذ بالمتشابه، حتى لو فُرض أن عمر رضي الله عنه ابتدع ـ وحاشاه من ذلك ـ فإن له سنة متبعة، لقوله صلى الله عليه وسلم:
"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي"
(رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد، وهو في السلسلة الصحيحة:2735)
(الشرح الممتع: 4/56) بتصرف.
14 ـ الإنكار على مَن زاد في التراويح على إحدى عشرة ركعة:
لا ينبغي لنا أن نغلو أو نفرط، فبعض الناس يغلو من حيث التزام السنة في العدد، فيقول: لا يجوز الزيادة على الذي جاءت به السنة، وينكر أشد النكير على من زاد على ذلك، ويقول: إنه آثم عاصي. وهذا لاشك أنه خطأ، وكيف يكون آثماً عاصياً وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل؟ فقال:" مثنى مثنى"(البخاري ومسلم) ولم يحدد بعدد، ومن المعلوم أن الذي سأله عن صلاة الليل لا يعلم العدد؛ لأن من يعلم الكيفية فجهله بالعدد من باب أولى، وهو ليس ممن خدم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نقول: إنه يعلم ما يحدث داخل بيته، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن له كيفية الصلاة دون أن يحدد له بعدد؛ علم أن الأمر في هذا واسع، وأن للإنسان أن يصلى مائة ركعة ويوتر بواحدة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما رأيتموني أصلي"
(البخاري)
فهذا ليس على عمومه حتى عند هؤلاء، ولهذا لا يوجبون على الإنسان أن يوتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع، ولو أخذنا بالعموم لقلنا: يجب أن توتر مرة بخمس، ومرة بسبع، ومرة بتسع سرداً، وإنما المراد: "صلوا كما رأيتموني أصلي" في الكيفية، أما في العدد فلا، إلا ما ثبت النص بتحديده.
وعلى كل؛ ينبغي للإنسان ألا يشدد على الناس في أمر واسع، حتى إنا رأينا من الإخوة الذين يشددون في هذا من يُبدِّعُون الأئمة الذين يزيدون على إحدى عشرة، ويَخْرجُون من المسجد فيفوتهم الأجر الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة"
(أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وهو في صحيح الجامع: 1615).
وقد يجلسون إذا صلوا عشر ركعات فتتقطع الصفوف بجلوسهم، وربما يتحدثون أحياناً فيُشَوِّشُون على المصلين، وكل هذا من الخطأ، ونحن لا نشك بأنهم يريدون الخير، وأنهم مجتهدون، لكن ليس كل مجتهد يكون مصيباً. (الشرح الممتع 4/53)
والجماهير من السلف والخلف على جواز الزيادة على هذا العدد، مع قولهم: بأنه المستحب
ولذا قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ: "ولا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وأن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زاد فيها زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعل النبي صلى الله عليه وسلموما اختاره لنفسه. والله أعلم. أهـ
قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في "التمهيد": "فلا خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيه حد محدود، وأنها نافلة وفعل خير وعمل بر، فمن شاء استقل، ومن شاء استكثر".أهـ
ومما يدل على صحة هذا المذهب ما يأتي:-
1ـ قولهصلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة"
(البخاري ومسلم من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ)
2ـ قولهصلى الله عليه وسلملربيعة بن مالك الأسلمي رضي الله عنه: " أعنِّي على نفسك بكثرة السجود"(مسلم)
3ـ قولهصلى الله عليه وسلم: "إنك لن تسجد لله سجدة، إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك خطيئة"
(رواه مسلم)
4ـأن اختيار النبيصلى الله عليه وسلملنفسه هذا العدد لا يصلح أن يكون مخصصاً للأدلة السابقة، وذلك لأمور:-
أ.لأن فعلهصلى الله عليه وسلملا يخصص قوله، كما هو مقرر في الأصول.
ب.أن النبيصلى الله عليه وسلملم ينه عن الزيادة على إحدى عشرة ركعة، بل حدَّد لنا أحب القيام إلى الله، وهو قيام داود ـ عليه السلام ـ: "ثلث الليل"
ولذا قال شيخ الإسلام (22/272 ـ 273):
"قيام رمضان لم يوقِّت النبي صلى الله عليه وسلمفيه عدداً معيناً، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا في غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات ... ومَن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلملا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ..." أهـ
جـ. أن النبيصلى الله عليه وسلم لم يأمر بهذا العدد من قام الليل، ولو فُرض أنه أمر به ـ وهذا لا يقول به أحد ـ فلا يصلح كذلك أن يخصص عمومات الأدلة المتقدمة، لما تقرر في الأصول من أن العام لا يخصص بأحد أفراده إلا عند التعارض.
5ـ أن مَن أراد موافقة سنة النبيصلى الله عليه وسلم، فإنه يلزمه أن يوافقها عدداً وصفة، كمّاً وكيفاً، وقد قدمنا صفة تطويل النبيصلى الله عليه وسلمفي صلاة الليل وهو يصلي هذا العدد من الركعات، والناظر في الآيات التي جاءت في فضل قيام الليل يجد أن المعوَّل فيها على زمن القيام، فإن كان الشخص الذي يريد موافقة السنة لا يطيق هذا التطويل ـ لاسيما إن كان يصلي بالناس ـ أفنمنعه من زيادة عدد الركعات ليكون أرفق به وبمن وراءه، وأعون له على إحياء ثلث الليل !! وهل يكون مَن صلّى إحدى عشرة ركعة في ساعة أفضل ممن صلّى عشرين أو أكثر أو أقل في أربع ساعات!!
نعم. لا خلاف في أنه لو وافق السنة في العدد والوقت معاً فهو الأفضل، وإلا فحسبما تيسَّر له.
6ـ قد ثبت في "مصنف عبد الرزاق" بسند صحيح: أن عمر بن الخطـابرضي الله عنهجمع النـاس ـ في قيام رمضان ـ على أُبي بن كعب وتميم الداري، على إحدى وعشرين ركعة، وكانوا يقرءون بالمئين وينصرفون عند فروع الفجر" (صحيح فقه السنة: 1/414 ـ 416 بتصرف)
وسُئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:عن رجل صلَّى خلف إمام يزيد على إحدى عشرة ركعة، فهل يوافق الإمام أم ينصرف إذا أتمَّ إحدى عشرة؟
فأجاب فضيلة الشيخ: السنة أن يوافق الإمام؛ لأنه إذا انصرف قبل تمام الإمام لم يحصل له أجر قيام الليل، والرسول صلى الله عليه وسلمقال في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي:
"مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة"، من أجل أن يحثنا على المحافظة على البقاء مع الإمام حتى ينصرف.
فإن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وافقوا إمامهم في أمر زائد عن المشروع في صلاة واحدة، وذلك مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حين أتم الصلاة في مِنَى في الحج، أي صلاها أربع ركعات، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين، وكذلك كان يصليها أبو بكر وعمر وعثمان في أول خلافته حتى مضى ثماني سنوات ثم صلاها عثمان بعد ذلك أربعاً وأنكر الصحابة عليه ذلك، ومع هذا كانوا يتَّبعونه ويصلون معه أربعاً، فإذا كان هذا هدي الصحابة وهو الحرص على متابعة الإمام، فما بال بعض الناس إذا رأي الإمام زائداً عن العدد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد عليه وهو إحدى عشرة ركعة، انصرفوا في أثناء الصلاة، كما نشاهد بعض الناس في المسجد الحرام ينصرفون قبل الإمام بحجة أن المشروع إحدى عشرة ركعة. أهـ
15 ـ اختراع أذكار مبتدعة بين كل ركعتين:
لقد أنتشر بين كثير من المصلين أذكار (ابتدعوها) بين كل ركعتين (منها) قول المؤذنين: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، ورفع الصوت بعد كل ركعتين من التراويح بنحو: "صلاة القيام أثابكم الله"، "والصلاة يرحمكم الله"، والتهليل بعد كل ترويحه، والتَّرضي بعد الأولى عن أبي بكر الصديق، وبعد الثانية عن عمر، وبعد الثالثة عن عثمان، وبعد الرابعة عن عليٍّ رضي الله عنه، أو قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات بعد كل ركعتين،
وكل ذلك ليس له أصل ولم يرد به شرع، بل فيه تشويش في بيوت الله وتخليط على المُتعبِّدين.
قال ابن الحاج ـ رحمه الله ـ: وينبغي له (أي: لإمام المسجد) أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح. ومن رفع أصواتهم بذلك والمشي على صوت واحد؛ فإن ذلك كله من البدع..
وكذا يُنهى عن قول المؤذنين بعد التسليمتين من صلاة التراويح: "الصلاة يرحمكم الله"، فإنه محدث أيضاً، والحدث في الدين ممنوع، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء بعده، ثم الصحابة.، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك، فليسعنا ما وسعهم.(المدخل: 2/145)
16 ـ سرد جميع آيات الدعاء في آخر ركعة من التراويح ليلة الختم، بعد قراءة سورة الناس: وهذا كله من البدع التيلم يأذن بها الله ولا رسولهصلى الله عليه وسلم، بل هي من اختراع الناس.
(انظر "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة صـ 76)
17 ـ الانصراف من المسجد قبل أن يُوتر الإمام:
كثير من الناس إذا صلَّى أحدهم التراويح في المسجد وفي نيته أن يتهجد في آخر الليل فإنه يصلي التراويح كلها خلف الإمام، فإذا أراد الإمام أن يوتر انصرف وترك الإمام... وهذا خطأ؛ لأنه بذلك يحرم نفسه من الخير، الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "ومَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِب له قيام ليلة".(رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وهو في صحيح الجامع: 1615).
والصواب: أن يصلي خلف الإمام حتى يوتر وإن كان في نيته القيام بالليل.
قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ:يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه.
18 ـ التحرج من الجلوس في صلاة التراويح أو عند قيام الليل:
فنقول لأصحاب الأعذار، ولمن يثقُل عليهم القيام: اعلموا أن الجلوس في صلاة التراويح والقيام جائز لعذر أو لغير عذر، لكن إذا صلَّى بغير عذر فأجره نصف أجر القائم، وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن صلَّى قائماً فهو أفضل، ومن صلَّى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلَّى نائماً فله نصف أجر القاعد"
تنبيهان:
1 ـ هذا الحديث خاص بصلاة النافلة، أما صلاة الفرض فينبغي على المُصلي ألا يجلس فيها إلا عند عدم القدرة على القيام.
2 ـ أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا ينقص ثوابه إن صلَّى النافلة من عذر قاعداً
وذلك للحديث الذي أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال:
"حُدِّثتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة، قال: فأتيته فوجدته يصلي جالساً، فوضعت يدي على رأسه، فقال: ما لك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حُدِّثتُ يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعداً على نصف الصلاة، وأنت تصلي قاعداً، قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم".
أما مَن صلَّى جالساً لعذر فله الأجر كاملاً إن شاء الله:
وذلك للحديث الذي أخرجه البخاري أن الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً"
19 ـ الإفراط في قيام الليل والتراويح والنوم عن صلاة الصبح:
وهذا خطأ كبير وحال هذا كالذي يبني قصراً ويهدم مصراً، وقيام الليل أجره عظيم وثوابه كبير، لكن هذا لا يغني عن صلاة الفرض التي سيسأل عنها يوم القيامة، أضف إلى هذا أنها تعدل في الأجر قيام الليل كله.
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"مَن صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليلة، ومن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما صلَّى الليل كله."
وكيف يفرط الإنسان في صلاةٍ، والسُّنَّة القبلية لها خير من الدنيا وما فيها، فكيف بالفرض.
أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبيصلى الله عليه وسلمقال:
"ركعتا الدنيا خير من الدنيا وما فيها"
20 ـ صلاة التراويح والقيام مع الكسل وغلبة النوم:
وهذا خطأ؛ لأن المسلم إذا قام بالليل ليصلي وقد غلبه النوم حتى إنه لا يدري ما يقول، وقد يخطئ في قراءة القرآن، بل قد يقوم ليدعو لنفسه فيدعو على نفسه كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا نعِس أحدكم في الصلاة، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلَّى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه"
ولقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من أصابه فتور أو نعاس أن يرقد حتى يذهب عنه ما يجد، ويقبل على الصلاة حال نشاطه ليتدبر ما يقول ويعي ما يفعل.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال:
"دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا؟ قالوا: لزينب تُصلي، فإذا كسلت ـ أو فترت ـ أمسكت به، فقال: حلُّوه، ليُصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليرقد".
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن على لسانه، فلم يَدْرِ ما يقول؛ فليضطجع"
ـ فاستعجم القرآن: استغلق ولم ينطق به لسانه لغلبة النعاس.
21 ـ هناك من يكثر من عدد الركعات ولا يطيل القيام:
فمن الناس مَن يقوم الليل فيكثر عدد الركعات وتقليل القراءة والقيام، وهذا طيب وهو مأجور إن شاء الله، لكن هذا خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يطيل القيام، وأرشدنا ودلنا على أن هذا هو الأفضل.
فقد أخرج الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت" (أي طول القيام).
وعند أبي داود من حديث عبد الله بن حُبْشيًّ:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الأعمال أفضل؟، قال: طول القيام".
قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح هذا الحديث:
المراد بالقنوت هنا القيام باتفاق العلماء فيما علمت، وفيه دليل للشافعي ومن يقول كقوله، إن تطويل القيام أفضل من كثرة الركوع والسجود" أهـ
وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يطيل القيام.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:
"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه".
وفي حديث حُذيفة رضي الله عنه وهو في صحيح مسلم:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة والنساء وآل عمران في ركعة".
وعند البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
"صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطال، حتى هممت بأمر سوء، فقيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه".
قال الحافظ في "الفتح" (3/19):
وفي الحديث دليل على اختيار النبي صلى الله عليه وسلم تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه قوياً محافظاً على الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما هَمَّ بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده. أهـ
وقال الحـافظ الدمياطي ـ رحمه الله ـ في كتاب "المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح" صـ 51": قال العلماء: إن الأفضل بالنهار كثرة السجود، وبالليل طول القيام، كما جاء في وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، وجمعاً بين الأحاديث والله أعلم".
22 ـ خروج الرجال بسرعة من المسجد بعد صلاة التراويح:
وهذا خطأ بل الواجب عليهم أن يمكثوا قليلاً بعد الانتهاء من الصلاة حتى يتسنَّى للنساء الانصراف قبل الرجال فلا يقع الاختلاط.
فقد أخرج البخاري عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً".
قال ابن شهاب ـ رحمه الله ـ:
فترى والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم، أي الرجال.
عند أبي داود بلفظ:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا سلَّم مكث قليلاً وكانوا يرون أن ذلك كيما ينفذ النساء قبل الرجال".
تنبيه:
وهذا الكلام في شأن المساجد التي تضم مصلى للنساء، وأماكن الخروج متقاربة.
23 ـ صلاة القيام أو التراويح جماعة في ليلة العيد:
لم يثبت الاجتماع لصلاة القيام جماعة إلا في ليال رمضان، وهو ما يُعرف بصلاة التراويح، فإذا ما ظهر هلال شوال تتوقف صلاة التراويح ويُصلِّ كلٌ بمفرده أو مع أهله في بيته.
وقد سُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:
عن حكم صلاة التراويح ليلة العيد؟
فأجاب فضيلته: إذا ثبت الهلال ليلة الثلاثين من رمضان، فإنها لا تقام صلاة التراويح ولا صلاة القيام ([4])؛ وذلك لأن صلاة التراويح والقيام إنما هي في رمضان، فإذا ثبت خروج الشهر فإنها لا تقام فينصرف الناس من مساجدهم إلى بيوتهم.
تنبيه:
من الناس من يتعمَّد قيام ليلة العيد اعتماداً على أحاديث موضوعة منها:
ما أخرجه الطبراني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"
"موضوع"(ضعيف الجامع: 5361)
وأخرج ابن ماجة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَن قام ليلتي العيدين محتسباً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" "ضعيف"(ضعيف الجامع:5742)
وأخرج أبو القاسم الأصبهاني في كتاب "الترغيب والترهيب" بإسناده عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا:ً"مَن أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة: التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، ولية الفطر، وليلة النصف من شعبان""موضوع"(ضعيف الجامع:5451)
وكل هذه الأحاديث لا تصح، فتراه لا يقيم الليل ثم يتعمَّد قيامه في هذه الليلة، أو يكون من مقيمي الليل لكنه يقيم هذه الليلة بهذه النية وهذا كله خطأ؛ لأن الأحاديث التي فيها لا تثبت.
24 ـ ترك القيام بعد رمضان:
فمن الناس من يُقبل في رمضان على التراويح والقيام بهمة ونشاط، ويواظب عليها طوال الأيام في شهر رمضان، لكن تجده يتوقف عن القيام مع ظهور هلال شوال.
فهذا نقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاصـ رضي الله عنهما ـ:
"يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل"(البخاري ومسلم)
فعلى الإنسان أن يحـافظ على صلاة القيـام حتى يتعوَّد على فعل الخير، ويكـون له سجية وطبع، كما قال الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم والحديث عند ابن ماجة:"الخير عادة"
أضف إلى هـذا أن محـافظته ومداومته على القيام وإن قلَّ هو من أحب الأعمال إلى الله تعـالى، كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم: "أحبُّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ"
وانظر إلى عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهى تقول كما عند البخاري ومسلم:
"ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلميزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة".
والشاهد:"في رمضان ولا في غيره"أي أنه يداوم على القيام ـ فصلاة وسلاماً على خير الأنامـ
وللحديث بقية ـ إن شاء الله تعالى ـ مع
"الأخطاء التي يقع فيها الأئمة عند صلاة القيام والتراويح"
وبعد...،
فهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة
نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبلها منَّا بقبول حسن، كما أسأله سبحانه أن ينفع بها مؤلفها وقارئها ومن أعان على إخراجها ونشرها......إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وما كان فيها من صوابٍ فمن الله وحده، وما كان من سهوٍ أو خطأ أو نسيانٍ فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صواباً فادع لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثمّ خطأ فاستغفر لي
وإن وجدت العيب فسد الخللا
جلّ من لا عيب فيه وعلا
فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه نصيب
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم.........
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسلــم الأيــــادي على الإنتقـــاء المميز والقيـــم
وبارك الله فيك على الطرح الرائـع وجزاك الله خيرا
لمـــا تقدمــــه من مجهــــودات طيبـــة .
واصل تميــــزك وتألقـــك ، في إنتظــــار جديـــدك
تحيـــــــاتي.