السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله:
«وَقَوْلُهُ: ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ يَعْنِي: لِصِغَرِهِمْ لَا يَفْهَمُونَ أَحْوَالَ النِّسَاءِ وَعَوْرَاتِهِنَّ مِنْ كَلَامِهِنَّ الرَّخِيمِ، وَتَعَطُّفِهِنَّ فِي الْمِشْيَةِ وَحَرَكَاتِهِنَّ، فَإِذَا كَانَ الطِّفْلُ صَغِيرًا لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ.
فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُرَاهِقًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، بِحَيْثُ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَيَدْرِيهِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّوْهَاءِ وَالْحَسْنَاءِ، فَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ».
[تفسير ابن كثير (٤٩/٦)]
وقد نصَّ الإمامُ أحمدُ على الاحتجابِ ممن بلغَ العشرَ، فقد جاء في «المغني» لابن قدامة (٤٩٦/٩):
«قيل لأبى عبدِ اللَّه: مَتَى تُغَطِّى المرأةُ رَأْسَها من الغُلامِ؟ قال: إذا بَلَغ عَشْرَ سِنِينَ».
وذهب الإمامُ ابنُ باز رحمه ﷲ إلى أن الأحوط أن تحتجب منه إذا قارب البلوغ، فقال:
«قال الله جل وعلا: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [النور:٥٩]، ويقول النبي ﷺ: (إنما جعل الاستئذان من أجل النظر)، فالاحتجاب يكون بعد البلوغ، متى بلغ الصبي خمسة عشر سنة، أو عرف أنه احتلم، أو أنبت الشعر الذي حول.. الشعر الخشن الذي حول الفرج؛ صار بهذا محتلمًا، ووجب عليه الاستئذان، ووجب التحجب عنه.
ولكن ينبغي للمرأة أن تحتاط، فإذا كان مراهقًا قد قارب سن الاحتلام، فلتحتط، ولتحتجب منه، وليس لها الخلوة به؛ بعدًا عن الشبهة، وحذرًا من الفتنة».
وقال أيضا رحمه الله:
«وما دام لم يبلغ خمسة عشر سنة، ولم ينبت الشعرة، ولم يحتلم؛ يعني: لم ينزل المني؛ فإنه طفل لا يحتجب عنه، وإذا كان بلغ ثلاثة عشر سنة وأنت لا تعلمين حاله، فالاحتجاب أحوط؛ لأنه قد يكون أنبت، قد يكون احتلم ابن ثلاثة عشر وابن اثنى عشر حري بأن يحتلم، من عشر فما فوق، إذا بلغ عشرًا فما فوق حري أن يحتلم، فإذا احتجبت عنه من عشر فأكثر من باب الاحتياط حسن، وإلا فلا يجب إلا عن ابن خمسة عشر سنة فأكثر؛ لأنه هو الذي متيقن أنه احتلم أنه بلغ الحلم، أو شخص يقر ويعترف أنه احتلم، أنزل المني، أو يقر أنه أنبت، فهذا يكون قد بلغ يحتجب عنه».
[المصدر: موقع الشيخ رحمه الله]