السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير أيها الإخوة الكرام، تحية طيبة ملؤها التقدير والاحترام لكم جميعًا، وأسأل الله أن تكونوا في أتم الصحة والعافية، وأن يجعل قلوبكم عامرة بالإيمان ورضا الرحمن

إن نعمة الهداية من أعظم النعم التي يمنّ الله بها على عباده، فهي النور الذي يضيء ظلمات الحياة، والبوصلة التي توجه الإنسان نحو الحق، والمفتاح الذي يفتح له أبواب الطمأنينة والسعادة الحقيقية. ليست الهداية مجرد طريق يسلكه المرء، بل هي سرّ وجوده وغايته الكبرى، فهي التي تحفظ القلب من الضياع، والعقل من الشك، والروح من التيه في متاهات الحياة الدنيا. وما من نعمة يرزقها الله للعبد أسمى من أن يهديه إلى الصراط المستقيم، فيعيش في ظلال الإيمان، متذوقًا حلاوة القرب من الله، متحررًا من قيود الشهوات والضلالات، متجهًا نحو غاية عليا لا تقتصر على الدنيا، بل تمتد إلى حياة الخلود في جنات النعيم

الهداية ليست وليدة الصدفة، ولا تأتي للإنسان اعتباطًا، بل هي فضلٌ إلهي لمن أخلص نيته، وتلمّس طريق الحق، وسعى إليه بصدق وإخلاص، فكم من عاقل ضلّ وكم من جاهل اهتدى، وما ذلك إلا لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء. وقد قال تعالى: "يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"، فالإنسان قد يمتلك كل أسباب العلم والذكاء، لكن دون هداية من الله يظل تائهًا لا يدرك سر وجوده، ولا يعرف لحياته معنى، بينما قد يكون آخر بسيطًا في علمه، لكن الله نور قلبه بالإيمان، فصار مبصرًا لطريقه، ثابتًا على الحق، لا تغرّه زخارف الدنيا ولا تستعبده الشهوات

إن الهداية كنزٌ لا يُقَدّر بثمن، فمن أُكرم بها فقد نال نعمة تفوق المال والجاه، بل هي أعظم مما يجمعه أهل الدنيا من متاع زائل، فمن وجدها فقد وجد طريق النجاة، ومن حُرمها فقد خسر أغلى ما يمكن أن يملكه الإنسان. وهذا ما يجعل المؤمن دائمًا خاشعًا بين يدي ربه، متضرعًا أن يثبّته على الهداية، لأن الثبات عليها أصعب من الوصول إليها، فقد قال النبي ﷺ: "إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء"، فكم من أناس ساروا على درب الهداية ثم انحرفوا، وكم من قلوب كانت غافلة فأيقظها الله بلحظة، فالهداية ليست محطة يصل إليها الإنسان فيرتاح، بل هي مسيرة جهاد دائم مع النفس والهوى والشيطان

وإننا إذ نعيش في زمن تتقاذف فيه الفتن، وتتنوع فيه سبل الضلال، ندرك أن الهداية اليوم ليست مجرد فضل إلهي، بل هي حصن يحمي العبد من الانجراف مع التيارات الهدامة، ومصباح يرشده وسط عواصف الشبهات والشهوات، ومن تأمل واقع كثير من الناس، وجد أن أعظم ما يعانون منه هو الضياع، فبعضهم يبحث عن السعادة في المال، وبعضهم في الشهرة، وبعضهم في اللذات، لكنهم في النهاية يظلون في دوامة من القلق، لأنهم افتقدوا ذلك النور الداخلي الذي يمنحهم السلام واليقين. أما من هداه الله، فهو وإن فقد الدنيا بأسرها، فإنه يملك أعظم ما يمكن أن يملكه الإنسان، وهو اليقين بالله، والطمأنينة في قلبه، والرضا بقضائه، والسير على طريق مستقيم لا يتخبط فيه، ولا تحيره المسارات المظلمة

نسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم الهداية الصادقة، والثبات على الحق، والبصيرة في الدين، وأن يجعل قلوبنا عامرة بالإيمان لا تزيغ ولا تنحرف، وأسأل الله أن يجزي إدارة الموقع الكريمة وأخي الفاضل جزيل الشكر والتقدير على جهودهم المباركة، وحرصهم الدائم على نشر الخير والفائدة بين الناس، فلهم منا كل الدعاء والمحبة، وبارك الله في مساعيهم، وجعلها في ميزان حسناتهم، ونفع بهم الأمة الإسلامية

🔹🔸 #نعمة_الهداية | #نور_القلب | #الثبات_على_الحق | #اللهم_اهدنا 🔸🔹