السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة معطرة بذكر الله أزفها إلى إخوتي وأخواتي الكرام، راجيًا لكم دوام الخير والبركة، ومبتهلًا إلى المولى عز وجل أن يجعلكم من عباده الصالحين، الذين يذكرونه قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، ويجعل لكم من أنوار أسمائه الحسنى نصيبًا في الدنيا والآخرة.

إن الحديث عن أسماء الله الحسنى حديث تتجلى فيه عظمة الخالق، حيث تتنوع الأسماء بين صفات الجلال التي تمثل عزته وقوته وكبرياءه، وصفات الجمال التي تنبض برحمته وحلمه وعفوه، لتكون هذه الأسماء هي الجسر الذي يصل العبد بربه، والبصيرة التي تنير طريقه، والمفتاح الذي يفتح له أبواب الرحمة والمغفرة. فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: "إنَّ للهِ تعالى تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنَّةَ"، لم يكن ذلك مجرد وعدٍ بجزاء عظيم، وإنما كان توجيهًا إلى حقيقة كبرى، وهي أن معرفة أسماء الله وإحصاءها ليست مجرد حفظٍ جامدٍ، بل إدراكٌ عميق لمعانيها، وتطبيقٌ عملي لها في الحياة اليومية، وسعيٌ دائم للتحلي بها في القول والعمل.

من يتأمل في هذه الأسماء يجد فيها أصول التوحيد ومعاني العبودية الخالصة، فمن عرف أن الله هو الرزاق اطمأن قلبه ولم تزلزله فتن الدنيا، ومن أدرك أنه الغفور طرق باب التوبة متيقنًا أن الله لا يرده، ومن أيقن أن الله العدل لم يجزع من مظالم الحياة، ومن علم أنه السميع البصير راقب أفعاله، وحرص على أن تكون أقواله وأعماله مقبولة عند ربه. إنها ليست مجرد أسماء، بل هي منهاج حياة، نورٌ في القلب، وسكينة في الروح، وثقة بأن الله أقرب إلينا من حبل الوريد، وأنه وحده المستحق للعبادة والطاعة والتوكل.

وإحصاء الأسماء الحسنى لا يكون بالحفظ المجرد فقط، بل هو فهمٌ لمعانيها، واستشعارٌ لآثارها، وتمثلٌ لها في السلوك والأخلاق، فمن أحصى أسماء الله الحسنى حقًّا، تجلّت عليه أنوارها، فأصبح كريمًا لأنه يعبد "الكريم"، رحيمًا لأنه يرجو رحمة "الرحيم"، عادلاً لأنه يعلم أن الله "العدل"، حليمًا لأنه يستمد صفة الحلم من "الحليم"، فهذه الأسماء تنعكس على من وعاها وعمل بها، فتصبح جوهرًا لحياته ومنهجًا لسلوكه.

وما أعظم أن نعيش مع هذه الأسماء، وأن نرفع أكف الدعاء بها، وأن نجعلها وردًا نتعبد الله به، ففي كل اسم منها بابٌ من الرحمة يُفتح، ونفحةٌ من القرب تتجلى، ونورٌ من الهداية يسطع، ولذا قال الله تعالى: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا"، فمن أراد سعة الرزق دعاه بـ "الرزاق"، ومن أراد الشفاء تضرع إليه بـ "الشافي"، ومن أراد الهداية استغاث بـ "الهادي"، فهذه الأسماء هي مفاتيح القلوب، وأسرار الدعاء المستجاب، وأبواب الفرج لمن استشعر عظمتها وأيقن بقدرة الله الذي تتجلى فيها أسماؤه وصفاته.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل لإدارة هذا الموقع المبارك، التي تتيح لنا هذه المساحات النيرة لتبادل الخير والذكر، ونسأل الله أن يجعل جهودكم في ميزان حسناتكم، كما أتوجه بشكر خاص للأخ الكريم الذي أتحفنا بهذه التذكرة الطيبة، والتي نسأل الله أن يجعلها في صحيفة حسناته، وأن ينفع بها القلوب العطشى لذكر الله ومعرفته. وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن أحصوا أسماءه فوعوها، وعملوا بها فاستناروا، ودعوه بها فأجابهم، ولاقوه بها فكانوا من أهل جنته ورضوانه.

#أسماء_الله_الحسنى | #التوحيد | #ذكر_الله | #رضا_الله