لماذا يخلطون الأنظمة بمبادئ المجتمع؟
د. شروق الفواز
تستغرب أحياناً من الطريقة التي يمكن أن تُقلب فيها الحقائق فيصبح معها الوضع الخاطئ صحيحاً لمجرد أن الناس ألفته. وعندما يصحح يستنكره البعض ويطبطب آخر بحجة أنه شيء ُمستجد وستعتاده الناس مثل غيره من الأمور. وقليلون من يرون فيه تصحيحاً للخطأ!
عندما أشيع بأن وكالة الأحوال المدنية ستسمح للمرأة السعودية بأن تسجل مولودها الجديد وتثبت نسبه مادامت تحمل هوية وطنية وبطاقة عائلة،تكلمت أصوات ورغت أخرى. وهو قرار بالرغم من تأخره إلا أنه أعطى حقاً للمرأة كان مسلوباً نشأت منه مآس وضاعت بسببه حقوق كفلتها الشريعة الإسلامية العادلة للأبناء، لكنها في وقت مضى أهدرت بعد أن كانت قاصرة على الآباء ومستندة إلى ضميرهم وأخلاقهم .
أصوات اعتادت الشك والتشكيك في أي قرار يخص المرأة لُتنشد الموال المعتاد عن الخطط التي تحاك لتسلب المرأة السعودية عفتها وبراءتها، أو تقويها لتدافع عن حقها!
والأغرب من ذلك عندما تسمع أصواتا أخرى أكثر نعومة تندد بالأعباء التي يمكن أن تُلقى على عاتق المرأة بعد أن تسترد حقوقها. وهو موقف قد لا يكون غريباً على من اعتاد الضعف وتعوده.
المضحك المبكي أن ترى نساء من حملة الشهادات العليا وممن سعين لارتقاء المجتمع النسائي وتسيده ، وهن ينددن بهذا القرار او ما شابهه في تعجب ساخر وتخوف، فما بقي للمرأة من حقوق الا أن تتكفل هي بتسجيل أبنائها عوضاً عن الأب وفي خطابة مسرحية تتوعد من يستمع إليها بأن يتكل عليهن الرجال في هذه فيتنصلوا من واجباتهم لتحملها هي!
وهنا المأساة عندما يشب المجتمع الناشيء وهو لا يعي الفرق بين الأنظمة وما يجب أن تحفظه، وبين المبادئ وما تكفله.
الدولة تضع الأنظمة لتضمن للضعيف قبل القوي حقه، أما المبادئ فتنشأ من التربية وتعزيز القيم ليعرف القوي واجبه ويهب بدون سؤال حق الضعيف له.
فإذا كانت بعض النساء السعوديات يخشين من أن ينقلب تكافؤ الحقوق عليها، ويغري الرجال بالاتكال، فإن من واجبها وهي الأم أن تربي الرجال وهم صغار على المعاني الإسلامية المختلفة للمسؤولية والعطاء.
وليس من العدل أن نلقي بخيبات المجتمع أو إشكالياته على الأنظمة مادامت صحيحة أو مصححة، لأنها قد تمنع أخطاء في المستقبل لكنها بالطبع لا تغير ما تربى الرجل او المرأة عليه..
