كيف تكون ضمن قائمة أهم شخصيّات القرن؟
د. فايز بن عبدالله الشهري
تسمع وتقرأ أن كثيرين في عالمنا العربي لم يعودوا ينظرون بجدّية وثقة لكثير من قوائم التميّز التي تنشر عربيا عن نجوم العام وأعظم أو أهم مائة شخصية أو خمسين شخصية أو نحو ذلك من القوائم، والسب الأبرز في تراجع مصداقية هذه القوائم هنا هو غلبة المجاملات، ووجود مجلات ومؤسسات تعمل في المنطقة العربية وحولها وهدفها الرئيس جمع المال وتلميع من يمتلكونه.
أمّا في المؤسسات الأجنبية فقد قالوا لنا في كليات الإعلام الغربي عن عمق تقاليد وضع هذه القوائم ضمن تقاليد مهنية ومعايير واضحة تتبعها أغلب المؤسسات الإعلامية والفكرية بل إن بعضها يخصص فريقا من المتميزين لانتقاء وفرز الأسماء ذات الإضافة للمجتمع الإنساني.
ولكن يبدو أن ألوان السياسة وتداخل المصالح الواضحة جعلا كل هذه المعايير محل اختبار لم تنجح في اجتيازه معظم المؤسسات. على سبيل المثال يفاجئك في بعض هذه القوائم اختيار أسماء وتسجيل مواقف لأشخاص على أنها مبادرات في حين أنها في وطنه وعند أهله قد تعد من أبواب الخيانة وإهانة القيم. وتعجب حين تجد تباينا كبيرا في معايير هذه القوائم بين أسماء مشاهير وناجحين لا ينتظرون تزكية، ومغمورين أو انتهازيين ظهروا على صدارة قوائم التميز دون إنجاز حقيقي. والأعجب من كل هذا حين تهاتفك إحداهن بصوت ناعم أو تصلك رسالة بريدية ممهورة بتوقيع رصين تخبرك باختيارك كأحد أهم الشخصيات الفاعلة في هذا المجال أو ذاك، ثم تطلب منك في حال قبول الترشيح تسديد مبلغ معين للمساهمة في دفع تكاليف طباعة دليل المتميزين، وحفل توزيع الجوائز وحين تشكر المرسل أو المتصل على هذا الشرف ولا تسدد الرسوم فاعلم أنك لم تعد متميزا مختارا فقد أفسدت الخطة ولا تنتظر اسمك في الدليل الذهبي للمتميزين.
وواحدة من هذه الحيل التي يستهدف صنعها النخبة تمارسها مؤسسات أجنبية مغمورة من خلال الإنترنت أو عن طريق بعض وكلائها في عالمنا العربي إذ يقوم الوكلاء والمندوبون باستهداف أصحاب السير الذاتية الغنية والمسؤولين التنفيذيين لوضعهم في قوائم مثل ما بات يعرف بموسوعات "Who is Who" ثم يُلْحِقون بهؤلاء البارزين أسماء من يدفعون لهم مقابل إطفاء شهوة الظهور بين هؤلاء العمالقة.
أما التوظيف السياسي والفكري لجوائز وقوائم التميّز فلم تسلم منه حتى الجوائز العالمية مثل جائزة نوبل وغيرها. ومؤخرا ظهرت العديد من الجوائز التي منحتها منظمات عالمية لأناس لم يخدموا مجتمعاتهم بقدر ما خدموا التوظيف السياسي للمصالح الدولية.
أما في حالة جوائز نوبل فمنتقدوها كثيرا ما يثرون النقاش حول أسماء حاملي جائزتيْ السلام والأدب. ويستشهد منتقدو هذه الجوائز ببعض أسماء الحاصلين على جوائز السلام من غير الغربيين حيث وجدوا في معظمهم ممن يُتهمون بالسير في فلك مصالح الدول الغربية وسياساتها.
ولعبة المصالح والترتيبات المسبقة ظهرت في كواليس جوائز فنية وثقافية مثل مهرجان "كان" العام الفائت، ونشرت عنه "لوموند" الفرنسية ولن نكتب اليوم عن بعض الجوائز العربية حتى لا يفقد شبابنا بقية الأمل.
**مسارات:
قال ومضى: لا تشرح الأصول (والقواعد) وتتجاهل الأفعال مع (ضمير) غائب.