ثقافة أفعال التفضيل
عبد العزيز المحمد الذكير
أقصد بهذا "أطول" "أغنى" أكبر".
فقبل عقود ثلاثة أو أكثر، ظهر في عواصم الطبع والنشر في العالم نزوع جديد، وهو استغلال الرغبة، بل الهوى لدى الإنسان للظهور على الورق المقروء، ودرجة الميل تلك تختلف من إنسان لآخر، لكنها موجودة، والقليل من البشر يرفضها، وإن رفضها فهو ليُنكر وجودها لديه.
في العواصم تلك يجمع مستثمرون، لا يعدمون التمويل، أو جمع الاعتمادات اللازمة لإصدار مجلة أسبوعية عمودها الفقري هو ذكر الشخصيات وتاريخهم وما تفوّقوا به على غيرهم . ثم تأتي إلى أفعال التفضيل عالميا.
الآن بدأت تُدغدغ شعور طالبي الشهرة لهم أو لمؤسساتهم . ثم تفحص التأثير لتأتي على الشخصيات، مالكي المؤسسات الكبيرة ممن تستهويهم الشهرة ويعرضون عليهم تصنيفهم من المشهورين في طبعات قادمة، ويطلبون السيرة الشخصية لقاء سعر يُحدد.
ولا تواجه المطبوعة عقبات أو عوائق من بلد الإصدار، فالقضية بالتراضي، ولا يوجد في قوانين النشر ما يمنع ذلك.
أكبر يخت في العالم (لاحظ فعل التفضيل)، وصاحبه مادة صحفية ثرية. ربما لا يهتم بها العدد الكبير من القراء، لكن يكفي أن يهتم بها صاحب اليخت. ومثلها أطول مضمار مشي في نادي كذا، وأنظف شاطئ خصوصي..
وتطول القائمة، منتهية بقائمة أثرياء العالم وأثرياء الشرق الأوسط.
آتي إلى نوع آخر من أنواع النشر. فقد سيطر لستين عاماً خلت مجلد كبير الحجم اسمه
(Who's Who ) وهو بريطاني قديم، واعتبره القراء حقيقيا وصادقا وخاليا من الرياء والتكلف. واسمه هذا (من هو) أو (من يكون) لكن القراء العرب قالوا عنه (دليل الشخصيات)، وهو يأخذ شخصيات لا تختار نفسها بل يختارها هو من خلال منهج علمي لا يهدف إلى الربح.
وهو يضع ما يود الباحث معرفته عن الشخصية، بدءاً من التعليم وانتهاء باسم النادي الذي ينتمي إليه. وقد تطور إليكترونياً الآن.
وحذت حذوه دور نشر تجارية فجاءت ب..
(شخصيات خليجية) who's who in the Gulf لكنهم لا يضعون اسمك إلا إذا دفعت ثمن مائة نسخة كحد أدنى..! وإذا استلموا وضعوا اسمك وأرسلوا لك النسخ، بغض النظر عن من أنت.
بحثوا عن ما يُشبع الرغبة فوجدوها. وإن اقتنعت أنك تستحق لقب " أطول "، أو" أشجع "، فستحصل عليه