إضاءة .. هل تعالج المسلسلات الدرامية القضايا الاجتماعية؟
بقلم : ريم يوسف الحرمي ..من الملاحظ أن المسلسلات الدرامية لا تظهر بشكل جليّ ومكثف إلا في شهر رمضان وكأن هنالك علاقة توقيت بين رمضان والمسلسلات التي تجذب ويتابعها بشغف البعض من المشاهدين.
ففي كل عام تعرض شاشاتنا الفضية من المسلسلات ما لذ وطاب وأيضاً فهي تعرض ما لم يلذ وما لم يطب وللمشاهد الحرية في (استساغة) ما يراه مستساغاً حسب وجهة نظره وذوقه.
وددت أن اتحدث هذه المرة عما يؤرق من المسلسلات الخليجية ، فعندما تتطرق المسلسلات تلك للواقع الخليجي وبما يعصف به من مشاكل وما يؤرقه من قضايا تشغله وتعنيه، قد لا تنقل تلك المسلسلات صورة صحيحة 100 % ونظراً لإدخال عامل التشويق والإثارة فقد نري مبالغة كبيرة في طرح القضايا ورسم الشخصيات والأدوار في المسلسل أيضاً عوضاً عن ذلك هنالك سمة بارزة لبعض الكتاب الخليجيين وهي تحجيم الواقعي السلبي (المصغر) ليبدو أكبر مما هو عليه فعلياً وما نراه في مجتمعنا من حالات (فردية) نراه في المسلسلات (ظاهرة اجتماعية) ، وهذا يرجع للأسف للنظرة السوداوية لبعض المنتجين والكتاب الذين يرون من خلالها المجتمع والتي تتضح في أعمالهم الدرامية- التراجيدية.
ومن هذا المنطلق أفضي البعض أن الدراما الخليجية تشوه بشكل كبير المجتمع الخليجي، الذي يعتبر أشد تمسكاً بالدين والعُرف والعادات والتقاليد أكثر من غيره من المجتمعات الأخري، ولكن المسلسلات تظهره بمظهر مختلف تماما ً كذلك فتلك المسلسلات وإن لامست جزءاً من الواقع وتطرقت لشريحة معينة من المجتمع لإبراز سلوكياتهم والوقف عليها ومعالجتها، فمن الصعب جداً أن يتم إيجاد حلول فعلية قابلة للتطبيق خلال 30 حلقة لا تتجاوز الحلقة عن 40 دقيقة، ولا أبالغ إذا قلت إن هنالك مسلسلات أقرب (للخيال العلمي) من (الواقع الفعلي) نظراً لتوسع خيال الكاتب بشكل مبالغ فيه.
نقطة أخري، عندما يضع الكاتب حلولاً للمشاكل التي يناقشها في عمله الدرامي ، فليس بالضرورة أن تكون تلك الحلول صائبة، وإنما هي مجرد وجهة نظر الكاتب، قد تخطيء وقد تصيب ، فهي تعتمد علي الزاوية التي يري منها الكاتب مشاكل المجتمع، والقضايا الاجتماعية التي يعايشها، وأيضاً بيئة الكاتب نفسه، فالكاتب أو الممثلون لا يستطيعون مهما برع أداؤهم أن يقوموا بدور مصلحين اجتماعيين أو واعظين دينيين ، فهنالك مؤسسات أولاً ذاتية، ثانياً اجتماعية، ابتداءً من الأسرة والمدرسة والمسجد وغيرها من المؤسسات التي وجدت للإصلاح والتقويم.
الخشية أصبحت الآن من الكتاب الذين هدفهم مادي، أكثر من محاولتهم من توعية أو إصلاح المجتمع أو تنبيهه بالسلوكيات المرفوضة. وبالطبع أولاً اخيراً فذلك يرجع الي الكاتب ومدي التزامه بمبادئه واحترافيته ، فهل يبحث الكاتب عن الشهرة وبريقها علي حساب تشويه مجتمعه؟
وإبراز السلبيات علي الإيجابيات ؟ هل كانت معالجته للقضايا موضوعية بعيدة عن الابتذال؟ هذه بعض من الأسئلة التي ينبغي من الكاتب أن يضعها في عين الاعتبار فهو ينقل صورة مجتمعه إلي شاشات التلفاز وإلي مجتمعات أخري لتشاهده، فقد يرسم صورة إيجابية في صفوف المشاهدين وقد يترك انطباعاً سلبياً في أذهانهم، أي يختلف الانطباع باختلاف توجه الكاتب وعرضه للدراما.
الفن الدرامي الراقي ذو الهدف السامي، الذي يحترم المجتمع ويحترم عقلية المشاهد لا نمانعه ، فتلك المسلسلات التي تنقل الواقع كما هو وتطرح حلولاً سليمة أمر طيب، فبالطبع يريد المشاهد أن يري قضاياه تعرض وأن عرضت فتكون أصداؤها مسموعة ومشاهدة من قبل المعنيين، فالمسلسل قد يعتبر أداة ضغط إعلامي أو لوبي للسعي إلي التغيير الأفضل للفرد والمجتمع.
أما تلك المسلسلات التي تشوه المجتمع وأفراده وتبالغ في التراجيديا وتحاول إصلاح الخطأ بخطأ آخر فهذه لا تستحق المتابعة، وكان الأفضل للمشاهد وللتلفاز (حتي لا يرتفع ضغط أحدهما أو كليهما) الانصراف عن المتابعة وتغيير محطة التلفاز، إلي أن يرتقي أصحابها بأعمال ترقي لعقول المشاهدين.