إضاءة .. الأنفلونزا الإعلامية
بقلم : ريم الحرمى
بقلم : ريـــم يــوســـف الــحـرمــي ..بلا شك لا نستطيع ان نغفل اهمية الاعلام ودوره في المجتمعات علي الصعيدين المحلي أو العالمي .
الاعلام هو سلاح ذو حدين اينما وجهنا وكيفما تعاملنا معه ، وهنالك الإعلام النزيه والإعلام الذي تشوبه الشوائب وما بين البينين الذي يترجح من هذا وذاك.
مؤخراً وخلال الشهور المنصرمة قامت الدنيا ولم تقعد بسبب انفلونزا الخنازير الذي صنفته منظمة الصحة العالمية ورفعت درجته الي درجة وباء، نظراً لانتشاره من المكسيك والذي اكتشفت فيه اولي الحالات حتي ما لبث ان انتشر في جميع ارجاء المعمورة ومختلف القارات.
فأصبحت وسائل الاعلام والمؤسسات الاعلامية سواء من تلفاز او صحف او انترنت تتناقل هذا المرض وتتعامل معه علي انه طاعون العصر ! فأصبح الاعلام باختلاف توجهه واختلاف تياراته يحذر الناس ليلاً ونهاراً من هذا المرض فأصيب الناس بحالة من الهلع والخوف الذي شل الحياة اليومية في بعض الدول فأغلقت المؤسسات والمدارس والجامعات وامتنع بعض الناس عن السفر وحرّم بعض المشايخ السلام بالقبلات ، فأصبح الناس في حالة من الخوف والرعب.
الا ان مؤخراً هدأت وطأة المرض هذا وعادت الحياة الي طبيعتها وعادت الامور كما هي ، بعد حالة الترقب والخوف التي استمرت في الاشهر المنصرمة ، فأفضي البعض ان لم تكن تلك سوي مؤامرة شنتها الولايات المتحدة ، وما اثار دهشتي ان البعض فرح بأن المرض انتشر في الولايات المتحدة نظراً لمواقف امريكا السياسية!
وينبغي القول ان اولي الحالات مصدرها المكسيك ، وهنالك من اعتقد ان البروبوغاندا والضجة الاعلامية تلك لم تكن الا لصالح شركة الادوية السويسرية التي كانت عازمة علي تطوير لقاح لانفلونزا الخنازير علي ان يطلق هذه السنة.
فاختلفت التفسيرات والتحليلات والبعض رأي ان الرابح الاكبر هي بالفعل شركات العقاقير والادوية فكل سنة وفي كل موسم تقريباً نسمع بمرض جديد يرعب الناس في بدايته وما يلبث الا ان يتلاشي شيئاً فشيئا ويتلاشي معه الخوف الذي يصاحبه.
واذا تمعنا وقرأنا عن انفلونزا الخنازير فنجد انه مثله مثل الانفلونزا الموسمية ، وبالطبع عندما نصاب بالانفلونزا الموسمية ينبغي ان نتفادي السلام والاقتراب من الاشخاص الاصحاء خوف العدوي.
بالرجوع الي الاعلام نري ان الاعلام صب توجهه نحو حالات المصابين واعدادهم ، ولم يكن منصفاً في ابراز الصورة كاملة اي لم ينصف الكثيرين ممن تشافوا فجميع المصابين الذين تم اكتشاف حالات الانفلونزا لديهم في مراحلها الاولي تلقوا العلاج وتم شفاؤهم وكأن شيئا لم يكن!
فالاعلام لم يظهر المرض بصورته الصحيحة وانما خلق وهيأ جوا من الهلع بين الناس ، انا بنفسي اندهشت عندما وصلت للمطارات سواء في اوروبا او الولايات المتحدة من عدم لبس الكثير الاقنعة وازدحام المطارات في هذه الفترة الاعتيادية من السنة وكأنه ليس للمرض وجود ، علي عكس ما نري ونسمع في مختلف وسائل الاعلام.
والمشكلة هنا من وجهة نظري وباعتقادي تكمن في الانفلونزا التي اصيبت بها وكالات الانباء والاعلام ، فأصيبت بالعدوي واحدة تلو الاخري ، فأغفلت جزءا كبيرا كان من الاولي التركيز عليه وهي شرح مفصل عن الانفلونزا وطرق اخذ الحيطة التي ينبغي اتباعها ، كذلك التأكيد علي ان هذا المرض ليس بالخطورة التي نسمع عنها في وسائل الاعلام ، حتي منظمة الصحة العالمية علي موقعها علي الانترنت ، قالت ان هذا المرض ينتشر من شخص الي اخر مثل الانفلونزا العادية او الانفلونزا الموسمية .
البعض للأسف يصدق التهويل والتضخيم الاعلامي الذي يكون في معظم الاحيان مجرد فقاعة صابون ، ليس فقط في هذا الشأن وانما في امور وقضايا اخري ، وما تلبث وسائل الاعلام حتي تنشر العدوي من وسيلة اعلام الي اخري ومن وكالة انباء الي وكالة انباء غيرها وهكذا ، فتصاب وسائل الاعلام نفسها بالانفلونزا وما تلبث ان تتعافي فتصاب مرة اخري بعد ظهور قضية جديدة ، لذلك لا ينبغي الوثوق دوما ًبوسائل الاعلام وهذا بالفعل ما يفعله الكثيرون ، عدم اخذ الفرقعات الاعلامية كمُسلمَات.