| إضاءة .. ماذا يشاهد المشاهد العربي ؟ بقلم : ريم يوسف الحرمي ..لاشك أن القنوات الفضائية باتت مصدراً مهماً للمشاهد لتلقي واستقاء الاخبار والمعلومات، وكذلك بات التلفزيون أداة للترفيه والتسلية التي يرجوها المشاهد منه؟
فالفضائيات الكبيرة والمهمة والمُؤثرة أثبتت جدارتها في تغطية أحداث العالم والحروب في الدول والاقاليم المختلفة وأصبحت مرآة تعكس العالم الآخر للمشاهد في النصف الآخر من العالم ، هذا وقد أكدت إحدى الدراسات الاعلامية ان 73% من مصادر الأخبار لدى المشاهد العربي يستقيها من الفضائيات، إذاً يتبين لنا أن الفضائيات تفوقت على الوسائل التقليدية في الأخبار مثل الصحف والاذاعة أو تلك الجديدة مثل الانترنت ويرجع ذلك الى عدة أسباب منها المستوى التعليمي للفرد والمستوى الاقتصادي وتوافر أجهزة التلفاز ورخصها وسهولة الحصول عليها وتوافر مميزات مرئية لا تتواجد في الإذاعه أو الصحف الورقية.
كذلك شاهدنا كيف أن بعض القنوات بسبب صراحتها التي يمقتها البعض أو بسبب زيفها وتحيزها كما يدعي البعض الآخر قد تسبب مشاكل سياسية وتوتر علاقات بين دولة وأخرى أو بين الأحزاب والتكتلات السياسية وهذا مما يؤكد على قوة البث الإعلامي العربي الذي واكب عصر العولمة منذ ظهور قناة الجزيرة الإخبارية الفضائية والتي تبعتها لاحقاً العربية والمنار اللبنانية، فكل قناة من تلك القنوات بات لها وزن ومكانة وثُقل إعلامي وأيضاً فهي أصبحت منافسة للعديد من القنوات وكبريات وسائل الإعلام الغربية والأمريكية مثل الـ"سي ان ان" والـ"بي بي سي" أو "فوكس نيوز الاخبارية" فأصبحت تلك القنوات تحارب القنوات العربية تارة ولكنهم التفتوا إليها تارة أخرى في كثير من الأحيان مثلما حدث إبان الحرب على العراق أو بث أشرطة بن لادن أو غيرها من التغطيات الشرق أوسطية في المنطقة العربية.
اليوم بات عدد القنوات العربية الفضائية يزيد على 700 قناة فضائية منها 23.4 % تندرج تحت الموسيقى والمنوعات، و8 % فقط دينية و7 % فقط إخبارية وهذا وفقاً لاحصائية أعدها أحد أساتذة الإعلام في الجامعة الأمريكية في بيروت ، وهاهي الأرقام تتحدث عن نفسها فهنالك فرق شاسع في تلك الأرقام فإن قارنا عدد القنوات الدينية والإعلامية بتلك الترفيهية والموسيقية نرى أن قنوات الموسيقى والمنوعات بلغت أكثر من الثلاثة أضعاف مقارنة بنظيرتيها الدينية والاخبارية، ناهيك عن نقص حاد أو انعدام في قنوات أخرى مثل البيئية والتعليمية والثقافية التي تبث ندوات ومواد مهمة أخرى، فكثير من الدول الامريكية والأوروبية لديها قنوات تبث على سبيل المثال جلسات أعضاء الكونغرس أو البرلمان ليكون الناخب أو المواطن على اطلاع بما يجري وبما يهمه ويهم دولته أو دائرته التي يعيش فيها، كذلك فهنالك قنوات تعليمية على مستوى عال من الكفاءة والخبرة لتدريس الطلاب وهم في بيوتهم بدءا من مرحلة التمهيدي وحتى طلاب الدراسات العليا ناهيك عن القنوات التخصصية الاخرى المتخصصة في الهوايات والانشطة وغيرها من الأمور والقضايا المهمة.
وهكذا فكما يبدو ان القنوات العربية تنتشر كانتشار الفطر وللأسف فتلك القنوات تمتليء بالغث والسمين وضحك واستهزاء بعقول المشاهدين بدءا من المذيعين الذين لا يملكون المهارات الكافية ولا يمتون للإعلام بصلة ومروراً بمواد ومحتوى وفحوى تلك القنوات التي أقل ما يقال عنها أنها تفاهات، كذلك فقد ظهرت (موضة) جديدة بين القنوات الفضائية ومموليها سواء من أفراد أو حكومات، تلك الموضة التي تتلخص في أن كل من لا يعجبه سياسة دولة أو شخص معين أو حزب معين تبث له قناة موجهة فقط لمهاجمة وسب دولة أو شخصية ما، فباتت القنوات مجرد متنفس لتصفية الحسابات وأصبحت استديوهاتها كغرف للصراخ وضاع المشاهد وضاع وقته بينها!
في الواقع كنت أتمنى ان تكون القنوات العربية الـ 700 لها تأثير على الرأي العام الدولي لتحقيق كل السُبل والامكانيات لإبراز القضايا العربية الشرق أوسطية أو لتحسين الصور النمطية المغلوطة عن العرب والمسلمين لتشكل "لوبي" أقوى من تلك اللوبيات الاخبارية الأمريكية والأوروبية ولكن حال القنوات العربية ومالكيها أو مموليها لا يبشر بالخير ان استمر الحال على ماهو الحال عليه من إسفاف واستخفاف إعلامي، فقد أكد استطلاع قام به مركز الدراسات العربي الأوروبي في استبيان له عن ما إذا تمكنت الفضائيات العربية من التأثير على الرأي العام الدولي من أجل خدمة القضايا العربية وكانت نتيجة الاستبيان بأن 41.3 % أجابوا أن الفضائيات العربية ليس لها أي دور مؤثر على الرأي العام الدولي لإبراز القضايا العربية بسبب غياب الإرادة المطلوبة وكذلك نقص الكفاءات الإعلامية ناهيك عن المعضلة الكبرى في العالم العربي وهي انعدام الشفافية وبالتالي زيادة الفساد وغياب مفهوم الحرية والديموقراطية.
إلى متى سوف يستمر حال الإعلام العربي بسقوطه نحو هاوية الإسفاف؟، فحالة الاعلام الآن سيئة جداً وهي تسوء من سيئ إلى أسوأ، وهاهي مرة أخرى يفشل العرب فيما نجح فيه الآخرون.
|
0📊0👍0👏0👌 |