الصحافة بين المواطن والمسؤول
محمد الطميحي
لفترات طويلة كان النقد السلبي أمراً محرماً في صحافتنا المحلية، ومن النادر أن نجد مقالا أو خبرا ينتقد عمل وزارة أو جهة حكومية بعينها، فما بالك بانتقاد المسؤول عن تلك الجهة.
هذا الأمر أصبح من الماضي فلا تخلو صحيفة اليوم من نقد مباشر وحتى لاذع لأي خطأ مهما كانت الجهة أو المسؤول.
قد يكون ذلك مبنياً على مساحة الحرية المتاحة حاليا، وقد يكون مرتبطا بالشعور العام لدى بعض المواطنين بعدم الرضا عمّا يقدم لهم من خدمات، ولكن الأكيد بأن هناك حلقة وصل مفقودة بين المواطن والمسؤول.
فعندما يتعرض هذا المواطن لظلم ما، او تجاوز في حقه لايجد من يسمع له أو يتجاوب معه سوى الإعلام الذي أصبح أكثر تفاعلًا مع قضايا المجتمع.
هناك من يعتب علينا كصحفيين وكتاب إذا قمنا بنشر موضوع عن خطأ طبي، أو تجاوز في حق مواطن، دون الرجوع إلى الجهة أو المسؤول لحل تلك الأخطاء ودياً، ولكن المسألة ليست شخصية حتى يتم حلها بالتراضي، بل إن نشر أي قضية في أي منطقة من بلادنا الغالية سيساهم في حل عشرات القضايا المماثلة في مناطق أخرى.
ولكن لماذا ينتظر هذا الوزير أو المسؤول طرح القضية إعلاميا ليقوم بالتدخل في الوقت الضائع وبعد فوات الأوان ؟
لماذا لم يبادر أولا من واقع واجبه الذي أقسم اليمين على أن يكون مخلصا فيه ؟ فالإعلام وحده ليس قادرا على القيام بدور الوسيط فهناك مئات الشكاوى التي لم تجد لها من يتحدث عنها أو يسعى لحلها.
الأخطاء تحدث وهذه سنة الحياة، ولكن تكرارها دليل على أن هناك عجزا في ايجاد آلية رقابية ومحاسبية لمنع أي تقصير مستقبلا.
عندما تقوم بزيارة أي جهة حكومية ستجد صندوقا مكتوبا عليه صندوق الاقتراحات والشكاوى ولكن الجهة ذاتها هي من تقوم بفرز ما بذلك الصندوق وبالتالي فإن معظم ما فيه من تظلمات لن يجد طريقه إلى المسؤول.
في الأخير.. لماذا لايتم تخصيص لجان تطوير ومراقبة في كل جهة حكومية لها استقلاليتها الإدارية ويخصص لها أرقام للتواصل مع المواطنين، وأن تكون كل شكوى مسجلة ولها رقم معين حتى يعرف صاحبها إلى أين وصلت، وكيف تم التعامل معها حتى وإن كان مصيرها سلة المهملات؟!