من فضائل الذكر وفوائده
قال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبُّ إليَّ ممَّا طلعت عليه الشمس)) [1].
وقد ذكر ابن القيم مائة فائدة للذكر، ومنها:
1- أنه براءة من النفاق.
2- الذكر يعطي الذاكر قوة حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لا يطيق فعله بدونه.
ويقول ابن القيم: "قد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في مشيته وكلامه وإقدامه وكتابته أمرًا عجيبًا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جُمُعةٍ أو أكثر - يقصد أسبوعًا - وقد شاهد العسكر من قوَّته في الحرب أمرًا عظيمًا".
وقد علَّم النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة وعليًّا رضي الله عنهما أن يُسبِّحا كل ليلة إذا أخذ مضاجعهما (ثلاثًا وثلاثين) ويُحمِّدا (ثلاثًا وثلاثين) ويُكبِّرا (ثلاثًا وثلاثين) لَمَّا سألته الخادم، وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن والسعي والخدمة، فعلَّمَها ذلك، وقال: ((إنه خيرٌ لكما من خادم)) [2].
3- أن للذكر من بين الأعمال لذَّةً لا يُشبهها شيء، فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر، والنعيم الذي يحصل لقلبه لكفى به؛ ولهذا سُمِّيت مجالس الذكر "رياض الجنة".
قال مالك بن دينار: "ما تلذَّذَ المتلذِّذُون بمثل ذكر الله عز وجل".
4- أنه يورثه ذكر الله تعالى له؛ كما قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]، ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلًا وشـرفًا.
5- أن دوام الذكر في الطريق والبيت والحضـر والسفر والبقاع تكثير الشهود للعبد يوم القيامة، فإن البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة وما يدل على ذلك سورة الزلزلة[3]؛ ا.هـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟!".
قال ابن عون: "ذكر الناس داء، وذكر الله دواء".
وكان يحيى بن معاذ يقول: "حادثوا القلوب بذكر الله تعالى، فإنها سريعة الغفلة"، فاللسان لا بدَّ له أن يتكلم إما بخيرٍ أو بشـرٍّ أو بأمرٍ مباح، فانظر لنفسك ألا تتكلَّم إلا بما يرضي ربَّك عز وجل وتجده في صحيفتك يوم القيامة، ومن أعظم العقوبات الغفلة عن الذكر؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].
وكلما قويت المعرفة، صار الذكر يجري على لسان الذاكر من غير كلفة، وأفضل أنواع الذكر: قراءة القرآن بالتدبُّر والتفهُّم، فقد قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبنا، لما شبعت من كلام الله".
فلو خصَّصنا مقدارًا يسيرًا لقراءة القرآن كل يوم لنفعنا، وزاد إيماننا وعشنا مع كلام الرحيم الرحمن، وذهبت عنا وساوس الشيطان وعشنا بسلام؛ قال تعالى: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106].
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي: "عند قوله تعالى: ﴿ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾؛ أي: على مهل ليتدبروه ويتفكَّروا في معانيه، ويستخرجوا علومه".
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/132387/%D9%85%D9%86-%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%B1-%D9%88%D9%81%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D9%87/#ixzz90AQqe9vf