ما بين السطور..فتش عن المرأة

بقلم : حصة العوضي

هي السبب.. نعم هي السبب.. سواء الآن.. أو منذ قرن من الزمان .. أو منذ عشرين قرنًا.. ستظل هي السبب..

فما إن تقع مشكلة في مكان ما.. ما إن يعاقب المدرس الطفل .. أو يفشل التلميذ في مدرسته.. أو يمرض الزوج.. أو يهاجر خارج البلاد.. أو يتزوج بثانية وثالثة ورابعة.. إلا وكانت هي السبب.

إنها هي المرأة.. التي لم يبقَ شاعر على الأرض لم يحاول الوصول إلى قلبها.. أليست هي محطمة القلوب والأوتار والقلاع العتيدة ..؟؟ أليست هي التي دخلت كل التواريخ البشرية من كل البوابات المرصودة والمحروسة بالجان والوطاويط وتمائم المشعوذين ..؟؟

ما إن تقع مشكلة في البيت.. أو يكسر الطفل كأسًا صغيرة .. أو تهرب الخادمة من مخدومتها.. إلا وكانت هي السبب ..

حتى إن رأيناها محمولة على نقالة سيارة الإسعاف والدم ينزف من وجهها وأصابعها كالأنهار بفعل ضرب الزوج المبرح لها .. إلا أننا نقول ونؤكد أنها هي السبب وإلا لما ضربها زوجها .. أليس كذلك ..؟؟

حتى وهي تخرج من بيتها في نصف الليل مطرودة من قبل الزوج الذي لعب الشراب به والشيطان.. أيضًا نلقي اللوم والسبب عليها .. فلو لم تكن هي موجودة لما لجأ زوجها إلى الشراب .. ولما اضطر إلى السهر خارج البيت حتى منتصف الليل.. ولما احتاج في النهاية إلى طردها ذليلة منكسرة إلى الشوارع القاسية.

حتى وهي تستلم ورقة طلاقها المجحفة بحقها من زوجها الذي أصدر قراره غيابيًا.. دون علم مسبق .. فهي أيضًا تكون السبب .. هي وراء طلاقها.. وهي وراء زواجها .. وهي وراء فشل أبنائها وضياعهم.. وهي وراء انتحار الخادمة المريضة نفسيًا.. وهي وراء أزمة الاقتصاد العالمية .. وراء خسارة البورصة وخسارة ملايين الرجال.. ووراء انخفاض أسعار العملة وانخفاض سعر برميل النفط .. ووراء أزمة الشرق الأوسط وأزمة أفغانستان والحرب في دارفور وكل بقاع السودان .. وارتفاع أسعار السكن والشقق .. وارتفاع أسعار البضائع في جمعيات الميرة التي يفترض أنها تعاونية وفي خدمة الجمهور العادي .. ووراء كل حوادث المرور في كل دول العالم .. ووراء أزمة البطالة .. والجفاف الذي يصيب الكثير من مناطق قارة إفريقيا .. والفيضانات التي كانت السبب في هلاك السكان الوادعين في اليمن والجزائر والمغرب.. وفي ارتفاع أسعار العبايات المحلية .. وارتفاع الإيجارات.. والتضخم.. وارتفاع عدد المصابين بالأمراض المزمنة .. وطبقة الأوزون وغيرها.

أليست هي التي تسببت في الحروب الأولى منذ بدء الخليقة .. ؟؟ ألم يقتل قابيل أخاه من أجلها .. من أجل امرأة ..؟؟ ألم تقم الحروب بعد ذلك من أجل عيون امرأة ..؟؟ حرب طروادة وحصان طروادة.. كان من أجل امرأة .. وسقراط الفيلسوف الأكبر في الدولة القديمة لم يصبح فيلسوفًا إلا بسبب امرأة.

وشمشون الجبار لم يفقد قوته وطاقته الجبارة إلا بسبب امرأة.. والحلوى اللذيذة التي صنعتها أم علي وأسمتها باسمها لم تصنعها وتبدع فيها إلا من أجل النصر .. بعد الثأر لزوجها الذي قتلته امرأة حكمت الرجال يومًا ما .. وكان اسمها شجرة الدر.

ولأنها كانت السبب وراء كل شيء في هذا الكون من أعاصير وحروب ونكبات وغيرها.. تدبر العرب أمرها قديما منذ أن تولد .. فكانوا يتقون شرها بدفنها حية تبكي .. دون أن تلين قلوبهم أو تدمع عيونهم للوليدة الموؤودة دون ذنب .. وكان الشعب الهندي لا يغفر لها موت زوجها .. فكان يعاقبها لأنها تركت زوجها يموت وحده دون أن تشاركه موته .. فأصبحوا يحرقونها مع الجثة الميتة حية دون تخدير أو أي تنويم مغناطيسي .. وأمام عيون الناس جميعًا.. حتى تخاف النساء الأخريات.. فيمتن حسرة وكمدًا على شبابهن المهدور بين النيران الملتهبة.

لا تتعب نفسك في البحث عن الأسباب والعلل في كل مصيبة أو أزمة أو مشكلة عالمية أو محلية أو خاصة .. فكل المصائب والنكسات إنما وراءها امرأة .. ولا أدري حتى متى ستظل هذه المرأة تحمل كل ويلات الكون.. وكل مآسيه .. وكل مصائبه .. فقط .. كما يقول البعض .. لتكفر عن خطيئة أمها حواء التي لم ترتكبها في الأصل أبدًا .. ولتكون حجة قوية للرجال حين تتأزم الأمور من حولهم ليقولوا / إنها المرأة .......... ( مسكينة ..)