إحساس القلوب | | عضوة | المشاركات: 206 نقاط التميز: 518 |  | معدل المشاركات يوميا: 0 | الأيام منذ الإنضمام: 5067 | | أضواء .. الدجل الفضائي المتلفز بقلم : شيخة المرزوقي بقلم : شيخة المرزوقي ..عندما يصبح الدجل والدجّالون الملاذ المفضّل لكثير من شرائح تلك المجتمعات بما في ذلك الفئات المثقفة وذات التحصيل العلمي المتميّز.. وعندما تتجاوز تكلفة الشعوذة والدجل في الدول العربية عشرة مليارات دولار في الوقت الذي تنوء فيه أكثر تلك الدول تحت عجز ميزانياتها ويشكو أكثر مواطنيها من الفقر الذي يعصف بأحوالهم فإن الأمر يصبح ظاهرة تستحق التوقف عندها.. لاسيما بعدما دخلت هذه الظاهرة عصراً جديداً مع استخدامها التكنولوجيا العصرية والتقنيات الحديثة ليصبح الدجل الفضائي المتلفز آخر صيحات المشعوذين والدجالين لقدراتهم العلاجية الخارقة والقائمة على ما يشبه أنظمة الاستشعار عن بعد التي تمكن أولئك الدجالين من استقراء أزمات المرض بمجرد الاتصال الهاتفي أو رسائل مسجات الـs.m.s ليأتيهم الحل الذي عجز عن إيجاده الأطباء وعلماء النفس وغيرهم.. وقد جذبت هذه التجارة الرائجة الكثير من الدجالين والمشعوذين بتزايد انتشار بعض الخرافات التي يروّجها أولئك الدجالون في أوساط متعدّدة.. بحيث لم تعد تقتصر تلك الخرافات على طبقة اجتماعية أو ثقافية أو فئة وجنس بعينه من دون الآخر.. ورغم أنه يحلو لمعظمنا أن ينكر علناً وجود تلك الخرافات أو تصديقها وينفي إيمانه بها خوفاً من اتهامه بالجري وراء الخزعبلات.. إلا أن الواقع يشير إلى انغماس تلقائي للكثيرين في ذلك الواقع.
والفضائيات لها اليد الطولى في انتشار تلك الظاهرة.. إعلان برّاق يشدّك إلى إحدى الفضائيات.. ويقول الإعلان: إن أحد منجّمي الفضائية هو العجيبة السابعة.. ويتواكب ذلك مع اتصالات مفبركة يظهر فيها المنجّم قدرة على اكتشاف خفايا وخبايا المتصلين وهوياتهم حتى تفاصيل دقيقة في حياتهم.. وهي دعاية ذكية أوقعت الكثيرين في فخها.. مع العلم أن سابع العجائب افتضح أمره بعدما اختلف مع مديرة أعماله التي كشفت عن بعض الاتصالات المركبة مع أشخاص معيّنين يتقاضون مبالغ مالية عن أدوارهم الدعائية.. كما كشفت عن خلافات بين المنجم المذكور وبين المحطة التليفزيونية التي لم تحصل على نسبتها من عائدات التنجيم والشعوذة التي أصبح المنجّم يمارسها في مكتب خاص استقل به عن الفضائية.. بل إن المنجّم راح يحطّ من قدر زملائه في المهنة الذين يقدّمون برامج مماثلة.. وهو ما أشعل فتيل حرب كلامية واضحة يعرّي فيها كل منجّم غيره ويدعي جهل الآخرين.. وهي اتهامات تؤكد الدجل والابتزاز اللذين يمارسان على البث الفضائي الذي يجتاح كل بيت.
نعلم أن البشر لديهم نزعة حب الاستطلاع والفضول لمعرفة المستقبل.. وتدفعهم للجري وراء المجهول خاصة ممن يمرّون بظروف صعبة لا يجدون منها مخرجاً إلا باللجوء إلى الخرافات التي تجعلهم أكثر رضاءً.. وهذا لا يقتصر على فئة دون أخرى بل يستقطب حتى من يعتلي أرقى الدرجات العلمية.. وبالأخص الشعب العربي الذي يعتبر شخصية قابلة للانقياد فيسهل التأثير عليها.. وهو ما جعل المختصّين يصنّفون الشعب العربي بأنه تحكمه العاطفة.. لذا نجد الدجل والشعوذة ظاهرة متفشية في المجتمعات العربية.
ومن المؤسف أنها قد عادت بشكل واسع وخطير بين مختلف الأوساط الاجتماعية.. ويعتقد الأفراد في صحتها إلى درجة تصل إلى حدّ التسليم الكامل بها.. ووجود تراث اجتماعي سلبي يؤدي إلى اعتقاد خاطىء بأن المنجّم يعرف المستقبل ويساعد الإنسان على تحقيق أحلامه وطموحاته.. وينمي تلك الظاهرة وجود رغبات وتطلعات كبيرة لدى الإنسان لا يسعى لتحقيقها بالعمل الجاد.. بل يلجأ إلى الدجل والشعوذة والاعتماد على الأبراج.. وهناك عدة عوامل أيضاً تساعد على زيادة الثقة في قدرات المشعوذ أو الدجّال أبرزها الموروثات الشعبية الخاطئة التي تؤثر في النفس البشرية.
وللأسف هناك من الأدعياء الكثيرون الذين يزعمون معرفة الغيب وأنهم يستطيعون قراءة الطالع ومعرفة المستقبل.. بل هي اختراعات تهدف إلى النصب والاحتيال على الضائقين بأمور حياتهم والمحبطين والهاربين من الواقع الملموس وذلك للتكسّب وتحقيق الأرباح المادية.. والحقيقة أن المنجّم يكون لديه شيء من الفراسة والقدرة على معرفة الضيف القادم ليشكو إليه ومن خلال طرح الأسئلة عليه يتعرّف على بعض المعلومات الصحيحة.
ومن ثم يجعل المنجّم إجاباته تدور حول المعلومات التي توصّل إليها ما يبهر الضيف ويجعله يصدّق أن لدى المنجّم القدرة على معرفة الغيب والمستقبل بالفعل.. وهذا الأمر يجعل المنجّم أكثر شهرة وسمعة إعلامية يقوم المنجّم بإثارتها حول نفسه.
لكن اللجوء إلى السحرة والمشعوذين من أكبر الأخطاء.. واللجوء إليهم يدل على ضعف الوازع الديني.. والاعتقاد بالموروثات الشعبية الخاطئة.. فالغيب لا يعلمه إلا الله جلا وعلا.. لذلك حثنا الإسلام على محاربة الدجّالين والمشعوذين والسحرة والابتعاد عنهم والاعتماد على الله سبحانه وتعالى فهو وحده القادر على منح الخير ودفع الضرر.. وعليه لابد أن نحذر من قراءة الأبراج التي تأخذ حيّزاً من الصحف اليومية.. ويعتاد الكثيرون قراءتها والتأثر بها تأثيراً شديداً فيتفاءلون أو يتشاءمون بما يرد فيها.
وبما أن تلك الظاهرة تجتاح المجتمع بكل فئاته الآن وهو ما يستلزم وقفة جادّة للتصدي لها عبر حملات إعلامية بجميع الوسائل الإعلامية من خلال المشاركة الفعالة والإيجابية للمؤسسات الدينية والاجتماعية والعلمية.
|
0📊0👍0👏0👌 |