خريج الإعلام والخبرة المطلوبة
عبدالرحمن عبدالعزيز الهزاع
لدينا في جامعاتنا العديد من أقسام الإعلام، وفيها تخصصات تشمل الإذاعة والتلفزيون، والصحافة، والعلاقات العامة وغيرها، وهي تخرج في كل عام أعداداً كبيرة تدفع بها إلى سوق العمل. في الجانب الآخر لدينا مؤسسات إعلامية كبيرة حكومية وخاصة، هي الحاضن الأساسي المفترض لهؤلاء الخريجين ولكنها تبحث عن قدرات لديها المؤهل ورصيد لا بأس به من الخبرة العملية، ولكن هل تحقق شيء من ذلك بشكل مقبول، وتحول إلى واقع فعلي في جامعاتنا ومؤسساتنا، ورأينا شباباً يلتحقون بهذه المؤسسات وهم يحملون قدراً كافيا من الخبرة ؟. الواقع يقول: إن هناك فجوة كبيرة بين الجانبين تزداد اتساعاً مع مرور السنوات، وهي بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى من يردمها، ويقرب المسافات.
أولى الخطوات التي يمكن تبنيها في هذا الشأن هو اللقاء المباشر بين ذوي الاختصاص وصنّاع القرار في الجهات الأكاديمية والإعلامية للبحث عما يمكن فعله بشكل جاد بعيداً عن التنظير. كانت هناك محاولة لمثل هذا اللقاء قبل عدة سنوات تبنتها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المنطقة الشرقية، وعقد لقاء ضم رؤساء أقسام الإعلام في الجامعات السعودية ومسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام. خلال ذلك اللقاء طرحت تصورات إيجابية وأفكار قابلة للتطبيق في كيفية تحقيق الاستفادة الثنائية بين الجهات المعنية باستقطاب خريجي أقسام الإعلام. انتهى اللقاء إيجابيا على الورق ولكن مع الأسف لم تكن هناك أي متابعة من كلا الجانبين إلى اليوم.
في الأسبوع الماضي كان لي لقاء مع معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الاستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل، وقد دار الحوار في معظمه عن الإعلام ومخرجاته بين التنظير والتطبيق وكيف يمكن تزويد طلاب أقسام الإعلام بالخبرات العملية المناسبة، وإنتاج برامج مشتركة إذاعية وتلفزيونية يساهم فيها متخصصون من الجانبين، ويتم عرضها لدينا في الهيئة تحفيزاً للطلاب. ومن الأفكار التي تم التطرق لها أيضاً إمكانية استفادة الطلاب القصوى من التجهيزات الإعلامية الموجودة لدى الهيئة، وفق جداول معينة، لزيادة جرعة الجانب العملي.
في نهاية اللقاء كان هناك اتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لوضع تصور لمذكرة تفاهم شاملة يتم بموجبها تفعيل الجانب العملي لدى طلاب قسم الإعلام وإتاحة فرص تعاون الخريجين مع الإذاعة والتلفزيون، واستقطاب المتميزين منهم، إضافة إلى انتاج برامج مشتركة في استديوهات الجامعة أو الهيئة.
مثل هذه الخطوة، إن كتب لها النجاح، وأنا متفائل بنجاحها إن شاء الله، ستكون نموذجاً لخطوات أخرى مماثلة مع العديد من الجامعات في المملكة التي لديها أقسام إعلام متخصصة، مما يساعد على توفير كوادر سعودية مؤهلة وقادرة على العمل والعطاء في وسائل إعلامنا التي هي بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لكل مبدع ومتميز.