شرارة الإنجاز بين الدافع والمانعآخر
الصفحة
AINISSERIANO13

  • المشاركات:
    7952
مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
عضو فريق العمل
AINISSERIANO13

مشرف مطبوعات وصحافة وإعلام
عضو فريق العمل
المشاركات: 7952
معدل المشاركات يوميا: 1.3
الأيام منذ الإنضمام: 6236
  • 17:04 - 2025/01/31


شرارة الإنجاز بين الدافع والمانع
هشام محمد سعيد قربان


"تَنْقَدِحُ شرارةَ الإنجاز الناجح حين يَقْوَى الدافع ويضعُف المانع"؛ هذه مقولة سمعت ما يشبهها منقولة، خلال استماعي لمحاضرة تُحلِّل بعض أحداث التاريخ من منظور علم الإدارة الحديث، ولم يذكر ناقلُها مصدَرها، ولا أعرف قائلها الأصلي، كتب الله أجرهم جميعًا، ولقد أعجبتني حين تأمَّلتُها، ورأيت نفعها في تحليل أحوال شتى، فاستوحَيتُ منها دروسًا مفيدة، ورغِبت في أن أنبِّه إليها من خلال شرحها، وعرض تطبيقات مبسطة ومُستَنْبَطَةٍ منها.

بادئ ذي بدء، أوافق من يعترض على هذه المقولة قائلًا: إن معادلة الإنجاز والنجاح لَهي أعْقَدُ من أن تُختزل في قوتي الدافع والمانع، وهذا الاعتراض - مع وجاهته - لا ينقص كثيرًا من فائدتها النسبية، فما زلت أرى فيها ميزانًا مبسطًا ومقرَّبًا ينفع في تحليل وتعليل بعض الأحداث الفردية والجماعية تحليلًا أوليًّا، ولعله في ظني لا يبتعد كثيرًا عن مسار التحليل الأكمل، وأزعُم هنا أن ربنا عز وجل ذكر في كتابه العزيز جوهرَ هذه المقولة، حين حديثه سبحانه وتعالى عن سُنَّة التدافع بين الحق والباطل، وطلب الفلاح في الدارين.

أرى أن أهم محاور هذه المقولة أربعة:

1- الدافع للعمل والإنجاز، وقد تتعدد مصادره من الداخل والخارج، وهو في حالة منافسة مع المانع، وجبهات عمل الدافع متعددة؛ ومن أهم هذه الجبهات:

‌أ- حالة من الوعي من قُوى الدفع بالدافع وعيًا مؤصلًا ومستمرًّا ومتجددًا.

‌ب- وضع الأهداف وبلورة خطة العمل.

‌ج- المراقبة والمحاسبة والتصحيح.

‌د- التعريف بالمانع والتحذير منه والتجهيز لدَحْرِه، ويضاهي هذا النهي عن المنكر بالتعريف بالمنكر.

2- المانع للعمل والمعيق للعمل والإنجاز، وهو كسابقه قد ينبعث من الداخل أو الخارج، وينافس الدافع في التأثير والضغط، وينبغي التنبيه إلى أن المانع ليس بالضرورة عملًا فوضويًّا ومبعثرًا، وغيرَ متَّحِدٍ، وغير متراكم، كما يتصور البعض منا أو يُخيَّل إليهم، بل إننا نشهد في عالمنا قديمًا وحديثًا أن المانع للحق له في كثير من صوره أحلافٌ يَنْضَوُون تحت عمل مؤسسي مخطط ومنظَّم ودؤوب، ولعل مصطلح الجاهلية المنظَّمة يَقدَح زِناد الفكر والتأمل، فحريٌّ بنا ألَّا ننسى أن التواصي بالخير - بصفته دافعًا - يقابله ويضاده تواصٍ بالشر - بصفته مانعًا - والمانع كذلك يعمل ويؤثر في جبهات؛ من أهمها:

‌أ- حالة من الوعي من قوى المنع بالمانع وعيًا مؤصَّلًا ومستمرًّا ومتجددًا، نظير هذا وعي إبليس الباطل، وهو ما نذره إبليس على نفسه من غواية الخلق بالشهوات والشبهات، والوسوسة والتزيين والتلبيس.

‌ب- الأهداف وخطة العمل.

‌ج- المراقبة والمحاسبة والتصحيح.

‌د- التعريف بالدافع والتحذير منه والتجهيز لدحره، ويضاهي هذا نهي المنافقين والمفسدين عن المعروف بتشويهه وأهله.

3- ميزان القُوى بين عامل الدافع وعامل المانع، فهما في تدافع مستمر، والعلاقة بينهما عكسية بحيث يقوى أحدهما بضعف الآخر، فمثلًا إذا زادت قوة الدافع، واستمرت في التقوِّي، فستصل إلى مقدار يضعف أمامها قوة المانع، والعكس لهذا المثال صحيح أيضًا.

4- نتيجة الموازنة وجهة التدافع بين العاملين، وهي على أحوال واحتمالات محدودة:

‌أ- أن يفوق الدافعُ المانعَ، فتكون النتيجة تقدمًا في صالح الدافع للعمل والإنجاز، وأمَاراتُ هذه الموازنة ظهور أوائل بعض ثمر الإنجاز، التي ما زالت تحتاج مزيدًا من الرِّيِّ والرعاية والدفع، لتنضج وتَيْنَعَ.

‌ب- أن يفوق المانعُ الدافعَ، وأمارات هذا الرُّجحان لجهة المانع عدة؛ منها مثالًا وليس حصرًا: تراجع مساحات النفوذ والتأثير للدافع لصالح المانع، أو جمود مستوى الإنجاز للدافع وتراجعه تدريجيًّا.

‌ج- أن يستوي المانع مع الدافع فلا ترى تقدمًا لأحدهما، وهنا يبدو الوضع هادئًا، ولكنه في حقيقته محتقن، وجاهز لحدوث انقلاب ورجحان سريع لأحد العاملين عند تراخي الطرف الآخر وغفلته، ولعل أحد الطرفين يغتر في هذه الحالة بالهدوء النسبي، وبتوقف ما يبدو له من حركة غريمه، ويعزو ذلك إلى جهده، ويتناسى أن هذا الضغط المزدوج سلاح ذو حدين، فهو له وعليه، ويكون له إذا زاد في ضغطه لكي ترجح الأمور إلى جهته، وقد يكون وبالًا عليه إذا اغترَّ وغفَل وتراخى عن ضغط خصمه.

تطبيقات لهذه المقولة على مستوى الفرد:

تطبيق 1:

1- إذا أردت إنجاز أمر وهدف مهم وذي شأن، فلن تبدأ رحلة الإنجاز المثمر حتى يتوفر بداخلك دافع قويٌّ، تفوق قوته قوة المانع، سواء كان داخلك أو خارجك؛ مثال المانع الداخلي: الكسل، التسويف، الفوضى، الخوف، ومثال المانع الخارجي: حسود، وعدو، ومثبط، وشُكُوك، ومُشكِّك وصديق سوء...

2- وإذا لاحظت بطئًا في حركتك، أو جمودًا، فتأمَّل قوة المانع لعملك، فلعلها زادت حتى غلبتك لضعفك، أو بسبب آخر في داخلك وخارجك.

3- وبعد تشخيص ومقارنة قوى الدافع لديك، والمانع لك، عليك أن تعمل على جهتين؛ هما: تقوية دافعك، وإضعاف مانعك، وهي صورة تضاهي التحلية والتخلية في تأديب النفس، والارتقاء بالسلوك بنور الشريعة.

4- فمثلًا: ستقرر أنك تحتاج تنظيمًا لوقتك، وترتيبًا لمهامك، وتجديدًا وتقوية لوعيك، ووسطًا معينًا لك، ومثالًا مُلهمًا تحتذيه، ولعلنا نجد تقريرًا مضاهيًا لهذا؛ في قول ربنا عز وتقدس في علاه: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]، وهذا يعني تقوية الدافع بأسباب؛ منها الصحبة الصالحة، والمصابرة على مصاحبتها، وعدم الالتفات عنها إلى إغراء مانع الهوى بداخلنا، أو مانع صاحب السوء في خارجنا في مواطن الغفلة.

مثال: موازنة الدافع والمانع بين حالين: يحضرني في هذا السياق قصة نضال ملاكم مشهور:

أ‌- بدأ هذا الملاكم من كونه مغمورًا معدمًا ومثقلًا بالديون والهموم، حتى أصبح مشهورًا وثريًّا.

ب‌- ففي بدايته كان دافعه قويًّا جدًّا، فلقد كان - كما ذكرنا - معدمًا مغمورًا فقيرًا تتحداه ظروف قاسية، فانبثق أملٌ واعد في دربه، حينما تعلَّم رياضة الملاكمة، وأخلص في التدريب والتجهيز للمنافسة؛ لأنه رأى فيها حبلَ نجاة له من فقره ومصاعب حياته، وكان مثله كهارب من أسَدٍ يقفز قفزة عجيبة لكي ينجو بنفسه، قفزة ما كان ليَقْوَى أن يقفزها، لولا قوة الدافع لديه؛ أي رغبته في الحياة، وضعف المانع لهذه القفزة؛ من التردد والخوف من كسر العظام، والفشل والشك في قدراته.

ت‌- فأبلى هذا الملاكم المغمور بلاء حسنًا، وغير متوقع، حين منافسته لملاكم عالمي مشهور، وفوزه عليه، وحيازته للقب العالمي، وسبب فوزه هنا قوة الدافع لديه، وكأن لسان حاله يقول: هذه فرصتي لأكون شيئًا عظيمًا، وأنا في شديد الحاجة واللهفة لهذا، وليس لدي ما يمنعني أو يضعفني، فإما أن أكون كما أتمنى أو لا أكون، وحتى لو سقطت أرضًا، فعليَّ أن أقوم من سقطتي، وأقاوم آلامي وجروحي، فهذه فرصتي ولهفتي للخروج مما أنا فيه عظيمة جدًّا، وزوجتي وأولادي يثقون فيَّ، ويَعْقِدون على فوزي آمالًا عِراضًا.

ث‌- وبعد عدة سنوات من اشتهار هذا الملاكم وفوزه في منافسات دولية عدة، وحيازته لجوائز جزيلة، وألقاب عالية، أثرى كثيرًا، واشترى قصورًا شامخة وعربات فخمة، وأصبح يأكل لذيذ الطعام، ويلبَس الثياب الفاخرة، ويخالط أثرياء المجتمع، وواصل مسيرته الرياضية لسنوات، ولكن حاله بدأ في التغير ونجمه بدأ في الأفول، فما الذي حصل؟

ج‌- انظر ما حصل لملاكمنا الذي أصبح ثريًّا ومشهورًا، تخطُب وُدَّه شركاتُ الدعاية والإعلان، وتدفع له الأموال الطائلة لمجرد ظهوره في حفل أو لقاء، وحتى دخله من مشاركاته في المنافسات الرياضية في مجال الملاكمة أصبح مضمونًا، فبمجرد دخوله في منافسة على اللقب يحصل – بسبب شهرته – على عدة ملايين من الدولارات مضمونة له، سواء فاز في المنافسة أو خسر.

ح‌- وحينما سقط ملاكمنا بعد اشتهاره وثرائه في إحدى المنافسات أمام خصمه، بدأ الحكم في العد كعادته من العدد 1 إلى العدد 10، وتوقع الجمهور أن ملاكمهم البطل سينهض كعادته من كبوته عند الرقم 4 أو 5، ويواصل صموده المعروف حتى الفوز، لكن ملاكمنا لم يقُمْ من سقطته، وأنهى الحكم العدَّ إلى العدد 10، ودقَّ الجرس، وأُعلِن فوز خصمه عليه بالضربة القاضية وخسارة ملاكمنا.

خ‌- ما الذي حصل؟ إن مهارات الملاكم لم تتغير، وخبرته ازدادت، ولكن شيئًا ما بداخله تغير، نعم، فلقد ضعُف الدافع لديه، وهو اليوم ليس ذلك الفقير المعدم الذي لا يملك ثمن عشائه، ولديه لهفة عارمة، ودافع عملاق للنجاح، فلقد أضحى اليوم ملاكمًا مشهورًا، ودخلُه من هذه المنافسة مالٌ طائلٌ مضمونٌ له سواء فاز أو خسر، فحينما سقط أرضًا في إحدى منافساته الأخيرة، لم يكن بداخله ذات الدافع الذي كان لديه في بداياته حينما كان معدمًا مفلسًا ومغمورًا، نعم، لقد ضعف الدافع بداخله، ولا ملامة عليه فشتَّان بين الحالين والدافع في كل منهما.

التطبيق رقم 2:

إن ملاحظة قوة الدافع لدينا أمر في غاية الأهمية، وهذا يمهد لموضوع مهم آخر؛ وهو الحفاظ على قوة الدافع وتجديدها، وإذكاء نارِها في كل المراحل، وهذا مبحث مستقل لعلي أزوره وأفصِّله لاحقًا في مبحث مستقل، ولمزيد من الإيضاح هنا أضرب له مثلًا قبل ختام البحث.

الحفاظ على قوة الدافع وتجديدها:

حينما يضعف دافع المرء، ويقوى المانع، تظهر عليه علامات تشير لِما حصل، ولعل صاحبها لا يشعر بها ابتداء، ولكنه يشعر بها بعد حين، وعندها يتصارع إنكار وتبرير النفس الأمَّارة بالسوء (المانع)، مع النفس اللوامة (الدافع)، وعندما تتغلب اللوامة تلسع صاحبها بسِياط الندم والحسرة، فتُشْرِق أنوار التوبة، وتمدها آمالٌ للتصحيح وإرجاع الحال إلى أفضل مما كان، فيعاهد صاحبنا نفسه على أن يهجر كل مانع يُضْعِفه، ويقوي دافعه بصدق التوبة، والتوكل على الله، والأخذ بأسباب تقوية الدافع؛ من صحبة صالحة، وعلم نافع، وتزكية للنفس في العبادة، وإشغال للنفس في الخير، واقتداء بمثل أعلى، واهتداء بسير الصالحين وهَدْيِهم.

العلاقة بين قوة الدافع وتحدي الأهداف:

وفي أحيان أخرى لا يكون ضعف الدافع نتيجة لسبب واحد فقط هو قوة المانع، فقد يضعف الدافع بسبب تضاؤل الأهداف المرصودة، التي ضعُفت بسبب مرور الزمن والأحوال، فيصبح حال المرء حين تتضاءل الأهداف أمامه كلاعبِ هجومٍ في مباراة رياضة الكرة، يرى غياب لاعبي الدفاع وتلهِّيهم عنه، ويعرف يقينًا بغياب حارس المرمى وعمى الحكم وصممه، فبالله عليكم أخبروني، كيف تكون قوة الدافع لدى لاعب الهجوم هذا في هذه الحال؟ أتراه مضطرًّا للركض المرهق، والمناورة الخطرة، ليصل إلى المرمى الفارغ؛ حيث لا دفاع ولا حارس ولا حكم؟ لا غَروَ أن الدافع يضعف حين يتضاءل ويهزل الهدف، ويغيب التحدي، وفي هذه الأحوال على المرء أن يعلي أهدافه بين الفينة والأخرى، حتى يعظُمَ التحدي، ويقوى الدافع والحماس، ويستمر الصعود.

أختتم بهذا القدر هذا المبحثَ المفيد، لكي لا أطيل على القارئ، وأعِدُ نفسي وإياكم بمواصلة الحديث بمزيد من التفصيل مستقبلًا إن شاء الله تعالى، ولعل القرَّاء يثرون هذا المبحث ويسُدُّون خلله بتعليقاتهم وتجاربهم، وأسأل الله عز وجل أن يقوي دافعنا لرضاه وجنته، وأن يضعف ويدحر كل مانع يُبعدنا عن نظره ومحبته، آمين.

0📊0👍0👏0👌
الزير المغدور شخصيا

  • المشاركات: 70419
    نقاط التميز: 150383
أفضل عضو لشهر الماضي بمنتدى الشبكات الترفيهية
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
الزير المغدور شخصيا

أفضل عضو لشهر الماضي بمنتدى الشبكات الترفيهية
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
المشاركات: 70419
نقاط التميز: 150383
معدل المشاركات يوميا: 15.8
الأيام منذ الإنضمام: 4468
  • 18:06 - 2025/01/31
السلام عليكم ورحمه الله
موضوع في غايه الروعه ومميز
واصل تالقك في المنتدي ننتضر منك كل
جديد ومفيد لاتحرمنا من مواضيعك الجميله
بارك الله فيك وبجهودك
0📊0👍0👏0👌
أحساس غالي

  • المشاركات: 6145
    نقاط التميز: 7386
أفضل عضو بالمنتدى الإسلامي العام
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
عضو فريق العمل
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى اللغات واللهجات
أحساس غالي

أفضل عضو بالمنتدى الإسلامي العام
أفضل عضو بمنتدى سير الأنبياء وأعلام الامة
عضو فريق العمل
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى اللغات واللهجات
المشاركات: 6145
نقاط التميز: 7386
معدل المشاركات يوميا: 42.1
الأيام منذ الإنضمام: 146
  • 20:48 - 2025/01/31

تطفو على سطح الحياة البشرية أحيانًا العديد من الدوافع التي تدفعنا نحو أهدافنا، لكنها لا تلبث أن تتقاطع مع معوقات وموانع تصنع فينا تساؤلات ومشاعر مضطربة. وبين هذا وذاك، تنشأ تلك الشرارة الصغيرة التي قد تكون خفية، لكنها تحمل بين طياتها قدرة هائلة على إحداث التغيير. شرارة الإنجاز، تلك اللحظة التي تجتمع فيها الرغبة العميقة في النجاح مع الفرص المتاحة، تكون دوماً متأرجحة بين قوتين متضادتين: الدافع الذي يحفزنا للاستمرار، والمانع الذي يسحبنا إلى الوراء، ليجعل من الإنجاز ليس مجرد وجهة، بل رحلة مليئة بالصراع والمقاومة.

الدافع، ذلك الشرارة المتوهجة في دواخلنا، هو الذي يوقظ فينا القوة الكامنة ويشعل في أرواحنا لهيب الطموح. إنه الحافز الذي يجعلنا نغض الطرف عن العقبات التي تعترض طريقنا، ويجعلنا نشعر بأن كل خطوة نخطوها هي خطوة نحو هدف يلامس السماء. لكن، في ذات الوقت، تأتي الموانع كمحطات لتوقفنا وتجعلنا نعيد التفكير في المسار، تتسلل إلى عقولنا الأفكار التي تشكك في جدوى ما نفعله، وتكبح أحيانًا عزمنا. وعندما لا نتمكن من تجاوز هذه الموانع، يصبح الإنجاز بعيد المنال، لا لأنه غير ممكن، بل لأننا أنفسنا قد أصبحنا الأسرى في سجون التردد والتشكك.

تبدو رحلة الإنجاز وكأنها مسرح تلتقي فيه معركة الضياء والظلال. حين يتجسد الدافع في صورة حلم بعيد، نجد أن المانع يأتي على هيئة أصوات، تهمس في أذن كل منا، تخلق حالة من الارتباك والمخاوف التي تهدد الاستمرار. فبينما يقودنا دافعنا إلى البحث عن ذاتنا العميقة، نجد أن المانع يقف كجدار أمام عيوننا، ملبدًا بالشكوك والهمسات التي تخمد بداخلنا شعلات الأمل. ولكن، هل يمكننا أن نصدق أن الإنجاز لا يتشكل إلا في ظل استقرار الدوافع؟ أم أن الإنجاز الحقيقي يولد من رحم الصراع بين الرغبة والعقبة؟

إن الشرارة التي تشعل الطريق لا تظهر دائمًا في اللحظات السهلة، بل هي تشتعل أحيانًا في أعماق المحن والتحديات. فتلك الموانع التي تقف أمامنا ليست سوى معايير نختبر من خلالها قوتنا الداخلية، وقدرتنا على تجاوز الحدود. هي ليست نهاية الطريق، بل هي فترات انتقالية تعيد تشكيل دوافعنا، وتولد في داخلنا القوة اللازمة لإكمال المسير. لذا، قد يكون الإنجاز ليس نتاجًا لدافع وحده، بل هو امتزاج معقد من الموانع والدوافع التي تتشابك مع بعضها البعض.

وفي هذا السياق، أود أن أعبّر عن شكري العميق لكاتب هذه الأفكار الملهمة. إن طرحك لهذا الموضوع بهذا العمق يفتح أمامنا أبوابًا للتفكير العميق والواقعي في معركة الإنجاز، مما يجعلنا نرى أن الفشل ليس سوى تجربة، وأن النصر ليس النهاية بل هو بداية جديدة. لقد استطعت ببلاغتك العميقة أن تضيء لنا جوانب غير مرئية من تجربتنا الإنسانية، وتعلمنا أن النضوج الحقيقي في الإنجاز يأتي عندما نتعلم كيف نحتضن الموانع ونتحدى بها حدودنا.

#الدافع_والمانع
#الإنجاز_والتحدي
#قوة_الشرارة

0📊0👍0👏0👌
ramiraji

  • المشاركات:
    414510
مشرف دردشة وفرفشة
مشرف التنمية البشرية
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى مطبوعات وصحافة
أفضل عضو لهذا الشهر في منتدى مجالس الأعضاء
أفضل مشرف بقسم تعارف ودردشة للشهر المنقضي
ramiraji

مشرف دردشة وفرفشة
مشرف التنمية البشرية
أفضل عضو للشهر المنصرم بمنتدى مطبوعات وصحافة
أفضل عضو لهذا الشهر في منتدى مجالس الأعضاء
أفضل مشرف بقسم تعارف ودردشة للشهر المنقضي
المشاركات: 414510
معدل المشاركات يوميا: 57.7
الأيام منذ الإنضمام: 7180
  • 00:55 - 2025/02/01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع رائع و هام يحتوي على معلومات قيمة و جميلة
بوركت يمينك التي نشرك و بيان فكرك الذي انتقى
بانتظار جديدك دوما
لك كل تحية و تقدير
0📊0👍0👏0👌
ILifeMyKaRaM

  • المشاركات:
    409407
مشرف المغتربون والهجرة
مشرف العلوم الهندسية
ILifeMyKaRaM

مشرف المغتربون والهجرة
مشرف العلوم الهندسية
المشاركات: 409407
معدل المشاركات يوميا: 254.6
الأيام منذ الإنضمام: 1608
  • 07:21 - 2025/02/01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلومات رائع ومواضيع مميز وابداع التي قدمتها لنا
وتسلم الايادي التي ابداعت في هذا المشاركة
اتمنى لك التوفيق ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
واتمنى ان تعم في كل ما هو جديد ومفيد للجميع ان شاء الله بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل كوجـودك المتواصـل والجميـل معنا
تحياتـــي الحــار وجزاك الله خير وجعل عملك حسنة تانية لك بالتوفيق تسلم الايادي لتستفيد وتفيد اعاني الله مليون رد مشاركة
تسلم اليد لي رسمت مشاركاتك الرائعة
لك تقبل مروري المتواضع
0📊0👍0👏0👌
MIROU DTN

  • المشاركات: 567446
    نقاط التميز: 682826
عضو أساسي
MIROU DTN

عضو أساسي
المشاركات: 567446
نقاط التميز: 682826
معدل المشاركات يوميا: 519.2
الأيام منذ الإنضمام: 1093
  • 11:10 - 2025/02/01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسلــم الأيــــادي على الإنتقـــاء المميز والقيـــم
وبارك الله فيك على الطرح الرائـع وجزاك الله خيرا
لمـــا تقدمــــه من مجهــــودات طيبـــة .
واصل تميــــزك وتألقـــك ، في إنتظــــار جديـــدك
تحيـــــــاتي
0📊0👍0👏0👌

الرد على المواضيع متوفر للأعضاء فقط.

الرجاء الدخول بعضويتك أو التسجيل بعضوية جديدة.

  • إسم العضوية: 
  • الكلمة السرية: 

 شرارة الإنجاز بين الدافع والمانعبداية
الصفحة